معاناة مزدوجة لفلسطينيي سوريا اللاجئين في مخيمات لبنان

  • 1/10/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

بيروت (أ ف ب) - حين فر فؤاد أبو خالد من الحرب في سوريا المجاورة، ظن انه سيلقى ترحيبا من ابناء جلدته الفلسطينيين في مخيم شاتيلا في جنوب بيروت، لكنه وجد مجتمعا يستاء من الوافدين الجدد في ظل الموارد المحدودة من الجهات المانحة. ويقول أبو خالد الذي غادر مخيم اليرموك جنوب دمشق مع عائلته العام 2013 بعيد بدء المعارك "رغم أنه فلسطيني وأنا فلسطيني، لكنني ابقى فلسطينياً من سوريا وهو فلسطيني من لبنان". ويضيف لوكالة فرانس برس "انه ينظر إليك كأنك ستأخذ مكانه أو تستغله، أو تاخذ منه قوت يومه". وأبو خالد واحد من 31 ألف فلسطيني على الأقل لجأوا إلى لبنان منذ بدء النزاع في سوريا في آذار/مارس 2011، ضمن موجة لجوء ونزوح كبيرة طالت نحو نصف سكان سوريا. ويستضيف لبنان اساسا نحو 450 ألف لاجئ فلسطيني معظمهم أحفاد أولئك الذين تركوا منازلهم بعد إعلان قيام دولة إسرائيل العام 1948، أو خلال النزاعات اللاحقة. جالسا على فراش رقيق داخل شقة من غرفتين مع زوجته وأولاده الثمانية، يقول أبو خالد (52 عاما) إنه ببساطة عاجز عن تحمل نفقات معيشتهم. قبل مجيئه الى لبنان، كان ابو خالد صاحب متجر بقالة لكن المعارك ادت الى تدميره ولم يعد لديه مورد رزق، اما المساعدات التي يتلقاها من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" ومنظمات خيرية أخرى لم تعد كافية. ويضيف بانفعال "اذا استمرت هذه الحالة، يمكن أن ينفجر الشعب". في ناحية أخرى من المخيم ذي الازقة الضيقة والمنازل المتراصة والقديمة، والاشرطة المتدلية، تجلس نجاح عوض داخل غرفة متواضعة حيث تعيش مع أطفالها الثلاثة منذ فرارهم من مخيم اليرموك العام 2013. وتقول نجاح "في البداية، استقبلونا جيدا، لكن الامر لم يعد كذلك. أصبحوا يعتبرون أننا تعدينا عليهم وعلى رزقهم". - "تحت خط الفقر" - ويقر مدير الأونروا في سوريا ماتياس الشمالي بالمعاناة التي تواجه الفلسطينيين اللاجئين من سوريا وأيضا أولئك الذين يستضيفونهم في لبنان. ويقول الشمالي "طالما يتواصل هذا النزوح من سوريا ويتزايد الضغط على الأونروا وعلى المضيفين من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، أعتقد أنه لا يمكننا استبعاد التوتر". إلا أنه يشدد على أن اللاجئين الفلسطينيين في لبنان أظهروا كرما كبيرا وسط ظروف صعبة، فتقاسموا الموارد وفي بعض الحالات استضافوا فلسطينيين من سوريا. ويوضح لفرانس برس إن "الأمر يحتاج إلى الكثير من التضامن إذا كنت أنت شخصيا تحت خط الفقر". وهناك نحو خمسة ملايين لاجئ فلسطيني في لبنان والأردن وسوريا والضفة الغربية وقطاع غزة، مسجلين لتلقي المساعدات من اونروا التي تأسست العام 1948. وغالبا ما تعاني المنظمة الأممية من نقص في الاستجابة لندءات التمويل التي تطلقها، الا انها تعرضت مع اندلاع النزاع في سوريا لضغوط متزايدة، وبات نحو 410 آلاف فلسطيني يعتمدون في الوقت الراهن على مساعدات الأونروا بشكل كامل. ولذلك، أطلقت الوكالة الاثنين نداء طارئا للحصول على تمويل بحجم 410 ملايين دولار. ويعاني الفلسطينيون في لبنان، وضمنهم اولئك الوافدين من سوريا، من مصاعب متفاقمة بفعل القيود المشددة حيال قدرتهم على العمل. ويعمل أبو خالد على تربية طيور الكناري أملا ببيع الواحد منها بنحو ثلاثين دولارا. لا تزال زوجته تتعافي من عملية جراحية دفعت منظمة اونروا نصف تكلفتها، فيما يكافح لسداد المبلغ المتبقي. - "نذوق الازمة معاً" - وبحسب دراسة أجرتها المنظمة والجامعة الأميركية في بيروت العام 2016، يعيش نحو تسعين في المئة من فلسطينيي سوريا المتواجدين في لبنان تحت خط الفقر. تسعة في المئة منهم غير قادرين على تأمين احتياجاتهم الأساسية من الغذاء. تروي نجوى حزينة، فلسطينية من مخيم اليرموك، تعمل مع منظمات انسانية عدة في مخيم شاتيلا، ان بعض العائلات قادرة على تأمين خمسين في المئة فقط من احتياجاتها. وتوضح "يمكنهم تغطية تلك النفقات من خلال الاستدانة، وعادة تنقصهم الكثير من الأشياء.. بعضهم يفتقد للعلاج وتصبح الأم طبيبة العائلة. وفي بعض الأحيان يتم الاستغناء عن الطعام". وفي الاطار ذاته، يشير ابو خالد الى انه يعرف عائلات تصارع لتلبية احتياجاتها الاساسية. ويقول "إنها كارثة على أولئك الذين أجبروا على الفرار" موضحا ان العائلة الميسورة "تأكل وجبتين في اليوم والمتوسطة وجبة واحدة. وثمة عائلات اخرى لا تجد شيئاً". ورغم الصعوبات، يؤكد محمد أبو علي من حركة فتح الانتفاضة، إحدى الفصائل الفلسطينية في مخيم شاتيلا، أن فلسطينيي لبنان ملتزمون بمساعدة إخوانهم. ويقول "الأزمة نعيشها نحن وإياهم، أفضل من أن نعيش نحن في الضوء وهم في العتمة أو يكون لدينا ماء وهم من دونها". ويضيف "نأمل ان تنظر الأونروا إلى ذلك لأنها مجبرة أن تساعد اللاجئ الفلسطيني السوري في المخيم وتساعدنا".

مشاركة :