معاناة مزدوجة لفلسطينيي سوريا اللاجئين في مخيمات لبنان

  • 1/9/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

حين فر فؤاد أبو خالد، من الحرب في سوريا المجاورة، ظن أنه سيلقى ترحيبا من أبناء جلدته الفلسطينيين في مخيم شاتيلا في جنوب بيروت، لكنه وجد مجتمعا يستاء من الوافدين الجدد في ظل الموارد المحدودة من الجهات المانحة. ويقول أبو خالد، الذي غادر مخيم اليرموك جنوب دمشق مع عائلته العام 2013، بعيد بدء المعارك، «رغم أنه فلسطيني وأنا فلسطيني، لكنني أبقى فلسطينياً من سوريا، وهو فلسطيني من لبنان». ويضيف لوكالة «فرانس برس»، «إنه ينظر إليك كأنك ستأخذ مكانه أو تستغله، أو تأخذ منه قوت يومه». وأبو خالد، واحد من 31 ألف فلسطيني على الأقل لجأوا إلى لبنان منذ بدء النزاع في سوريا في مارس/ أذار 2011، ضمن موجة لجوء ونزوح كبيرة طالت نحو نصف سكان سوريا. ويستضيف لبنان أساسا نحو 450 ألف لاجئ فلسطيني، معظمهم أحفاد أولئك الذين تركوا منازلهم بعد النكبة عام 1948، أو خلال النزاعات اللاحقة. جالسا على فراش رقيق داخل شقة من غرفتين مع زوجته وأولاده الثمانية، يقول أبو خالد (52 عاما)، إنه ببساطة عاجز عن تحمل نفقات معيشتهم. قبل مجيئه إلى لبنان، كان أبو خالد، صاحب متجر بقالة، لكن المعارك أدت إلى تدميره ولم يعد لديه مورد رزق، أما المساعدات التي يتلقاها من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا»، ومنظمات خيرية أخرى، لم تعد كافية. ويضيف بانفعال، «إذا استمرت هذه الحالة، يمكن أن ينفجر الشعب». في ناحية أخرى من المخيم ذي الأزقة الضيقة والمنازل المتراصة والقديمة، والأشرطة المتدلية، تجلس نجاح عوض، داخل غرفة متواضعة حيث تعيش مع أطفالها الثلاثة منذ فرارهم من مخيم اليرموك العام 2013. وتقول نجاح، «في البداية، استقبلونا جيدا، لكن الأمر لم يعد كذلك. أصبحوا يعتبرون أننا تعدينا عليهم وعلى رزقهم». «تحت خط الفقر» .. ويقر مدير الأونروا في سوريا ماتياس الشمالي بالمعاناة التي تواجه الفلسطينيين اللاجئين من سوريا وأيضا أولئك الذين يستضيفونهم في لبنان. ويقول الشمالي، «طالما يتواصل هذا النزوح من سوريا ويتزايد الضغط على الأونروا وعلى المضيفين من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، أعتقد أنه لا يمكننا استبعاد التوتر». إلا أنه يشدد على أن اللاجئين الفلسطينيين في لبنان أظهروا كرما كبيرا وسط ظروف صعبة، فتقاسموا الموارد وفي بعض الحالات استضافوا فلسطينيين من سوريا. ويوضح لـ«فرانس برس»، أن «الأمر يحتاج إلى الكثير من التضامن إذا كنت أنت شخصيا تحت خط الفقر». وهناك نحو خمسة ملايين لاجئ فلسطيني في لبنان والأردن وسوريا والضفة الغربية وقطاع غزة، مسجلين لتلقي المساعدات من أونروا التي تأسست العام 1948. وغالبا ما تعاني المنظمة الأممية من نقص في الاستجابة لندءات التمويل التي تطلقها، إلا أنها تعرضت مع اندلاع النزاع في سوريا لضغوط متزايدة، وبات نحو 410 آلاف فلسطيني يعتمدون في الوقت الراهن على مساعدات الأونروا بشكل كامل. ولذلك، أطلقت الوكالة اليوم الإثنين، نداء طارئا للحصول على تمويل بحجم 410 ملايين دولار. ويعاني الفلسطينيون في لبنان، وضمنهم أولئك الوافدين من سوريا، من مصاعب متفاقمة بفعل القيود المشددة حيال قدرتهم على العمل. ويعمل أبو خالد، على تربية طيور الكناري أملا ببيع الواحد منها بنحو ثلاثين دولارا. ولا تزال زوجته تتعافي من عملية جراحية دفعت منظمة أونروا، نصف تكلفتها، فيما يكافح لسداد المبلغ المتبقي. «نذوق الأزمة معاً» .. وبحسب دراسة أجرتها المنظمة والجامعة الأمريكية في بيروت العام 2016، يعيش نحو تسعين في المئة من فلسطينيي سوريا المتواجدين في لبنان تحت خط الفقر. تسعة في المئة منهم غير قادرين على تأمين احتياجاتهم الأساسية من الغذاء. تروي نجوى حزينة، فلسطينية من مخيم اليرموك، تعمل مع منظمات إنسانية عدة في مخيم شاتيلا، أن بعض العائلات قادرة على تأمين خمسين في المئة فقط من احتياجاتها. وتوضح، «يمكنهم تغطية تلك النفقات من خلال الاستدانة، وعادة تنقصهم الكثير من الأشياء.. بعضهم يفتقد للعلاج وتصبح الأم طبيبة العائلة. وفي بعض الأحيان يتم الاستغناء عن الطعام». وفي الإطار ذاته، يشير أبو خالد إلى أنه يعرف عائلات تصارع لتلبية احتياجاتها الأساسية. ويقول، «إنها كارثة على أولئك الذين أجبروا على الفرار»، موضحا، أن العائلة الميسورة «تأكل وجبتين في اليوم والمتوسطة وجبة واحدة. وثمة عائلات أخرى لا تجد شيئاً».

مشاركة :