تحت إجراءات أمنية مشددة، مَثل أمس الاثنين أمام محكمة فيدرالية في ولاية فلوريدا استيبان سانتياغو منفذ الهجوم على مطار لودرديل الذي أسفر عن مقتل 5 مسافرين وإصابة 8 آخرين يوم الجمعة الماضي. وفي الوقت الذي سمح فيه لممثلي وسائل الإعلام ومراسلي وكالات الأنباء بحضور جلسة الاستماع الأولى، فإن المحكمة لم تسمح بالتقاط الصور أو تسجيل وقائع الجلسة لأن القانون الفيدرالي يحظر ذلك. وقالت مصادر إعلامية أميركية إن المحكمة أمرت بتشكيل هيئة محلفين مؤلفة من 12 مواطنا أميركيا ستكون مهمتهم إدانة المتهم أو تبرئته من الجرم المنسوب إليه، على أن يتولى 3 قضاة مختصين بالقانون الجنائي تحديد العقوبة على المتهم في حال إدانته. كما أمرت المحكمة بتعيين محامين للدفاع عن المتهم على نفقة الخزينة العامة بسبب عجزه عن تحمل تكاليف محام على حسابه الشخصي. ووجهت السلطات الأميركية تهمة القتل العمد إلى سانتياغو مطالبة بالحكم عليه بالإعدام. يذكر أن المتهم جندي سابق ترك الجيش في أغسطس (آب) الماضي، وكان قد خدم في العراق من أبريل (نيسان) 2010 إلى فبراير (شباط) 2011. ومن حق المتهم حسب القانون الفيدرالي أن يتنازل عن حق المحاكمة أمام هيئة محلفين ويمثل مباشرة أمام القضاة المختصين، غير أن متابعي القضية استبعدوا إقدام المتهم على هذا التنازل. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر أمنية أميركية أن التحقيق مع المتهم لن يتوقف بمجرد إحالته للمحاكمة، بل ستستمر محاولات معرفة دوافع المتهم لارتكاب جريمته، والبحث في شبهة انتمائه المحتمل لأي منظمة إرهابية، بينما تمضي إجراءات اختيار المحلفين بشكل متزامن مع التحقيق. وأضافت المصادر ذاتها أن الدليل الرئيسي الذي يعتزم ممثلو الادعاء تقديمه للمحكمة لدى المطالبة بإعدام المتهم، هو شريط فيديو يظهر اللحظات الأولى لإطلاق النار. وفي المقابل، فإن الاستراتيجية الدفاعية المتوقع أن يتبعها ممثلو الدفاع عن سانتياغو، فهي من دون أدنى شك التعلل بحالته العقلية ومحاولة إطالة مدة المحاكمة عن طريق المطالبة بإحالته لفحص طبي ونفسي مكثف. وفي تطور ذي صلة، قررت السلطات الفيدرالية والمحلية إطلاق تحقيق مواز لمعرفة المسؤول عن تسريب دليل الإدانة الرئيسي المتمثل في الشريط المصور الذي يظهر المتهم ضاغطا على زناد مسدسه ومطلقا الرصاصة الأولى بينما بدأ المسافرون المحيطون به يفرون للنجاة بأرواحهم من طلقات الرصاص. وكان موقع «تي إم زي» قد بث لقطات شريط الفيديو المشار إليه التي التقطتها كاميرا مراقبة، واعتبرت اللقطات توثيقا كافيا لبدء عملية إطلاق النار داخل صالة تسلم الحقائب في مطار «فورت لودرديل». ويظهر الشريط بوضوح ملامح وجه المتهم سانتياغو وهو يركض بسرعة داخل المطار، وبدا أن لديه لحية قصيرة، وكان يرتدي سترة زرقاء، ويحمل قطعة ثياب في يده، ولم تكن بحوزته أي حقيبة يد، وتوالت الثواني، وإذا بالرجل يسحب سريعا بيده اليمنى مسدسا كان قد أخفاه في حزامه، ويطلق على الفور رصاصتين باتجاه أشخاص لا يظهرون في الصورة. ولم يتوقف مطلق النار عن الركض إلى أن اختفى من أمام عدسة الكاميرا. وخلال تلك الثواني القصيرة سيطر الذهول على المسافرين الذين استغرق الأمر معهم بضع ثوان أخرى ليستوعبوا ما يحدث. وفي الشريط، تسارع امرأة بالاحتماء خلف عربة لحمل الأمتعة، فيما يرتمي آخرون أرضا. ولم يتجاوز ظهور المتهم سوى 5 ثواني من بين 20 ثانية هي مدة الشريط كاملة. وقال مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي إن سانتياغو «أطلق النار على رؤوس ضحاياه حتى نفدت ذخيرته». ولم يستبعد المكتب الدافع الإرهابي في فرضية محتملة في هذا الهجوم، لكن المحققين لم يتمكنوا من إثبات الفرضية. وتعتقد السلطات أن مطلق النار، البالغ من العمر 26 عاما، الذي نقل المسدس بشكل قانوني في حقيبة أمتعته، تصرف بمفرده. وأفاد كثير من الشهود من أقارب سانتياغو بأن الرجل يعاني مشكلات نفسية. ووجه إليه القضاء الفيدرالي كذلك تهمة مخالفة قانون حمل السلاح وارتكاب عمل عنيف في مطار، وفق بيان للمدعي الفيدرالي ويفريدو فيرير. وتصل عقوبة هذه التهم في حال الإدانة إلى الإعدام أو السجن المؤبد.
مشاركة :