كشفت دراسة علمية جديدة عن انقطاع عموم الفلاحين البحرينيين عن العمل في مجال الفلاحة بسبب عدم امتلاكهم مزارع أو عدم توافر مجالات زراعية ملائمة لانخراطهم فيها كعمال بعد تغير اتجاهات أغلب الفلاحين ملاك الأراضي وطبيعة احتياجاتهم للأرض وموجة تملك أراضي الفلاحين من قبل بعض المستثمرين المحليين الذين تأخروا عن استثمارها، مبينة تغيرات أساليب استغلال الأراضي الزراعية من جانب ملاك المزارع بقرى المحافظة الشمالية في اتجاهات متعددة, من بينها تقسيم الأراضي على الأبناء لإقامة مساكن لهم، أو بيعها كأرض سكنية أو وجودها ضمن أملاكه وضعيفة إنتاجياً، وذلك في الوقت الذي يندفع فيه قرويو المجال المدروس إلى العمل في أنشطة مهنية ثانوية متنوعة، مثل النشاط البحري وبيع مواد غذائية في نقاط متنقلة. وبينت الدراسة أن أساليب العمل الفلاحي التي تشهد استمراراً تلك الشائعة بين فلاحين قدامى مازالوا هواة ومهنيين فلاحين يعتاشون من خلال مردود أراضيهم التي يتخذونها إما مهنا ثانوية أو نشاطا أساسيا ممتدا منذ مراحل تاريخية سابقة موضحة أن هذه العينة التي ماتزال تعمل في مجالها الفلاحي فئة قدامى الفلاحين الذين يمتلكون أراض زراعية ويستعينون بعمالة آسيوية كوسيلة لاستمرارية نشاطهم الفلاحي الذي تأثرت أبرز مقومات استمراريته وهي القوى العائلية العاملة إلى جانبهم في هذه المهنة قبل مراحل التغير وانخراط غالبية أفراد المجتمع في مهن متطورة صناعية وحكومية. ودعا نوح خليفة عبر إنتاجه العلمي الجديد التغير السوسيواقتصادي بقرى شمال البحرين إلى حزمة قرارات وطنية تسهم في تنمية الهوية الوطنية الخضراء وتحصين القدرات الغذائية المحلية وتكثيف الخطى نحو تعزيز الأمن الغذائي عبر الحفاظ على ما تبقى من رقعة زراعية وقوى إنتاجية واقامة مناطق خضراء جديدة، وتحفيز الاستثمار في القطاع الفلاحي. ولفت خليفة إلى أهمية تطوير امكانيات استثمار مزارع المحافظة الشمالية وأراضيها كمشروعات زراعية إنتاجية تسهم في توظيف إمكانيات المحافظة الزراعية باعتبارها أبرز محافظات المملكة القابلة للاستثمار كمنطقة إنتاج غذائي منظم عبر خطط وبرامج ورؤوس أموال سواء من خلال مستثمرين كبار أو أفراد منخرطين في مشاريع إنتاجية ناشئة مبينا أن المحافظة الشمالية تتوافر فيها نسبة كبيرة من المزارع، وتزخر بالعيون الطبيعية التي يجب حمايتها وتوظيفها، ومزارعين هواة ومحترفين وميول مجتمعية وطاقة بشرية قابلة للتوظيف في مجالات فلاحية مأجورة متنوعة. وذكر خليفة أن أهم عوائد إقامة مناطق إنتاجية في بعض مناطق المحافظة الشمالية تثبيت ما تبقى من الهوية التاريخية الخضراء لمملكة البحرين، وايجاد نشاط انتاجي بحريني أساسي يسهم في تأمين استمرارية محاصيل الزراعة البحرينية، ونمو أسواق المحاصيل الوطنية كوجهة سياحية مرغوبة وتطور هذا النوع من البنيات الاقتصادية الجاذبة للسواح والمرتادين المحليين إضافة إلى دورها في تطور التركيبة السكانية بالمحافظة في ضوء تنوع قوى التفاعل المحلية والحكومية من جهة، وبين العمال والمرتادين والمستثمرين والسكان المحليين، وكذلك انخراط القوى في البرامج الوطنية الحكومية والخاصة في مجالات تناسب ميولهم التاريخية. إضافة إلى كون المجال الفلاحي المتطور أرضا خصبة لنماء سوق العمل الملائم للمواطنين ذوي التعليم البسيط أو غير المتعلمين أو ذوي الكفاءات التقليدية.
مشاركة :