نيويورك - أ ف ب - يبدي قطاع النفط الأميركي تفاؤلاً حذراً بالنسبة للعام 2017، مع خروجه من سنتين من التراجع الناجم عن تدهور أسعار الخام. ومع انطلاقة العام الجديد، يتحدث بعض العاملين في القطاع عن توجه نحو التعافي مع زيادة مستوى إنتاج بعض مواقع الحفر القليلة الكلفة، حتى وإن كان البعض لايزال يشعر بالإحباط. وأدى الانحسار الذي كان بين الأسوأ منذ الحظر العربي على تصدير النفط إلى الغرب في 1973 إلى إفلاس شركات، وصرف مئات الآلاف من العمال، وأوقف اندفاعة فورة النفط الصخري في الولايات المتحدة. وشعر منتجو النفط والغاز بالتفاؤل بعد انتخاب الجمهوري دونالد ترامب، الذي عين في فريقه حلفاء من قطاع النفط مثل، سكوت بروت، المشكك في ظاهرة التغير المناخي، على رأس هيئة حماية البيئة، ورئيس مجلس إدارة «اكسون موبيل» ريكس تيلرسون وزيراً للخارجية. ويقول رئيس الجمعية الدولية لمتعاقدي الحفر، جيسون ماكفرلاند، إن «شركات القطاع لاتزال حذرة في شأن أموالها. لكننا نشهد بالطبع توظيف بعض الاستثمارات مع ارتفاع أسعار النفط». تحوّل كبير والأهم من ذلك، أن قرار «أوبك» في 30 نوفمبر، خفض الإنتاج لتقليص الطفرة في الأسواق، والتي كانت تضغط على الأسعار أشاع الارتياح. ويشير مدير بنك استثمارات الطاقة في «هيوستن تيودور بكرنغ هولت اند كو»، ديفيد بورسل، إلى أنه بعد قرار المنظمة «حدث تحول كبير. قبل 30 نوفمبر كان الأمر شبيهاً بمسيرة الموت من باتان» في إشارة إلى مسيرة السجناء التي قضى خلالها الآلاف من أسرى الحرب الفيلبينيين والأميركيين إبان الحرب العالمية الثانية، وصنفها الحلفاء لاحقاً جريمة حرب يابانية، مضيفاً «يشعر الناس بتفاؤل حذر، وهذا بعيد تماماً عما كنا عليه قبل 8 أسابيع خلت». وأغلقت أسعار النفط على 53.99 دولار يوم الجمعة الماضي، بعد أن انخفضت قريباً من 25 دولاراً للبرميل قبل سنة. ويعزى تردد المنتجين جزئيا الى التشكيك في ما إذا كان أعضاء «أوبك» والدول خارج المنظمة مثل روسيا ستلتزم باتفاق الخفض. وحتى بعد خفض الإنتاج، يبقى السؤال حول ما سيحدث في حال عدم تجديد الاتفاق بعد انقضاء مدته البالغة 6 أشهر. وقالت الوكالة الدولية للطاقة في تقريرها الشهر الماضي، إن الإشارة التي أرسلتها «أوبك» مفادها أن «منتجي النفط عالي الكلفة يجب ألا يعتبروا أن الطريق مفتوح أمامهم لزيادة انتاجهم. منتجو النفط عالي الكلفة الذين يعتقدون أن خفض الإنتاج يضمن على أقل تقدير عدم هبوط الأسعار ربما عليهم التفكير مرتين قبل المجازفة بتوظيف استثمارات جديدة». تعافي الرساميل ومن المسائل الأخرى التي لا يعرف كيف ستؤثر على السوق، هي كيف سيتطور الاستهلاك الأميركي في عهد ترامب، مع توقع تسارع النمو، وما إذا كان الطلب الهندي سيبقى مرتفعاً، وكيف سيؤثر الاقتصاد الصيني الذي يحقق نمواً مستمراً على تعطشها للطاقة. ويطرح الزيت الصخري علامة استفهام أخرى، إذ يتوقع أن تتعافى الرساميل المستثمرة في الولايات المتحدة بسرعة أكبر منه في بلدان أخرى تكون فيها دورات الاستثمارات النفطية أطول مدى. وأدى ارتفاع إنتاج النفط الصخري الأميركي بفضل التطور الكبير في تكنولوجيا الحفر والاستخراج إلى زيادة الإنتاج إلى مستوى قياسي على مدى عقود في 2015 إلى نحو 9.6 مليون برميل يومياً، بزيادة 80 في المئة عن 2010. لكن هذه الفورة شهدت توقفاً مباغتاً مع تدهور الأسعار، فتراجع الإنتاج الأميركي إلى 8.6 مليون برميل يوميا في سبتمبر 2016، ليعود ويرتفع إلى 8.8 مليون برميل يومياً مع ارتفاع أسعار النفط، وفق إدارة معلومات الطاقة الأميركية. ولا يعرف كم من الوقت سيستغرق القطاع لكي يتعافى. ويوضح رئيس قسم سوق النفط في الوكالة الدولية للطاقة، نيل اتكنسون، «ليس لدينا ما يكفي من الخبرة لمعرفة كم من الوقت تستغرق مثل هذه المشاريع لكي تتعافى لأننا لم نختبر ذلك حقاً من قبل»، مضيفاً في شأن التوقعات المتعلقة بزيادة الإنتاج «السؤال هو بأي سرعة يمكنه أن يتجاوب إذا اعتقد الناس أن الأسعار المرتفعة ستبقى كذلك. لا نعرف بعد». وتبين المؤشرات الأولية زيادة كبيرة في عدد أجهزة الحفر في الحوض الأول في وست تكساس، مقارنة مع العام الماضي، بحيث أصبح اليوم 267 منصة حفر بدلاً من 209، وفق أرقام شركة النفط «بيكر هيوز». وتشغل كل منصة حفر بشكل مباشر 50 شخصاً، وعشرات آخرين في خدمات ذات صلة بها، وفق «ماكفرلاند». لكن الأنشطة تبقى أقل من مستواها قبل سنة مضت في منطقة ايغل فورد شيل التي تتقاطع كثيراً مع تكساس، وفي نورث داكوتا، حيث يوجد حوض «باكن شيل». وكان كلاهما يشهدان نمواً كبيراً قبل فترة الركود. والحوض جاذب للاستثمارات نظراً لتدني كلفة استخراج النفط وقربه من خطوط الأنابيب وغيرها من البنى التحتية الرئيسية، وفق جيسي تومسون الاقتصادي لدى الاحتياطي الفدرالي في دالاس. ويقول «تومسون»، ومقره هيوستن، «نسمع عن عمليات توظيف. نعرف أن هناك تغيراً في التوجه المتعلق بالتوظيف في القطاع، هناك أيضاً فصل من العمل. بعض الشركات لاتزال تعاني من مصاعب. إنها فترة انتقالية».
مشاركة :