«ليلى علوي» و«ثاتشر» و«مونيكا» سيارات فارهة تتجول في شوارع السودان

  • 1/9/2017
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

يتمتع السودانيون بخيال شعبي جامح، يصف ويسخر ويتغزل في محيطه ويبتكر أسماء وصفات للموجودات المحيطة، بعضها مضحك والآخر ممعن في دقة وصفه للأشياء. وباعتبار السيارة - يطلق عليها (العربية) - من الأشياء التي لن يستطيع هذا الخيال تجاهل وصفها وإعادة تسميتها حسب ثقافته، فقد أطلق عليها ومنذ دخول أول الشاحنات للبلاد أسماء مستلة من البيئة المحلية، لتعبر عن وظيفتها والأثر الذي أحدثته في مجتمع كان يعتمد في حله وترحاله على الدواب. في بادئ الأمر ظهرت في طرقات البلاد غير الممهدة الشاحنات المتوسطة المعروفة بـ«اللوري»، وأشهرها الـ«بيدفورد» والـ«أوستن» الإنجليزيتان، وقد تزامنت مع دخولهما شاحنة صحراوية إيطالية من طراز «فيات». أثارت أصوات وسرعات وقدرات هذه الوحوش المعدنية الجديدة الخيال الشعبي، فطفق يطلق عليها التسميات، وأول اسم شعبي متداول كان من نصيب السيارة الإيطالية التي أطلق عليها «العظمة»، وغنى لها المغني أغنيته الشهيرة «سايق العظمة سافر وخلاني»، كناية عن عظمتها وأهميته، ثم أطلق على الـ«بيدفورد» اسم «السفنجة» ويدلعونها «سفنوج»، ولا يعرف على وجه الدقة سر التسمية، لكنه اسم يطلق على حذاء شعبي خفيف يساعد على الحركة، كما أطلق على لواري «أوستن» اسم «أبيض ضميرك»، وقد يدل على قدرتها على تحمل العمل الشاق في ظروف تشغيل قاسية، دون أعطال تذكر. وما تزال هذه اللواري تعمل في مناطق البلاد التي لم تصلها الطرق المسفلتة. وحين وصلت أول شاحنة كبيرة من طراز «فيات» للبلاد سماها الناس «قندران»، ويبدو أن معظم سائقيها كانوا من منطقة «قندر» الإثيوبية ومنهم أخذت الاسم. ويقول محمد بابكر ويعمل في تجارة السيارات، عندما انتشرت السيارات الصغيرة والشاحنات نصف النقل، سارع سماسرة السيارات على إطلاق أسماء طريفة - وربما جميلة - لها، تعتمد الشكل واللون والجودة والقوة والموائمة لظروف البلاد كأساس للتسمية. وحين استخدمت السيارات نصف النقل من طراز «تويوتا» كوسيلة مواصلات داخلي في المدن، وأجريت عليها بعض التحويرات المحلية، أطلق عليها اسم «البرنس» أو «الأميرة»، لكن الاسم تلاشى بعد دخول حافلات النقل الوسيطة والكبيرة. لكن تسمية سيارات النقل من طراز «تويوتا بك آب» تواصلت، فأطلق على آخر موديل 1998 منها اسم «لهيب الشوق»، لأن دخوله تزامن مع نزول ألبوم المغني الراحل محمود عبد العزيز للأسواق، والذي يحمل الاسم ذاته. وتوالى اختلاق الأسماء للسيارات والشاحنات، ووفقًا لتاجر السيارات إبراهيم التجاني، فقد سميت السيارة «لاند كروزر جيب» موديل 1989 على الممثلة المصرية الشهيرة «ليلى علوي»، على قرينة شبه بين وجه الفنانة وواجهة السيارة والجمال في كليهما. ثم أطلق الخيال ذاته على السيارة من الطراز ذاته موديلات الأعوام (1998 - 2007) اسم المتدربة في البيت الأبيض والتي هزت عرش الرئيس الأميركي بيل كلينتون «مونيكا». وحين انتخب الرئيس الأميركي باراك أوباما أطلق على موديلات الأعوام (2008 – 2016) من «لاند كروزر» اسم «أوباما» لأنها كما يقول سماسرة السيارات ذات حضور وقوة تماثل قوة وحضور الرئيس المنتهية ولايته في المجتمع الأميركي. وأطلق على السيارة الشهيرة من طراز «لاند كروزر بك» المعروفة بقوتها وشقاوتها، ودورها في الأعمال القتالية في حروب البلاد، اسم «ثاتشر» على رئيسة بريطانيا الشهيرة والتي لقبت بالسيدة الحديدية «مارغريت ثاتشر». أما سيارات الصالون فقد حظيت بتسمياتها الخاصة، فطراز «تويوتا كامري» موديلات الأعوام (1997 – 2002) أطلق عليها اسم «السحلية»، ولا يعرف مدلول الاسم، لكن السحلية زاحف ملون يتحرك دون صوت، أما موديلاتها حتى (2003 – 2007) فأطلق عليها اسم «غواصة»، أما «تويوتا» من طراز «كورولا» فقد أطلق على موديلات (2001 – 2007) منها اسم «رضا الوالدين»، للدلالة على متانتها وسهولة صيانتها وقلة استهلاكها للوقود، وأن من يقتنيها يكون والداه راضين عنه، وأطلق عكس اللقب على سيارات من طراز «بيجو» الفرنسية «غضب الوالدين»، لأن صيانتها معقدة ولا يوجد ميكانيكيون كثر قادرون على إصلاحها في السودان. وحين غزت السيارات الكورية الأسواق السودانية، حظيت بأسمائها الخاصة، فأطلق على طراز «هيونداي أكسنت» (2006 – 2011)، اسم «دبدوب»، وقد يعود الاسم لشكلها المدبب، وليس على الدب الشهير «دبدوب». أما عروس السيارات «مرسيدس»، فقد حظيت بألقاب شتى حسب كهربائي السيارات المختص في الـ«مرسيدس» الصادق، فقد أثيرت حولها كثير من الحكايات الشعبية النابعة من وجودها في بلد فقير وهي سيارة ثرية، وتقول: «من يشتري مرسيدس فهو إما غني أو غبي)، وذلك لارتفاع سعرها وغلاء قطع غيارها واستهلاكها للوقود. ويضيف الصادق أن السودانيين أطلقوا أسماء كثيرة على السيارات من طراز «مرسيدس» منذ ظهورها في طرقات البلاد، فأطلق على الطراز (إس كلاس) موديلات 1965 – 1972 «عين جرادة»، وذلك لشبه في الخيال الشعبي بين شكل مصابيحها الأمامية وعين الجرادة الصحراوية. وحين دخلت الأسواق مرسيدس «إس كلاس» حتى موديلات 1985 الشهيرة والمتينة، أطلق عليها الناس هنا في السودان اسم «الخنزيرة»، وهو اسم مهاجر من الجارة مصر، أما موديلات الأعوام 1985 وحتى وسط تسعينات القرن الماضي من طراز «إي كلاس 124» فقط أطلق عليها لقب «الزلموكة» وهو اسمها الشعبي المصري أيضًا. وبعد أن دخلت السيارة الـ«مرسيدس إي كلاس» موديلات منتصف تسعينات القرن الماضي بمصابيحها الأمامية المخروطية، أطلقوا عليها اسم «الفاجرة»، إشارة على إمكان رؤية مصابيحها من عدة زوايا، كحسناء واسعة العينين ترمقك مهما اختلفت زوايا نظرها، ثم أطلقوا اسم «البودرة» على الموديلات الحديثة للتدليل على تعقيد صيانتها وأعطالها المرتبطة بسوء الطرق وعدم مواءمتها لأجواء البلاد لافحة الحرارة.

مشاركة :