الكاتب المصري علي عطا يسرد نصا مسكونا بمرارة البوح عبر سارد يقبض على زمام الحكي. العرب [نُشرفي2017/01/07، العدد: 10505، ص(16)] جغرافيا سردية جديدة القاهرة - تدور أحداث رواية “حافة الكوثر”، للكاتب علي عطا، بين القاهرة والمنصورة، وفي مركزها السردي تجربة عاشها بطل العمل داخل مصحة للأمراض النفسية بعد أن تخطى الخمسين من عمره، دفعته إلى الكتابة عن محطات أساسية في حياته، من دون أن يغفل الاشتباك مع الهم العام، وفي قلبه تبعات فشل ثورات الربيع العربي. وفي تلك الكتابة مساحة معتبرة لنماذج من المرضى الذين تضمهم “مصحة الكوثر”، تجسد حضورا مأساويا لمرض الاكتئاب في أوساط المنتسبين إلى ما كان يسمى “الطبقة الوسطى” في المجتمع المصري. والنص مسكون بمرارة البوح وينسال تدفقه السردي في عفوية، عبر سارد يقبض على زمام الحكي، بدءا من لحظات التوتر في المفتتح، والتي تليق بنص متوتر بالأساس على المسارين النفسي والفني. و يتجلى ذلك في الحكي عن المكان المركزي (المصحة) بشخوصها الغارقين في المأساة، والممثلين لمآس تتجاوز ذواتهم المعتلة إلى واقع محمل بالزيف والاستبداد والكراهية، وصولا إلى التوظيف الدال لتقنية الرسائل، عبر خطاب حنان إلى أبيها وبكل ما يحمله من مشاعر غضة وإحساس بحتمية استدراك ما فات. وعن الرواية، الصادرة عن “الدار المصرية اللبنانية”، يقول الناقد يسري عبدالله “إن تعدد لغات الشخوص هنا يحسب للنص تماما: (السارد/ البطل- حامد- حنان- الأطباء بتنويعاتهم، الصغير منهم والكبير- الممرض- الطاهر يعقوب)، ويتماس مع ذلك حضور أسماء واقعية لشخوص حقيقيين وبما يسهم في المزيد من إيهام القارئ بواقعية الحدث الروائي (حلمي سالم/ إبراهيم أصلان)”. ويوضح عبدالله أن إمكانات التخييل في النص تنطلق من مأساويته واستلهامه جغرافيا سردية جديدة ومختلفة، ولعبه في فضاء مكاني مأزوم بالأساس، وأبطاله بالضرورة غارقون في متن الأزمة/ المأساة، فمستشفى الأمراض النفسية هنا براح شائك للسارد، وفضاء مثقل بالمرارة أمام المتلقي، وسياق معبأ بالانكسارات التي يمتزج فيها الخاص مع العام. ويضيف “تأتي المقاطع المتناثرة عن استعادة العوالم الأولى للسارد/ البطل دالة، ليس من كونها وصلا لمساحات التقاطع والجدل ما بين الماضي والحاضر في النص فحسب، ولكن من كونها تقدم التاريخ الشخصي لذات مولعة بالتنفيس عن مآزقها ومآسيها بلا خوف وبلا وجل، فالكتابة هنا تتدرج وصولاً إلى ذلك الجوهر الإنساني الثري الذي يحوي سر الكتابة والفن والوجود في آن”. يذكر أن علي عطا، كاتب وشاعر مصري، صدرت له من قبل ثلاثة دواوين: “على سبيل التمويه” عام 2001 ، و”ظهرها للحائط” عام 2007، و”تمارين لاصطياد فريسة” عام 2013، وله ديوان قيد النشر بعنوان “من يوميات صائد الفراشات”. :: اقرأ أيضاً رامي العاشق: الإنسان أهم من المدن وأقدم وأبقى ترجمة جديدة لكتاب الاستشراق تعيدنا إلى جدل الشرق والغرب بطل ضد نفسه يستبدل لسانه بورقة وقلم طبيب نفسي يتحول إلى سيزيف جديد
مشاركة :