قال الكرملين إن تقرير وكالة الاستخبارات الأميركية حول الهجمات الإلكترونية الروسية وتدخل موسكو في الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة يذكّر بـ«مطاردة الساحرات الشريرات». وفي أول تصريحات له بعد صمت استمر أكثر من أسبوع، علّق ديمتري بيسكوف المتحدث الصحافي باسم الرئاسة الروسية، على مجمل التطورات الأخيرة المتصلة بالاتهامات الأميركية لروسيا، وقال أمس إن ما يتضمنه تقرير الاستخبارات الأميركية من معلومات، لا يشكّل أدلّة تثبت تدخل روسيا في الانتخابات الأميركية. وفي إشارة منه إلى كثرة الأحاديث والاتهامات التي تكررت طيلة الأشهر الماضية حول موضوع الهجمات الإلكترونية الروسية، اشتكى بيسكوف من «تعب حقيقي نشعر به جراء سماع تلك الاتهامات»، التي قال: إنها «تذكر بكل ملامحها بصيد الساحرات الشريرات»، متهما الإدارة الأميركية بأنها «مرت بتجارب مماثلة»، أي سبق أن قامت بحملات توجه فيها اتهامات لدول أخرى في العالم. وقلل المتحدث الصحافي باسم الكرملين من شأن تقرير الاستخبارات الأميركية الأخير، مؤكدا على قناعته بأن «ذلك التقرير لم يأت بأي مفصل جديد للتعليق عليه»، ومعربا عن أمله بأن «تحل مواقف أكثر واقعية عوضًا عن نوبات الانفعال العاطفي». كما كرر نفي ضلوع أي من المؤسسات الحكومية الروسية أو أي من المسؤولين الروس في الهجمات الإلكترونية، التي تقول الإدارة الأميركية الحالية إن روسيا تقف خلفها، وإنها استهدفت الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة للتلاعب بالنتائج. من جانبها، علقت ماريا زاخاروفا المتحدثة الرسمية باسم الخارجية الروسية على تحميل قراصنة من روسيا مسؤولية «اختراق» مواقع إلكترونية أميركية، وكتبت معلقة في صفحتها على «فيسبوك» بسخرية «إذا كان القراصنة الروس قد اخترقوا شيئا ما، فهو دماغ أوباما أولا، وتقرير الاستخبارات ذاته عن القراصنة الروس ثانيًا». وكانت الاستخبارات الأميركية قد نشرت في السابع من يناير (كانون الثاني) نسخة غير سرية عن التقرير حول «التدخل الروسي» في الانتخابات، تقول فيه «بدرجة عالية من الثقة» إن فلاديمير بوتين هو من أصدر تعليمات لتنظيم حملة التدخل في الانتخابات، بغية «تقويض ثقة الشعب بالديمقراطية الأميركية، وتشويه صورة هيلاري كلينتون، وإلحاق الضرر بحملتها الانتخابية، والحيلولة دون فوزها في الانتخابات الرئاسية». وتقول الاستخبارات الأميركية إن السلطات الروسية كانت تفضل رؤية دونالد ترامب على كرسي الرئاسة في الولايات المتحدة، وعرضت ذلك التقرير على الإدارة الحالية، وعلى الرئيس المنتخب دونالد ترامب، الذي طلب من مؤسسات الاستخبارات في الولايات المتحدة إعداد توصيات للتعامل مع الموقف كي يتم النظر بها. وإن كان ترامب قد استبعد مسألة التأثير على نتائج الانتخابات الأميركية، إلا أنه لم ينف، بعد سماعه التقرير، احتمال ضلوع روسيا بهجمات إلكترونية ضد مواقع لقوى سياسية في الولايات المتحدة. واكتفى بتحميل المسؤولية عن ذلك للديمقراطيين، لأنهم لم يؤمنوا الحماية المطلوبة لصفحاتهم على الإنترنت. أما راينس بريبوس، كبير موظفي البيت الأبيض المستقبلي، في إدارة أوباما، فلم يستبعد بعد الاستماع للتقرير، أن تتخذ إدارة ترامب تدابير ضد روسيا. وتجاهل كل من الرئيس الأميركي المنتهية ولايته باراك أوباما والمنتخب دونالد ترامب الرد على تعليقات الكرملين الساخرة من اتهامات الولايات المتحدة لموسكو. وفي الوقت الذي لاذ فيه أوباما بالصمت، مؤجلا التعليق على الأرجح إلى وقت لاحق، فإن ترامب لم يبد حماسة للاستمرار في جدل يتفق فيه مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين أكثر من اتفاقه مع سلفه الأميركي باراك أوباما. ولهذا فقد آثر ترامب خوض معارك أخرى مع رموز فنية وإعلامية أميركية، عبر تغريدات مبتعدا بصورة مؤقتة عن الخوض في قضايا السياسة الخارجية. ورغم أن ترامب تحدث إلى الصحافيين أثناء وجوده في بهو برج ترامب المملوك له في نيويورك، فإن تركيزه على القضايا الداخلية الاقتصادية والصحية كان واضحا وتفادى خلال حديثه التعليق على تصريحات الناطق باسم الكرملين. ومن غير المتوقع أن يستمر امتناع أوباما عن الإدلاء بقوله الأخير تجاه القضية خلال الأيام المعدودة المتبقية له في البيت الأبيض. أما الرئيس المقبل فإنه يتطلع إلى الحديث عن العلاقات مع روسيا مع ممثل الكرملين المتوقع حضوره حفل التنصيب لنقل مباركة بوتين لترامب في العشرين من يناير الجاري. في هذه الأثناء، أصدر مجلس الاستخبارات الأميركية تقريرا مفصلا عن المخاطر والتحديات التي تواجهها الولايات المتحدة على الصعيد العالمي، وكان من اللافت أن التقرير وضع روسيا والصين ضمن التحديات القوية التي سوف يواجهها ساكن البيت الأبيض خلال السنوات الأربع المقبلة. وعلق محللون أميركيون على هذا التقرير بأنه يرضي توجهات ترامب فيما يتعلق بالجانب الصيني، في حين أنه يخالف ما يريد أن يسمعه ترامب بشأن الصديق الروسي.
مشاركة :