أعلنت السلطات التركية أمس، اعتقال 18 مشبوهاً غداة هجوم إزمير وأصرت على اتهام «حزب العمال الكردستاني» بالوقوف وراءه. وأعادت أنقرة التأكيد أن أجهزتها تفادت كارثة أكبر في إزمير، مشيرة الى أنها «تدفع ثمن» اتخاذ الولايات المتحدة فصيلاً كردياً – سورياً، شريكاً في الحرب ضد تنظيم «داعش». وقال وزير العدل التركي بكير بوزداغ: «ليس لدينا أدنى شك في تورط حزب العمال الكردستاني في الهجوم الإرهابي» الذي وقع أمام محكمة إزمير وأسفر عن مقتل شخصين وجرح عشرة آخرين، بعد تفجير سيارة مفخخة وتبادل لإطلاق النار مع قوات الأمن ما أسفر أيضاً عن مقتل مهاجمين اثنين وهروب ثالث. وأضاف الوزير: «نعرف هوية المنفذين لكننا لن نكشفها الآن بانتظار انتهاء التحقيقات الأولية». وأعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن «بسالة رجال الأمن في التصدي للإرهابيين، حالت دون وقوع هجوم أكبر على المحكمة وسقوط العشرات من القتلى». واعتبر أن مخطط الهجوم كان يهدف الى عملية تشبه ما حدث في ملهى «رينا» في رأس السنة وقتل العشرات. وربط أردوغان مجدداً بين ما تتعرض له تركيا من عمليات إرهابية وبين عملية «درع الفرات» التي تقوم بها في شمال سورية، قائلاً إن «هجماتهم لن تثنينا عن المضي قدماً في عمليتنا في شمال سورية، ومنذ أن دخلنا جرابلس والراعي والباب، فإن خسائرهم تزداد بكثرة، ويقتل منهم عشرة في مقابل كل جندي يقتل منا هناك». واعتبر وزير الدفاع التركي فكري إشيق أن «تركيا والمنطقة تدفعان ثمن اختيار الولايات المتحدة لفصيل كردي- سوري شريكاً في الحرب ضد تنظيم «داعش». وقال إشيق لقناة «خبر ترك» إن واشنطن تقدم أسلحة الى «وحدات حماية الشعب» التي تعتبرها أنقرة إمتداداً لـ «الكردستاني»، لكنه امتنع عن اتهام أميركا بالرغبة في تأجيج الإرهاب في تركيا. كذلك قال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدرم إن الإجراءات الأمنية التي اتخذتها الشرطة وقوات الأمن أحبطت «كارثة مهولة» في إزمير (ثالث مدن تركيا)، مشيراً الى توقيف سيارة المهاجمين عند نقطة للتفتيش، ما أدى إلى تفجيرها ومقتل شرطي وموظف في محكمة. وكشفت مشاهد فيديو للهجوم أن الشرطي فتحي سكين طارد المهاجمين لمئة متر وأردى أحدهم قتيلاً وجرح آخر، قبل أن ينفد الرصاص من مسدسه، فأطلق عليه مسلح النار وقتله على الفور. وشيّع سكين في جنازة رسمية أمس، بعدما أعلنته السلطات «بطلاً شهيداً»، وقال المحققون إنه لولا جرأته ومطاردته المسلحين، لتمكنوا من دخول المحكمة وقتل العشرات وربما المئات في داخلها. وأكد رئيس الوزراء التركي الذي كان يتحدث للصحافيين في إزمير أن قوات الأمن مصممة على منع وقوع هجمات مماثلة في المستقبل. وأشار الى أن «الإرهابيين سيحاولون القيام بأعمال جنونية وهجمات انتحارية وحرب غير نظامية، لكن قواتنا الأمنية لن تسمح لهم بالتنفس وستذل أعناقهم». غير أن هذه التصريحات لم تهدئ من غضب الشارع في إزمير التي ظلت في منأى عن توترات أمنية. وحشد «حزب الشعب الجمهوري» المعارض تظاهرة كبيرة في المدينة التي تعتبر معقله، سارت نحو مبنى المحكمة رافعة شعارات منددة بسياسة الحكومة في التصدي للإرهاب، وبالتنظيمات الإرهابية في آن. وفي ظل هذا الجو الأمني المتوتر في تركيا التي باتت تشهد هجمات إرهابية كل أسبوع، نشرت السفارة الأميركية في أنقرة في موقعها على «تويتر» تغريدة اعتبرها رئيس الوزراء التركي «سمجة وغير مفهومة». وتظهر التغريدة صورة لقاء رئيس الوزراء التركي السابق نهاد إريم مع الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون، في إطار التذكير بالصداقة الأميركية- التركية وتاريخها الطويل، علماً أن إريم هو رئيس الوزراء التركي الوحيد الذي تعرض لعملية اغتيال راح ضحيتها عام 1980. وقال يلدرم: «لم أفهم الرسالة من التذكير بهذه الشخصية الآن وفي هذا التوقيت». ويذكر أن السفير الأميركي لدى أنقرة جون باس سيغادر البلاد قريباً بعد انتهاء مهمته الرسمية، وكانت له مواقف صعبة ومتوترة جداً مع حكومة «حزب العدالة والتنمية».
مشاركة :