طالب خبراء أمنيون، ونفسيون، وتربويون، بضرورة أن يشهد المجتمع حالة من التكاتف، في سبيل تحصين الشباب، وتوعيتهم ضد مخاطر الفكر التكفيري، والالتحاق بالجماعات الإرهابية، موضحين أن المنهج التكفيري، يحتاج إلى معالجة خاصة، وخطة متكاملة تستوجب تدخل كل فئات المجتمع، وعلى رأسهم العلماء، والدعاة، وأصحاب الفكر، من أجل الاتفاق على منهج موحد لتوعية الشباب، وتحصينهم ضد ما يبث إليهم من المواقع على الإنترنت. وأوجز العلماء عناصر روشتة تحصين الشباب ضد الفكر الإرهابي في 9 خطوات مهمة، منها: تكريس الوسطية ، بالإضافة إلى تأهيل المعلمين، للاهتمام بمنهج الاعتدال ، فضلا عن عقد الندوات التعليمية للتوعية بوسطية الإسلام وسماحته، للطلاب بالتعليم الأساسي والجامعي. خبير أمني: 9 خطوات تضمن الحماية من الفكر التكفيري ويطرح الخبير الأمني، اللواء طلال بن محمد ملائكة، تساؤلا مهما، هو: كيف استطاع تنظيم «داعش» الوصول إلى بعض شبابنا وإقناعهم بفكره الضال؟ وكيف يمكن حمايتهم من ذلك؟ مشيرا إلى أن إجابة هذا السؤال تستدعي ملاحظة أن أفكار تنظيم داعش، لم تصل للشباب فجأة، وإنما جاءت امتدادا لفكر قديم، تأجج وانتشر منذ عقود، تطور على يد تنظيم القاعدة؛ حتى أنتج ما يعتنقه تنظيم «داعش» حاليا، وذلك كله في ظل عامل فكري مشترك، في جميع هذه التطورات، وهو الفكر التكفيري، الذي تستر تحت رداء الإسلام. وأضاف أن هذا الفكر التكفيري، استخدم جميع وسائل الإعلام، للوصول إلى الشباب، الأمر الذي يحتم علينا، معالجة ترسباته الفكرية، التي بثها خلال العقود الماضية، باستخدام ذات الوسائل التي استخدمها، الإرهابيون لتجنيد الشباب. وشدد الخبير الأمني على ضرورة اتخاذ عدد من الإجراءات التي تضمن مواجهة انتشار الفكر المتطرف، ومنها: • تطوير المناهج التعليمية وحذف ما يمكن أن تحتويه من دروس تحفز على التشدد والكراهية • إعادة تأهيل المعلمين وتحذيرهم من تدريس الموضوعات الخاصة بالفكر المتشدد • تحفيز المعلمين على الاهتمام بالدروس الوسطية • عقد الندوات التعليمية التوعوية الخاصة بالدروس الإسلامية الوسطية • تكثيف التوعية للمعلمين والطلاب بالتعليم الأساسي والجامعي • استخدام منابر المساجد في التوعية والتثقيف بخطورة الفكر التكفيري بشكل ممنهج وخطط متزامنة • استخدام وسائل الإعلام التقليدية كالراديو والتلفزيون والصحف في التوعية الاجتماعية بخطورة هذا الفكر • تكليف مراكز البحث الوطنية وأصحاب الخبرات بإعداد دراسات بحثية عن هذا الموضوع للاستفادة منها • توعية الأسر بأهمية مراقبة الأبناء خبيران نفسيان: الجماعات الضالة تستغل رغبات المراهقين في البطولة الزائفة يقول الدكتور هلال بن محمد الحارثي، الباحث في علم النفس، إن ممارسة سلوك التطرف، والإرهاب، من قبل فئة ضالة، غالبيتهم في سن المراهقة؛ يعود إلى عوامل عدة منها ما يرتبط بخصائص نمو مرحلة المراهقة، ومنها ما يعود إلى عوامل الوراثة، والتكوين الجسمي، بالإضافة إلى العوامل المكتسبة المرتبطة بأساليب التنشئة الاجتماعية، والأقران، والظروف المحيطة التي تخلق دوافع نفسية، واجتماعية متناقضة، ومنها الرغبة في البطولة الزائفة. وأضاف أنه مع انتشار، واتساع، دائرة استخدام الإنترنت، ووسائل التواصل الاجتماعي؛ عملت الجماعات المتطرفة المغلقة، على التغلغل إلى أوساط المراهقين، فتجذب من تستطيع منهم، ثم تتحكم في أفكاره بشكل تدريجي؛ إلى أن تتمكن من السيطرة على حياته، واستغلال اندفاعه، وخصائص مراهقته، مشيرا إلى أنهم يبدأون في هذه المرحلة اللعب على وتر الشعور بالبطولة، والشجاعة الزائفة، مستغلين إما شعورا بالدونية، والنقص، في حياة المراهق، أو السلوك الانفعالي الذي يتميز به، والمتمثل في كراهية الحياة، واليأس منها من ناحية، أو الغضب الحاد ضدها من ناحية أخرى؛ الأمر الذي يمكنهم من دفع هذا المراهق نحو ارتكاب أفعال عدوانية ضد المجتمع، متصورا أنه ينتقم بواسطتها من الحياة. ولفت إلى أن هذه الفئات الضالة، تضع الأمور في غير مواضعها، فيفسرون للشباب، ما يرتكبه هؤلاء الهالكون، على أنه من دروب الرجولة، التي لا يقدر عليها سوى الأقوياء، ممن لا يخافون الموت، المدافعين عن العقيدة، والدين، والراغبين في الشهادة بحسب ما يزرعونه في نفوس الشباب من أفكار منحرفة، لا علاقة لها بصحيح الدين، أو المنطق العقلي السليم. وأشار الخبير النفسي، إلى أن بعض هذه الجماعات تلجأ أيضا لمخاطبة غرائز المراهقين، عبر إيهامهم بأن الانضمام إليهم، واعتناق أفكارهم، هو الطريق للفوز بالحور العين في الجنة، مستغلين عدم اكتمال شخصية هؤلاء الشباب، فيستخدمون معهم أسلوب التخويف، والترهيب؛ لإقناعهم بضرورة تقديس أوامر الجماعة، وقياداتها، الذين يعملون لإنقاذ هذه البشرية، من الظلم، والكفر، والطغيان، طبقا لمزاعمهم الباطلة. وأوضح الحارثي، أن عالم النفس الأمريكي، جوردون ألبورت، وهو أحد أوائل علماء النفس الذين اهتموا بدراسة الشخصية، وأحد واضعي أساس علم نفس الشخصية، ابتكر مقياسا للتطرف، والإرهاب، من خمس درجات هي: • الامتناع عن التعبير خارج الجماعة • تجنب التعاطي مع المجتمع • التمييز في المعاملة مع الآخرين • الهجوم على الآخرين • التفكير في إبادة الآخرين بدوره يقول الدكتور حامد الغامدي، استشاري علم النفس، إن المنهج التكفيري يحتاج إلى معالجة خاصة، تستوجب تدخل كل فئات المجتمع، وعلى رأسهم العلماء، والدعاة، وأصحاب الفكر، من أجل الاتفاق على منهج موحد لتوعية الشباب، وتحصينهم ضد ما يبث إليهم من المواقع . وشدد على أهمية دور الأسرة، في متابعة الشاب، والاطلاع على اهتماماته، مضيفا: «ولا ننسى دور المدرسة في التربية والتوجيه، فالشاب يقضي أغلب وقته مع زملائه، وأقرانه، مما يجعل لهؤلاء تأثيرات إيجابا، وسلبا على الشاب، مما يستدعي المتابعة الدقيقة، لأي تغييرات تطرأ على الشاب، وسرعة معرفة سببها، ومعالجته. تربويان يطالبان بتكثيف التوعية والاهتمام بدور الأسرة بدورهما طالب التربويان، أحمد النمري، ومحمد بن عيد الزهراني، بضرورة تكثيف برامج التوعية، بالإضافة إلى الاهتمام بدور الأسرة؛ في حماية النشء. وقال النمري: «لا بد من تكثيف الندوات، والمحاضرات، وخصوصا للمرحلتين الثانوية، والجامعية، داخل المدارس، والجامعات؛ من أجل الوصول إلى الشباب، بنين وبنات، لتحذيرهم من هذه التنظميات الإرهابية، التي تهدف إلى إذكاء روح الفتنة بين الشعوب الإسلامية. واعتبر الزهراني أن الأسرة هي المسؤول الأول عن هذا الجانب التوعوي، عبر القرب من الأبناء، والبنات، وإثراء الحوار المنزلي بينهم، ومراقبة أي تصرفات غير معتادة، ونشر التوعية من خلال القنوات التلفزيونية، ووسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، والإبلاغ الفوري عن حالات الاشتباه، كما أن هناك دورا كبيرا على المدارس والجامعات، أيضا، من خلال زرع الثقافة، والابتعاد عن الأفكار الشاذة، والغريبة، وتنمية حب الوطن في القلوب. أستاذ شريعة: التوعية بنعمة بلاد الحرمين وما تتعرض له من مؤامرات أكد الدكتور ناصر سعود القثامي، أستاذ الدراسات العليا بكلية الشريعة، في جامعة الطائف، رئيس فرع الجمعية السعودية للقرآن الكريم وعلومه، بالجامعة، أن الغلو والتطرف، من الأمور المرفوضة في الشريعة الإسلامية، مشيرا إلى النصوص المحذرة من عواقب الغلو، والتطرف، مصداقا لقول الله تعالى: «قل يا أهل الكتاب لا تغلو في دينكم». وأضاف: «من دوافع الغلو ما يكون من خروج على الحكام، وخلع يد الطاعة، ونبذ الجماعة، وهي مسالك الضلال، فما خلع أحد يدا من طاعة، وخرج عن الجماعة، إلا مات ميتة جاهلية، كما جاءت النصوص عن النبي ﷺ». وتابع: «لا شك أن أعداء الإسلام عموما، وأعداء بلاد الحرمين خصوصا، يسعون جاهدين يؤازرهم الحقد والحسد، المرير على هذه البلاد، وعلى استقرارها، وأمنها، ودعوتها، إلى استغلال جوانب العواطف الدينية، التي يوجهها الجهل، والهوى، والتهور؛ من أجل بث فكر خلع الطاعة، ومخالفة الجماعة، وهو ما أوقع في دماء المسلمين المعصومة، وأعراضهم المحترمة ما نرى اليوم». ولفت إلى أن تنظيم «داعش» استطاع التأثير على بعض الشباب لعدة أسباب منها ما يلي: • وسائل التواصل التي تغفل عنها الأسر فلا تتابع علاقة أبنائها بهذه الوسيلة المفتوحة • إيقاع الشباب في شبهات تزيين العواطف وإظهار الشفقة على المسلمين خداعا وتزييفا خاصة أن من يتعامل على هذه المواقع يستخدم معرفات مجهولة وأسماء وهمية. • العزلة عند بعض الشباب والانطواء وعدم الخلطة مع عدم العلم والمعرفة وهي أمور تهيئ الشباب إلى تقبل كل شبهة مطروحة. وطالب أستاذ الشريعة بالتكاتف في محاربة الفكر الضال، وتجفيف منابعه، مشددا على أنه يجب على العلماء، والمربين، أداء دورهم في النصح، والتوجيه، والتوعية، مع إقدام أصحاب الأقلام والفكر، على الإيضاح، والمحاورة، بالإقناع الشرعي، والفكري الصحيح، مع توعية هذا الجيل بنعمة بلاد الحرمين، ووجوب المحافظة على أمنها، ودعوتها، وخيراتها، وبيان أنها مستهدفة من الأعداء لتقويض الجهود، وهدم الدين، والأمن.
مشاركة :