«الدنيا مسألة حسابية، اطرح منها التعب والشقاء، واجمع لها الحب والوفاء، واترك الباقي لرب السماء». د. سلمان العودة... الكويت بلد صغير، ومع بداية قيام النهضة الحضرية أيام المغفور له الشيخ عبد الله السالم كانت الكويت تفتقد للخبرات، لأن قبل النفط كان الكويتي يعمل في كل المهن، ولكن بعد أن حبانا الله بالذهب الأسود فضل العديد من الكويتيين العمل المكتبي وتوظفوا في الوزارات المختلفة، فتمت الاستعانة بالخبرات الأجنبية والعربية في البناء والتنمية والتعليم، فكان دور الوافدين محورياً في بناء الكويت الحديثة، ولعل أغلب الخبرات الكويتية تعلمت في المدارس أو الجامعات والمعاهد على أيدي الوافدين الذين تركوا بلدانهم وجاؤوا للبحث عن لقمة العيش الكريمة، والكويت فتحت أبوابها للكفاءات العربية والأجنبية ووفرت لهم سبل الراحة والعيش الكريم بنفس الوقت. ونلاحظ أن الوافد بالكويت أصبح يشعر بالأمن ولا يشعر بالغربة، ويسعى لطلب الرزق بكل حرية، فنجد أن الكثير منهم قاموا بتأسيس شركات بالتعاون مع الكويتيين، سواء كانوا وافدين عرباً أو أجانب أو حتى من شرق آسيا، وبعضهم دخل في مصاهرة بعض الأسر الكويتية نتيجة الثقة الموجودة تجاههم. فمنهم الدكتور والمهندس والمحامي والقاضي والمدرس وكل الفنيين ومن يعمل في القطاعات المختلفة. وهذا مسلك وسلوك حضاري تمثل في توفير سبل الراحة والأمن والأمان للوافد، حيث تسعى أغلب دول العالم بجلب الكفاءات إليها وتوفير الراحة والاستقرار لهم، حتى يستطيعوا تأدية أعمالهم بكل كفاءة واقتدار. ويقدر عدد الوافدين بالكويت 70 في المئة تقريباً من نسبة عدد السكان، ونعم قد تكون هناك مشاكل ناجمة عن كثرة بعض العمالة الآسيوية، والخطأ الذي يصدر من الوافد يجب أن يحاسب عليه وحده وهذا حق للدولة لملاحقة المخالفين وليس يسلط الضوء على فئة كاملة، ويجب أن نعرف أن الوافد لا يأتي إلا من خلال كفيل كويتي، وتنظيم سوق العمل من جديد يحتاج وقفة جادة وقراءة الموضوع من شتى جوانبه، لا أن نوجه سهام الاتهام إلى العمالة الوافدة في كل مناسبة تذكر، والتفريق بالعلاج بين المواطن والوافد أمر لا يقبله عقل، وضع مكانك أمام الوافد هل تقبل بهذه الإجراءات عليك؟ إن النظرة السلبية إلى العمالة الوافدة أدت إلى اتخاذ بعض الإجراءات السلبية تجاههم، خاصة من خلال التركيز الإعلامي على بعض الحالات الفردية أو زيادة الأعباء المالية عليهم، ويجب التعامل مع الموضوع بكل إنصاف وحيادية ولأنهم شريك أساسي في المجتمع الكويتي، وتخيل لو أن هذه البلدان التي تأتي منها العمالة الوافدة أوقفت إيفاد هذه العمالة إلينا كيف سنتصرف. عن نفسي فالذي درسني في التعليم بالمراحل المختلفة هم وافدون، وتلقيت العلاج كذلك من أطباء مهرة من الكويت ومن الوافدين، وأخذت بعض الأحكام من قضاة ومستشارين وافدين كذلك، فالإنصاف مطلوب في التعامل معهم. وتخيل معي أن أحد الوافدين عاش طفولته بالكويت، ودرس فيها وتزوج وولد جميع أبنائه بمستشفيات الكويت، ثم يجد مقابلة غير لطيفة من أحد الموظفين بكلمات جارحة للمشاعر مع كل أسف وهذا حدث بالفعل مع أحدهم، لا شك أنه أمر غير مقبول، وليس من رد الجميل لهم. وسامح الله من قال «اطردوا الوافدين من الكويت». akandary@gmail.com
مشاركة :