آفة الأهواء الشخصية دمرت مصداقية النقد الفني بقلم: هشام السيد

  • 1/11/2017
  • 00:00
  • 11
  • 0
  • 0
news-picture

الفنان المصري محمد نجاتي أعماله الفنية بعناية شديدة، غير مهتم بحجم الدور بقدر اهتمامه بمدى وقعه على المشاهد، “العرب” التقت نجاتي على هامش تصويره المشاهد الأخيرة من مسلسله “السبع بنات”، وهو الآن ينتظر طرح فيلمه “الخروج عن النص” من إخراج حسن السيد، بينما انتهى مؤخرا من تصوير فيلمه “الفندق” مع علا غانم وأحمد بدير، وتأليف أسامة فهمي وإخراج عاطف شكري، والذي سيتم عرضه في أواسط شهر يناير الجاري. عن تركيز الأعمال الفنية في الآونة الأخيرة على القضايا المجتمعية والحياتية، وهل يمثل هذا ذكاء من صناع الفن أم تم فرض ذلك عليهم، نتيجة لضغوط ظروف الحياة حاليا؟ قال نجاتي لـ”العرب”، “نحن كشعوب عربية نهتم أكثر بفكرة ‘الحدوتة’ إلى جانب الخط السياسي، إلا أن القضايا المجتمعية دائما ما تكون فيها مساحة للتسلية، وهذا من وجهة نظري أساس وجود الدراما ثم تأتي الرسالة في المرتبة التالية”. نجاتي يفتخر بكونه اكتسب منهجية التمثيل من الفنان الراحل أحمد زكي، ويؤكد أنه يختار عملا أو إثنين على مدار العام، وربما في عامين، ما يعني أنه يتروى في الاختيار ويشترط أن يضيف العمل جديدا إلى مشواره الفني، وليس الخضوع لما يريده الشارع، “أنا لا أؤمن بمقولة الجمهور عاوز كده” (أي هذا ما يريده الجمهور). قال الفنان عن الشاشة، إنها بمثابة القائد أو “الإمام” الذي يوجه الناس وأمزجتهم، وبالتالي فالشارع مسؤولية الفنان وليس العكس، ومن خلال تلك القوى الناعمة للفنان يمكن توجيه الجمهور، الأمر الذي يولّد لديه إحساسا بالمسؤولية الأخلاقية، وربما الدينية أيضا لبث الأفكار البناءة. محمد نجاتي يطالب بإحكام الرقابة على الأعمال الفنية، معتبرا الدخلاء على الفن، هم السبب في تراجع الذوق العام ويستدرك بأنه لا يعني بذلك أن يرفض الفنان تقديم “أعمال الشر”، أو تجسيد دور “البلطجي” الذي يحمل السلاح، لأنه يرى أن ذلك موجود، وهي كلها أدوات وشخصيات ثرية تغري الفنان بتجسيدها، لكن وفقا لحدود أخلاقية حتى لا تكون مثل كلمة الحق التي يراد بها باطل، بمعنى أننا بحجة أن الفن مرآة المجتمع نقوم بتصدير الصورة السلبية لمجتمعاتنا العربية. ولا يمانع محمد نجاتي في تجسيد قضايا الجنس والدين والقبلات داخل الأعمال الفنية، لكنه يشترط ألا يكون وجودها لمجرد كسب المزيد من الجمهور والإيرادات، أو اللعب على مشاعر المراهقين، لافتا إلى أن “القبلة” التي جمعته مع الفنانة شريهان في فيلم “عَرَق البلح” للمخرج رضوان الكاشف كانت ذات أهمية كبيرة في السياق الدرامي للفيلم، وفي حال ما إذا كانت قد حُذفت، فسوف يختل المضمون. ويرفض نجاتي التنازل عن أي معيار فني داخل الشخصية التي يؤديها، ويصف الفنان الذي يلجأ إلى ذلك بأنه معدوم الضمير ويفرط في رسالته وأفكاره، ويشدد على أن الشيء الوحيد الذي يقبل التنازل عنه، هو “ارتفاع الأجر”، سعيا للحصول على عمل جيد يشبع ما لديه من قدرات فنية. ويرى أن الفنان يمثل المدرسة التي يتخرج منها الطفل وعندما يكبر سيفكر في هذه المبادئ والمعتقدات، ويقول “أنا شخصيا كان حظي جيدا، لأنني بدأت منذ أن كنت طفلا في الثانية عشرة من عمري مع فنانين كبار، أمثال أحمد زكي ومحمود عبدالعزيز وفريد شوقي ونور الشريف وميرفت أمين وتعلمت منهم الالتزام وحب الفن والانضباط في المواعيد والكثير من المبادئ التي لا أدعيها، ولكني تطبعت عليها”. والممثل الجيد بالنسبة إليه يجب أن تكون قراءاته ومشاهداته مختلفة عن الآخرين، حتى يمتلك مخزونا إنسانيا يؤهله لإمتاع الناس بأعماله ليصدقه المتلقي، ويوضح “كل شخصية أجسدها لها منظور وطبيعة خاصة بها، وإن تشابهت البيئة والنشأة” . وعن مسلسل “السبع بنات” الذي أخرجه محمد النقلي ويعرض حاليا، يشير إلى أنه نجح مع الجمهور، لأنه صُنع بتقنية جيدة ويتناول العديد من المشكلات المجتمعية. والمسلسل من 60 حلقة من إنتاج ممدوح شاهين ويروي قصة 7 بنات، منهن اثنتان ثريتان والخمس الأخريات فقيرات، يتوفى والدهن وتطاردهن المشكلات فيقررن التحدي والوقوف صفا واحدا، وتتخلل الأحداث قصص الحب للسبع بنات. نجاتي الذي يعزف على العود وكانت لديه تجربة قديمة في الغناء يحترس من الخروج على الناس كمطرب ويجسد نجاتي في المسلسل دور شخص انتهازي، الغاية لديه تبرر الوسيلة، ويتخذ طريقا منحرفا للحصول على ما يريد، ولكنه في النهاية يتطهر، وهنا فإن حالة “التطهر” من وجهة نظر نجاتي كفنان “إذا ما قُصد بها التعرض للسياسة، فإنه يجد أن السياسة مرتبطة بالمشاكل المجتمعية التي نعيشها وكلاهما يؤثر في الآخر، وإذا تحدثنا عن مشكلات هؤلاء الفتيات السبع، فسنجدها مرتبطة أولا وأخيرا بالسياسة”. ويطالب محمد نجاتي بإحكام الرقابة على الأعمال الفنية، لافتا إلى أن الدخلاء على الفن، سبب مباشر في تراجع المستوى العام، إذ يقول “للأسف كل من يملك المال يستطيع الإنتاج دون الالتفات إلى الفن وقيمته”، ويؤكد أن القلق وتحديد المساوئ، ليسا تشاؤما بقدر ما هما إدراك لحجم المشكلة بهدف الارتقاء بهذه الصناعة وإسناد الأمر لأهله. نجاتي الذي يعزف على العود وكانت لديه تجربة قديمة في الغناء يحترس من الخروج على الناس كمطرب، إلا أنه يضع هذه الموهبة كأداة من أدوات الممثل قد تساعده على تجسيد شخصية غنائية في أحد الأعمال الفنية، لكن ذلك لن يمنعه من التجربة الغنائية مستقبلا لطرح رؤيته الفنية في الغناء بموضوع إنساني ومجتمعي. ولا يرى الفنان المصري محمد نجاتي أي عيب في أن يعترف بأن النقد الفني فقد مصداقيته لدى الفنانين والجمهور معا، لأنه وقع في آفة الأهواء الشخصية. :: اقرأ أيضاً باحث مصري يسقط أقنعة ديكارت العقلانية سهيل قاشا يجدد سرقاته وينتحل كتاب الروسي كلشكوف كتاب عن العمارة والفنون الإسلامية بالجزائر مهرجان نيابوليس للمسرح يمنح الحلم لأطفال تونس

مشاركة :