أبدى الرئيس السوري بشار الأسد تلهفه لمفاوضات أستانة، وأعلن استعداده للحوار مع 91 فصيلاً معارضاً، في وقت كثفت إيران تحركاتها على الصعد كافة في سورية، وأوفدت أمين المجلس الأعلى للأمن القومي إلى دمشق، وسط تقارير عن محاولتها استمالة عشائر سنية. مع بدئه عملية جديدة في ريف دمشق لتأمين حصة العاصمة من المياه، استقبل الرئيس السوري بشار الأسد وفداً فرنسياً يضم 3 أعضاء من الجمعية الوطنية، ومجموعة من المثقفين، برئاسة النائب اليميني تييري مارياني. وبعد لقاء استمر أكثر من ساعة، أعلن مارياني أن الأسد أعرب عن "تفاؤله" حيال المحادثات المرتقبة نهاية الشهر الجاري في أستانة، وأنه "يعول كثيرا" عليها، مؤكدا أنه "مستعد للحوار" مع 91 فصيلا معارضا، باستثناء تنظيم "داعش" و"جبهة فتح الشام" (النصرة سابقا). ونقل مارياني، الذي تأخر سفره مع النائبين اليمينيين يكولا دويك وجان لاسال من حلب إلى دمشق، بسبب استهداف المطار بعدة قذائف، عن الأسد قوله: "أنا متفائل. أنا على استعداد للمصالحة شرط إلقاء أسلحتهم". وإضافة إلى ذلك، اعتبر الرئيس السوري أن لدى تركيا "سجناء سياسيين أكثر من كل الدول العربية مجتمعة"، وهي "دولة هشة" بسبب سياسة رئيسها رجب طيب إردوغان، الذي قال إنه لا يمكنه الوثوق به كونه يبقى "إسلاميا". وردا على سؤال من النواب حيال تشكيك محتمل من الإدارة الأميركية الجديدة بالاتفاق مع إيران حول برنامجها النووي، قال الأسد إنه "يعتقد بواقعية" الرئيس المنتخب دونالد ترامب. واتهم الأسد فرنسا في عهد فرانسوا هولاند باتباع سياسة النعامة، وأنها لم تعد آمنة كما قبل، لكونها تواجه وسورية "العدو نفسه". وعند سؤاله عن الفظائع التي ارتكبها النظام، اعتبر الأسد أنه لا يوجد "حرب نظيفة"، وأقر بأن هناك "فظائع ارتكبت من كل الأطراف"، مضيفا أنه "ربما كانت هناك بعض الأخطاء من جانب الحكومة، هذا يؤسفني وأنا أدينه". الهدنة الهشة وفي تحرك يعجل بانهيار الهدنة الهشة السارية منذ 10 أيام، شنت مقاتلات الأسد سلسلة غارات جوية عنيفة على منطقة وادي بردى في ريف دمشق، وفق مصادر إعلامية موالية أوضحت أن النظام بدأ عملية عسكرية واسعة في المنطقة، التي تعد خزان مياه دمشق. وإذ أكدت مصادر عسكرية أن العملية ستستكمل لحين إخراج "فتح الشام" من وادي بردى، نفت وجود هدنة مع المعارضة، مشيرة إلى أنه "تم الاتفاق على وقف إطلاق النار مدة 3 ساعات بين الساعة 10 إلى 1 يومي السبت والجمعة للسماح بدخول الوفد الروسي للتفاوض مع المسلحين لأجل السماح لفرق الصيانة لإصلاح ما تعرض له نبع عين الفيجة، إلا أن المفاوضات لم تسفر عن نتائج إيجابية". ووفق مصادر مطلعة، فإن "هناك خلافا بين القوات الحكومية التي تريد السيطرة على منطقة نبع عين الفيجة وخروج المسلحين من كل منطقة وادي بردى باتجاه محافظة إدلب، أو تسوية أوضاعهم وبين المسلحين الذين يوافقون على عودة المياه إلى دمشق وضواحيها مع بقائهم في المنطقة، إضافة إلى إطلاق سراح معتقلين". في هذه الأثناء، ضربت سيارة مفخخة يقودها انتحاري حاجز "سعسع" الواقع بالقرب من فرع الأمن العسكري على مفرق قرية بيت جن في منطقة الحرمون بريف دمشق الجنوبي الغربي، ما أسفر عن مقتل 8 بينهم 5 من عناصر النظام وإصابة 15 آخرين. تحركات إيرانية ووسط تقارير عن تحركات إيرانية سياسية، خصوصا محاولة استمالة عشائر سنية عادت أخيرا الى كنف النظام، وصل أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني الأدميرال علي شمخاني، أمس، إلى دمشق في زيارة تستمر ثلاثة أيام. وتأتي زيارة المسؤول الإيراني بعد أيام على زيارة رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى علاء الدين بروجردي الى دمشق، ومرور أسبوع على زيارة وزير الخارجية السوري وليد المعلم ورئيس مكتب الأمن الوطني اللواء علي مملوك إلى طهران. في غضون ذلك، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي، في تصريح نقلته وكالة "فارس"، إنه "لا شك في أنه لو لم يكن الأسد في السلطة لشهدنا سيطرة الجماعات الإرهابية مثل داعش وآخرون على دمشق، ووقعت كارثة عالمية أخرى"، مشددا على أن طهران "تدافع بقوة عن السيادة السورية، وستظل حاضرة بصورة فاعلة". وتعليقا على التفاهم الإيراني الروسي التركي، قال قاسمي: "من الطبيعي ألا تكون وجهات نظر الدول الثلاث متفقة تماما، إلا أن المهم هو أن نتمكن في إطار مبادئ عامة من الوصول إلى تفاهم لفتح الطريق من أجل التقدم إلى الأمام". وفيما إذا كانت تركيا قد تراجعت عن مواقفها السابقة بشأن الأسد، قال :"يبدو أن القسم الأكبر من دول العالم التي سعت بقوة خلال الأعوام الماضية لتنحية الأسد، قد أخذت تدرك شيئا فشيئا أنه لا بديل عن الأسد في الظروف الراهنة". واقع ميداني بدوره، اعتبر المساعد السياسي للقائد العام لقوات الحرس الثوري، العميد رسول سنائي راد، أن الهدنة عكست تغييرات في موازين القوى لمصلحة الأسد، محذراً من أن المسلحين يستغلونها لاستجماع قواتهم وترميم النقص، وهذه نقطة سلبية في وقف إطلاق النار. وفي حديث لوكالة "مهر" علق سنائي راد على تصريحات المسؤولين الأتراك الأخيرة بضرورة خروج بعض المجموعات من سورية، بأن ما آلت له معركة حلب أجبر تركيا على القبول بالواقع والعوامل التي ساهمت في تحرير حلب لا يمكن حذفها من المعادلة.
مشاركة :