التصلب المتعدد أو مرض التصلب اللويحي أو التهاب الدماغ أو التصلب المنتثر.. كلها أسماء لمرض واحد، يعتبر من الأمراض الخطيرة التي تؤثر في حالة المصابين بصورة سلبية كبيرة، يصيب الجهاز العصبي في المخ والحبل الشوكي في جسم الإنسان، تكشف الأبحاث أن النساء أكثر إصابة بهذا المرض من الرجال؛ حيث تبلغ نسبة إصاباتهن أكثر من ضعف نسبة الرجال بقليل، وحتى الآن لم تحدد الدراسات ولا الأبحاث الأسباب الحقيقية للإصابة بهذا المرض، أي أن أسبابه لا تزال وغير مفهومة. أرجعت بعض الأبحاث سبب الإصابة بهذا المرض إلى خلل يحدث في جهاز المناعة، يؤثر في أداء ومهام المناعة، بما يؤدي إلى حدوث مضاعفات، ومنها الإصابة بمرض التصلب العام أو المتعدد، وربما تحدث الإصابة بهذا المرض بسبب عدم قدرة الخلايا المتخصصة في إنتاج صفائح المايلين على توفير هذه الصفائح، والتي من وظائفها نقل الإشارات العصبية والكهربائية عبر الجهاز العصبي، فهي خلايا نخاعية تقوم بدور المادة العازلة لشبكة الجهاز العصبي والحبل الشوكي، حتى تساعد على تقوية الإشارات الكهربائية الصادرة من المخ إلى أجهزة الجسم، ما يسبب نوعاً من الخلل الكبير في أداء الجهاز العصبي والإصابة بمرض التصلب العام والمتعدد، وأيضاً نقص المايلين يؤدي إلى حالة من الاضطراب في عملية النبض، مع خلل واضح في وظيفة جذع. العامل الوراثي تذكر الدراسات الحديثة أن من بين الأسباب المرجحة للإصابة بمرض التصلب المتعدد العامل الوارثي؛ حيث أثبتت أن وجود مصاب بهذا المرض في أحد أفراد العائلة على أن يكون من الدرجة الأولى يمكن أن يزيد احتمالات وفرص انتقاله إلى الأقارب من الدرجة الأولى، وقد تم تسجيل إصابة حالات بهذه المواصفات، ولكن ليس هناك تفسير طبي لانتقال هذا المرض عبر الوراثة، ولا كيفية الانتقال من جيل إلى جيل لاحق، كما بينت الأبحاث أن هناك نسباً واحتمالات لإصابة التوائم المتشابهة بمرض التصلب المتعدد، وتصل هذه النسبة إلى ما يقرب من 35%، عند إصابة أحد التوأمين بهذا المرض، تصبح هذه النسبة حقيقية لإصابة التوأم الآخر، وبررت الأبحاث وجود العامل الوراثي من هذه الحالة وهذه النسبة في انتقال المرض، مع عدم معرفة أسلوب وطريقة هذا الانتقال. نمط الغذاء بينت دراسة حديثة أيضاً أن أسلوب ونمط الغذاء له دخل كبير في الإصابة بمرض التصلب المتعدد؛ حيث تبين من خلال هذه الدراسة أن تناول كمية كبيرة باستمرار من الدهون الحيوانية له ارتباط وثيق بالإصابة بمرض التصلب المتعدد، كما أن الأشخاص الذين يتناولون في وجباتهم الرئيسية باستمرار غذاء يحتوي على الأسماك المتنوعة أقل إصابة به، مقارنة بالأشخاص الذين يعتمدون في وجباتهم على اللحوم والطعام الخالي من المأكولات البحرية، كما لاحظت بعض التجارب الاستقصائية أن الأشخاص الذين يهاجرون من مناطق وبلاد قريبة من خط الاستواء إلى مناطق بعيدة عن هذا الخط، تزيد نسبة واحتمالات الإصابة لديهم بمرض التصلب المتعدد، وخاصة الهجرة في سن صغيرة، والسبب أن المناطق القريبة من خط الاستواء نسبة الإصابة فيها بالمرض ضعيفة ونادرة، أما المناطق البعيدة عن خط الاستواء فنسبة الإصابة فيها مرتفعة، مقارنة بالمناطق السابقة، وهذا يدل على أن هناك تأثيراً واضحاً لعوامل البيئة من مكان إلى مكان، وقد أشار فريق من الأبحاث أن الالتهابات المستمرة التي تصيب بعض الأجهزة الداخلية في الجسم قد تسبب احتمالات الإصابة بمرض التصلب المتعدد؛ لأن المتخصصين اكتشفوا أن حالات الأشخاص المصابين بهذا المرض يفرزون كميات ومعدلات كبيرة من الأجسام المضادة في الدم، كما لم تجد الأبحاث روابط بين هذا المرض وبين حالات الإنتان المعروفة. الشريحة السنية تنتشر الإصابة بمرض التصلب المتعدد من سن واحد وعشرين عاماً إلى واحد وخمسين، وكما أشرنا سابقاً يكون أكثر شيوعاً بين السيدات؛ حيث تسبب الالتهابات تدميراً وتلفاً في الصفائح والغشاء العازل، ما يقلل من سرعة الإشارات العصبية والكهربائية الصادرة من المخ لباقي أعضاء الجسم، ويعطل ذلك التلف قدرة بعض الأجزاء المصابة من الجهاز العصبي على التواصل والتناغم والتناسق الذي يحدثه الجهاز العصبي السليم في الجسم، وبالتالي يسبب ظهور بعض الأمراض الخطيرة، وبعض الأعراض والمؤشرات التي تدل وتشير إلى المكان المصاب من الجهاز العصبي، ومنها بعض الأمراض العضوية أو الأمراض العقلية، أو سوء الحالة النفسية، وتبين الأبحاث أن أعراض مرض التصلب المتعدد تأخذ أشكالاً مختلفة، فيمكن أن تحدث على هيئة نوبات منفصلة، وفي بعض الحالات تحدث على هيئة نوبات حادة متراكمة، وهناك احتمالات لاختفاء الأعراض بين النوبات، مع استمرار المشاكل العصبية بصورة مزمنة في كل الحالات. فيتامين د كشفت دراسة ألمانية جديدة أن من العوامل التي تسبب مرض التصلب المتعدد النقص الحاد في فيتامين د، وخاصة هذا النوع من الفيتامين المستمد من أشعة الشمس، بل تؤكد أن ذلك قد يكون أحد الأسباب الرئيسية للإصابة بمرض التصلب المتعدد؛ حيث يسبب النقص مضاعفات مرضية، ولذلك وجدوا أن المكملات الغذائية التي تحتوي على فيتامين د تخفف من حدة أعراض المرض، كما أنه لم يتم إنتاج ولا صناعة علاج فعال ومعروف لمرض التصلب المتعدد، بل دور الأدوية والعلاجات والعقاقير التخفيف فقط من الأعراض، بعد حدوث النوبات أو الأزمات، والعمل على إيقاف الإصابة بنوبة أخرى من هذا المرض، ولكن في كثير من الأحيان تأتي الأدوية بنتيجة مرضية خاصة عند النساء المصابات بهذا المرض، وأيضاً الحالات التي أصيبت بهذا المرض في عمر مبكر، وكذلك في حالات النوبات الضعيفة والبسيطة في بدايات الإصابة بالمرض. الأعراض تظهر بعض الأعراض والعلامات على الشخص المصاب بمرض التصلب المتعدد، حسب المكان المصاب من الجهاز العصبي، ومن هذه الأعراض أن يشعر المريض بنوع من الزغللة في عين واحدة في معظم الحالات، ويصاحبها بعض الألم البسيط، وقد تكون في العينين، وهي تشبه حالة الرؤية الضبابية، وفي تطور المرض يصاب الشخص بضعف كبير في القدرة على الرؤية والإبصار في العين المصابة، ولا تحدث حالة العمى الكلي في هذا المرض، ولكن ضعف شديد في الإبصار، وبعد نوبة المرض يعود التحسن للعين، وترتفع القدرة على الإبصار، وذلك في غضون خمسين يوماً من الإصابة، ويعاني الشخص المصاب بهذا المرض القدرة على التوازن الصحيح، والوقوف بصورة طبيعية، وأيضاً صعوبة كبيرة في الحركة، وفقدان بعض الشعور بالإحساس في أطراف الجسم، كما يجد صعوبة ملحوظة في عملية تناول الطعام وبلعه، وتضعف عضلات الجسم ويحدث لها تقلصات وتشنجات مستمرة، وتحدث بعض الاضطرابات في الكلام والحروف، ويتقلب مزاج المريض بصورة كبيرة ومستمرة. علامات متقدمة ينتاب المصاب بمرض التصلب المتعدد بعض الاضطرابات والخلل في حالة إصابة جذع المخ، حيث يحدث له الإصابة بالدوخة، وحركة سريعة في العين، ومن الأعراض أيضاً أن يصاب المريض بحالة من الخدر في الوجه، ويظهر ضعف ملحوظ على عضلات اللسان والبلعوم والوجه والرأس أيضاً، ويسبب ذلك صعوبة البلع التي ذكرناها، مع الصعوبة والتلعثم في الكلام، وقد يصل الأمر إلى ضعف في العضلات السفلية والعلوية لجسم الشخص المصاب، عند حدوث الخلل في الحبل الشوكي، وهذه الأعراض تأتي مع هجوم نوبة المرض وتستمر بضعة أسابيع، ثم تختفي بشكل تدريجي، إلى أن تهاجم نوبة أخرى الشخص المصاب، ومن المشاكل العقلية التي تحدث للمصاب عدم القدرة على التركيز، وضعف الانتباه وفقدان جزئي للذاكرة مع تطور المرض، وبعض الأبحاث ذكرت أعراضاً أخرى مثل عدم القدرة على التحكم في المثانة في بعض الحالات، وصعوبة التحكم في عملية التبرز، ومن الأعراض أيضاً ارتفاع مستمر في درجات الحرارة لا يعرف له سبب، ويزيد هذا الارتفاع وينقص حسب هجوم نوبة المرض على المصاب، كما يصدر عن المرض بعض الحركات اللاإرادية السريعة، وتنتابه في بعض الأوقات حالة من الرعشة في بعض الأطراف أو كلها. أرقام إحصائية يعتبر بعض المتخصصين مرض التصلب المتعدد أحد أمراض المناعة الذاتية، ويقدره بعضهم من الأمراض الشائعة إلى حد ما على مستوى العالم، حيث بلغت نسبة المصابين به طبقاً لآخر إحصائية ما يقرب من 3 ملايين ونصف المليون في جميع أنحاء دول العالم، وبلغت نسبة الوفيات من هذه الأعداد المصابة ما يقرب من 30 ألف حالة، ما يشير إلى ارتفاع في نسبة المصابين والمتوفين.
مشاركة :