استأنف الزعيمان القبرصيان اليوناني والتركي اليوم الإثنين في جنيف، مفاوضات حول مستقبل هذه الجزيرة المتوسطية المقسمة منذ أكثر من 40 عاما، لكن النتيجة لا تزال غير واضحة رغم أجواء التفاؤل. وقال وسيط الأمم المتحدة النرويجي آسبن بارث إيدي، للصحفيين، «نحن حاليا في اللحظة النهائية، لحظة الحقيقة». وأضاف، «ليست هناك مشكلة لا يمكن حلها في هذه المفاوضات». لكنه أقر بأن «المسائل الأشد تعقيدا والأشد وقعا» لا زالت تحتاج لنقاش. وهي المرة الثالثة منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2016، التي يلتقي فيها الزعيم القبرصي التركي مصطفى أكينجي، والرئيس القبرصي نيكوس أناستاسيادس، في سويسرا. وكانا تباحثا لنحو أربع ساعات صباح الإثنين، ومن المقرر أن يستأنفا مباحثاتهما عند الساعة 18,00(17,00 ت غ). ومن المقرر أن يتفاوض الوفدان حتى الأربعاء، ثم ينظم الخميس مؤتمر موسع حول قبرص يضم أيضا الدول «الضامنة» لأمن الجزيرة، وهي تركيا واليونان وبريطانيا، المستعمر السابق التي لديها قاعدتان عسكريتان في قبرص. كما يحضر مؤتمر الخميس رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، باسم الاتحاد الأوروبي، وبصفة «مراقب». ورأى مبعوث الأمم المتحدة، أن «مؤتمر 12 يناير/ كانون الثاني، لن يكون ناجحا إلا إذا حصلنا على نجاح بين 9 و11 يناير/ كانون الثاني». وحذر الطرفين قائلا، «لا يجب أن تعتبرا أنه من قبيل المكسب الدائم واقع أن النزاعات المجمدة أن تبقى كذلك للأبد». وأضاف محذرا أيضا، أن «مجمل هذه العملية في الأشهر الـ19 الأخيرة بما فيها الأيام والأسابيع القادمة، تشكل فرصة لا يجب إضاعتها». ولم توفر الأمم المتحدة جهدا في استئناف هذه المفاوضات منذ مايو/ أيار 2015، والتي بدا وكأنها تنهار في اللقاء الأخير في 22 نوفمبر/ تشرين الثاني 2016، في سويسرا. وأكد أناستاسيادس، لدى وصوله إلى جنيف، بأنه «واثق»، وأكد أكينجي، أنه وصل «بروح إيجابية». لكن الطرفين يعبران عن خلافات عميقة حول المسائل الأساسية، وبينها خصوصا الترتيبات المتعلقة بالأراضي والأمن والممتلكات. خلافات خصوصا حول الأراضي .. وفي قبرص نحو مليون نسمة، وهي مقسمة منذ 1974، إثر اجتياح الجيش التركي قسمها الشمالي في رد فعل على انقلاب قبارصة يونانيين أرادوا ضمها إلى اليونان، ما أثار قلقا كبيرا بين القبارصة الأتراك. وأدى التقسيم، بحسب معهد أبحاث السلام في أوسلو، إلى نزوح 162 ألف قبرصي يوناني باتجاه الجنوب، ونزوح 48 ألف قبرصي تركي باتجاه الشمال. ولا تمارس جمهورية قبرص العضو في الاتحاد الأوروبي منذ 2004، حاليا سلطتها إلا على القسم الجنوبي من قبرص، حيث يعيش القبارصة اليونانيون. في المقابل يعيش القبارصة الأتراك في القسم الشمالي من قبرص، حيث أعلنت من جانب واحد «جمهورية شمال قبرص التركية»، التي لا تعترف بها سوى أنقرة. وينص مشروع السلام على إقامة دولة اتحادية مكونة من كيانين، كيان قبرصي يوناني وآخر قبرصي تركي. وستتم إعادة بعض الأراضي إلى الكيان القبرصي اليوناني. ويسيطر القبارصة الأتراك الذين كانوا يشكلون قبل التقسيم 18 بالمئة من السكان، حاليا على أكثر من 37 بالمئة من مساحة قبرص. ولا يزال هناك خلاف حول تقسيم الأراضي بين الكيانين. وفي آخر جولة مفاوضات اقترح أناستاسيادس، أن يقوم الكيان القبرصي التركي على 28,2 بالمئة من أراضي الجزيرة، في حين طالب أكينجي بـ29,2 بالمئة. كما يدور خلاف حول عدد القبارصة اليونانيين الذين سيسمح لهم بالعودة إلى شمال الجزيرة. وللأمر حساسية بالغة بين المجموعتين خصوصا وأن أي اتفاق سلام سيعرض على الاستفتاء في قسمي قبرص. وكان القبارصة اليونانيون رفضوا خطة سلام عرضتها الأمم المتحدة أثناء استفتاء العام 2004. وتعهد الزعيمان بأن يقدما خرائط تشرح مقترحات كل طرف للحدود الداخلية ضمن فيدرالية من كيانين. وهناك خلافات أخرى مهمة لا تزال قائمة. ويطالب قادة القبارصة اليونانيون مثلا برحيل القوات التركية المتمركزة في شمال قبرص، في حين يرغب القادة القبارصة الأتراك في الإبقاء على وجود عسكري تركي مع تقليص العدد. وكان مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى قبرص، قال في رسالة بمناسبة حلول العام الجديد، إن «هناك إمكانية حقيقية لأن تكون 2017، هي السنة التي سيقرر خلالها القبارصة أنفسهم طي صفحة من التاريخ». وعشية الاجتماعات، تجمع عشرات القبارصة اليونانيين والأتراك الأحد في العاصمة نيقوسيا تحت شعار، «نحن مستعدون للعيش معا» في تظاهرة أطلق عليها المنظمون تسمية، «العد العكسي نحو السلام».
مشاركة :