قبل أربع سنوات، وفي جلسة استثنائية لمجلس الوزراء في دار الاتحاد، جاءت توجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بإنشاء متحف الاتحاد ضمن جملة من القرارات والمبادرات الوطنية خلال الجلسة، وذلك جنباً إلى جنب دار الاتحاد بهدف توثيق تاريخ الاتحاد وأهم محطاته، حيث أكد سموه في حينها أن من دار الاتحاد كانت البداية ومنها نجدد الانطلاقة. واليوم يعود المجلس لدار الاتحاد ليعقد اجتماعاً استثنائياً آخر، وبعد اكتمال إنشاء متحف الاتحاد وافتتاحه للعامة، ليعطي هذا الاجتماع بعداً وطنياً مهماً، ففي هذا المبنى التاريخي عقد الآباء المؤسسون اجتماعهم ليعلنوا للعالم أجمع قيام دولة الاتحاد، واليوم يستلهم منهم خير خلف هذه المسيرة للمستقبل. ودار الاتحاد محطة مهمة لتجديد الهمم والطاقات، والاطلاع على تاريخ الآباء المؤسسين، والتعلم من رحلة الاتحاد بمختلف مراحلها وإنجازاتها، وهو ما يحرص متحف الاتحاد على أن يعرضه ضمن مقتنياته ومرافقه المختلفة. ولايزال العلم الذي رفعه زايد وإخوانه الحكام قبل 45 عاماً يرفرف فوق دار الاتحاد، ليشهد على إنجازات اختصرت قروناً في سنوات، سطرها الآباء المؤسسون لينعم أبناء الوطن برغد العيش، مدعوماً بقيادة تضع المواطن ضمن أولوياتها، ولا يشغلها سوى مستقبل الوطن ومستقبل أولاده. ويهدف متحف الاتحاد إلى تأكيد القيمة التاريخية للموقع الذي تم فيه الإعلان عن تأسيس اتحاد دولة الإمارات العربية، وتسليط الضوء على الرحلة الفريدة والنوعية لقيام وحدتها، حيث يعد المتحف مركز إشعاع حضاري يقصده المواطنون والمقيمون والسياح للتعرف إلى مراحل وتحديات تأسيس الاتحاد، والإنجازات التي تحققت خلال مسيرته، مع التركيز على دور المغفور لهما الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، في وضع اللبنات الأولى لقيام الاتحاد. كما يهدف المتحف إلى غرس وتأصيل مفهوم وقيمة الاتحاد في نفوس المواطنين والأجيال القادمة، وتعريف الزوار من مختلف الجنسيات بطبيعة حياة سكان الإمارات قبل قيام الاتحاد، وتسليط الضوء على التنمية الشاملة في الدولة. ويعد متحف الاتحاد الذي تقدر مساحته بنحو 26 ألف متر مربع، معلماً بارزاً ومنارة تحكي القصة الكاملة لتشكيل الاتحاد عام 1971، حيث يسلط المتحف الضوء على الأحداث التي وقعت بين عامي 1968 -1974، مع طرح للسياق السياسي والاجتماعي الذي مرّ فيه الاتحاد من مرحلة الإمارات المنفردة، حتى مرحلة الاتحاد وازدهار الدولة. وتضم معروضات المتحف مواد ووثائق مرئية ومسموعة تتعلق بأحداث تأسيس دولة الإمارات، فيما استوحي تصميم متحف الاتحاد من صور المغفور لهم بإذن الله أصحاب السمو الشيوخ، وهم يوقعون على دستور دولة الإمارات العربية المتحدة في الثاني من ديسمبر عام 1971. ويضم الموقع عدداً من المباني التاريخية التي تم ترميمها، وصمم مدخل الجناح الجديد للمتحف على شكل مخطوطة، مع سبعة أعمدة مائلة تمثل القلم الذي استخدم لتوقيع وثيقة الدستور، ويحتوي المتحف على صالات عرض دائمة ومؤقتة، ومسرح ومناطق مخصصة للتثقيف، واستراحات والإدارة، إضافة إلى العديد من مرافق الأنشطة الداعمة، وساحة واسعة ومواقف سفلية وسطحية للسيارات. يضم المكان مبنى قصر الضيافة والذي أُعيد ترميمه، وتمت إعادة المناظر الطبيعية المحيطة بالموقع التاريخي لحالتها الأصلية، كما كانت عليها في عام 1971، كما تم ترميم مبنى دار الاتحاد التي شهدت توقيع وثيقة قيام اتحاد دولة الإمارات في عام 1971 لشكله الأصلي مع إدخال تحسينات هيكليّة، فمن يلج هذه الدار اليوم يستشعر القيمة التاريخية للموقع والمبنى، وفي اللحظة ذاتها تأخذه عظمة ذلك الموقف الخالد والقرار الحازم للآباء المؤسسين الذين بإصرارهم وعزيمتهم وصدق وحدتهم وصلت الإمارات اليوم إلى المراتب العالمية المتقدمة حضارياً وحضورياً في المجالات كافة.(وام)
مشاركة :