«مطاردة» تلفزيونية في عصر كاميرات المُراقبة

  • 1/9/2017
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

هل ما زال ممكناً الاختباء من السلطات الأمنية في بلدان غربية يقترب عدد كاميرات المراقبة فيها اليوم من عدد السكان أنفسهم، ويُسجل تقريباً كل ما يقوم به مواطنها إلكترونياً وعلى الشبكة العنكبوتية من معاملات ويحفظ في مكان ما؟ هذا السؤال يطرحه برنامج الإثارة التلفزيوني الهولندي «مُطارد» في حلقاته الست، عبر التحدي الذي يبدأه بأن يطلب من المشاركين فيه الاختباء في هولندا 21 يوماً، في الوقت الذي يتولى فريق مكوّن من أعضاء شرطة سابقين وخبراء أمنيين البحث عنهم، مستخدمين التكنولوجيا الحديثة التي يزعم البرنامج أن الأجهزة الأمنية الفعليّة تستخدمها اليوم في تحرياتها. لا قواعد كثيرة في اللعبة التلفزيونية هذه ما عدا ألا يغادر المشتركون في البرنامج هولندا، وأن يستخدموا حصراً المال القليل الذي وضعه البرنامج في حساباتهم المصرفية (إن شاؤوا ذلك). يوضع المشتركون في البرنامج في مقابل فريق التحري الذي يجب أن يعثر عليهم، ويترك لكل مشترك الحرية في اختيار طريقة الاختباء عن أعين فريق التحري، في حين تشكل فترة الثلاثة أسابيع التي وضعها البرنامج سقفاً زمنياً يُبيّن قدرة الفريق الأمني في تحقيق أهدافه والقبض على المشتركين، والذي يتم بطريقة مُخيفة أحياناً ويشبه القبض على مطلوبين حقيقيين. تتبدى سريعاً صعوبة مُهمة المشاركين في البرنامج، فإذا كان أحياناً الاختباء ليوم واحد صعباً فماذا يمكن أن يُقال عن 21 يوماً؟ أما التحدي الأكبر فتمثل في البقاء بعيداً من استخدام التكنولوجيا التي أصبحت مفردة أساسية من الحياة اليومية. وحتى عندما حاول مشتركون التخلي عن هواتفهم الخليوية وبقوا بعيدين عن الإنترنت، سقطوا في أخطاء أخرى، بعضها لها علاقة بتاريخهم على مواقع التواصل الاجتماعي، والذي خضع بدوره لتحليل من فريق أمن البرنامج، وخرجوا منه بمعلومات وأنماط سلوكية خاصة أعانتهم في العثور على بعض المشتركين. ستنهي أخطاء صغيرة غير محسوبة مشاركة بعض المشاركين في البرنامج، فأحدهم توجه الى غابة هرباً من كاميرات مراقبة المدن، وترك هاتفه الخاص عند زوجته واستخدم هاتفاً قديماً مع شريحة هاتف غير مسجلة رسمياً للاتصال بأحد أصدقائه، من دون أن يعرف بأن الفريق الأمني كان يراقب هواتف جميع أصدقائه، وأن مكالمته لذلك الصديق ستسجّل وبالتالي فإن مراقبة الهاتف الخليوي من طريق أجهزة تتبع خاصة، ستقود الى القبض على المشترك. يتوزع وقت البرنامج بين متابعة المشتركين فيه وبين غرفة العمليات التي أنشأها الفريق الأمني لملاحقتهم، وهذا سيضيف بسبب المونتاج السريع والذي يخطف الأنفاس أحياناً الكثير من الإثارة الى البرنامج. تتنوع طرق المشتركين بالاختباء عن الفريق الأمني، فمنهم من يختار المناطق النائية، وبعضهم من يبتعد عن الأصدقاء المقربين ويختار معارف من دوائر بعيدة للاختباء عندهم خوفاً من أن يطالهم الفريق الأمني الذي كان متفوقاً كثيراً بفعل خبرات أعضائه، وكان سريع التفاعل مع ما يحدث في الخارج، وقادراً على تغيير خططه والإبقاء على هدوئه رغم صعوبة ما يقوم به، والذي بدا أحياناً كمن يبحث عن إبرة في كومة قش. والبرنامج الهولندي هو نسخة عن برنامج بريطاني بالاسم ذاته قدمته القناة الرابعة البريطانية (C4) قبل عامين ويحظى بنجاح كبير (أُنتج منه حتى الآن موسمان ويستعد لواحد جديد يعرض العام المقبل). يمسّ البرنامج قضية الأمن في الدول الغربية، والتي تثير أسئلة وأحياناً غضباً من الذين يرون في إجراءات الأمن المبالغ فيها انتهاكاً للحريات الشخصية والخصوصية. وعلى رغم النجاح الكبير للبرنامج في هولندا وبريطانيا فإنه من المستبعد أن ينتقل الى دول أخرى، لأسباب بعضها يرتبط بتركيبة البرنامج، والتي تشترط استخدام تكنولوجيا أجهزة الشرطة والأمن فيه، وهو أمر لا يمكن تحقيقه في عدد من الدول حول العالم لاعتبارات أمنية ورقابية.

مشاركة :