فاطمة نور .. أم لطفلتين تعاني شللاً نصفيا، ولم تمنعها إعاقتها الجسدية ومسؤولياتها الأسرية من حفظ 25 جزءًا من القرآن الكريم و الحضور اليومي في شهر رمضان المبارك إلى المسجد النبوي منذ 17 عاماً مضت لتشهد صلاة العشاء والتراويح خلف الإمام ، في الوقت الذي تحرص فيه على أن تحمل معها على عربتها المتحركة الماء والعصير لتوزيعه على العمالة والأطفال الذين تقابلهم في طريقها وهي متوجهة للمسجد النبوي. فاطمة توزع العصير على الأطفال في ساحات المسجد النبوي. "الاقتصادية" التقت فاطمة في ساحات المسجد النبوي أثناء انصرافها من صلاة التراويح على عربتها التي تجوب بها شوارع المدينة بواسطة دفعها بيدها، والتي أكدت أنها تجهل كم بلغت من العمر حيث إن والدتها – حسب قولها - أنجبتها في زمن كانت تحسب الأعمار لدى عائلتها فيه بحوادث " الشمس والمطر والقمر " لا بالتواريخ الهجرية أو الميلادية، ولكنها قالت إنها تتوقع أن سنها حالياً تجاوز 35 عاما، مشيرة إلى أن لديها طفلتين تبلغ إحداهما عشرة أعوام والثانية خمسة أعوام يقوم خالتهن على رعايتهن فيما تفرغت هي للدعوة إلى الله وقضاء وقتها بصحبة القرآن الكريم والصلاة في المسجد النبوي. وعن برنامجها اليومي في رمضان قالت إنها تقضي يومياً ثماني ساعات في قراءة القرآن الكريم تختم بها من 10 إلى 15 جزءًا وفقاً لجدول أعدته للحفظ والقراءة، مؤكدة أن قراءة هذا العدد من الأجزاء يسيرة وسهلة بالنسبة لها لكونها حافظة لها، وتخرج لصلاة التراويح من منزلها الكائن في حي الجبور في المدينة المنورة قبل أذان العشاء بنصف ساعة وتصل إلى المسجد النبوي وقت أذان الصلاة وتعود لمنزلها في الساعة الحادية عشر بعد الانتهاء من صلاة التراويح. وأكدت فاطمة أنها تعاني كثيراً في ذهابها وعودتها عبر عربتها المتحركة لإزدحام الطرقات المؤدية للحرم بالسيارات وصعوبة الظهور على الرصيف الذي قالت إن الصعود عليه والنزول منه يستغرق كل منهما ما يقارب ربع الساعة لارتفاعها عن سطح الأرض ما لم يقم أحد المارة بمساعدتها، وذكرت أن رجال الأمن في المنطقة القريبة من المسجد النبوي يساعدوها بدفع عربتها وقطعها للطريق المزدحم بالسيارت، وأضافت أنها اعتادت منذ 17 عاماً مضت ألاّ تفوتها صلاة العشاء والتراويح في المسجد النبوي إلاّ لظروف قاهره كالمرض حتى أن أغلب العاملين في الساحات والمحال المجاورة للحرم باتوا يعرفونها ويتسابقون نحوها لدفع عربتها وإيصالها للساحات المخصصة للنساء ، مشيرة في الوقت ذاته إلى أن إعاقتها لم تمنعها يوماً من أداء واجباتها الدينية أو الدعوة الى الله. وقالت نور إنها من يقوم بشراء مستلزمات طفلتيها من سوق قباء فقط حيث إن ارتفاع محاله عن الرصيف مناسب لها وتستطيع دخولها بعربتها المتحركة بعكس المجمعات التجارية الأخرى، وأضافت أنها تفضل السير عبر عربتها المتحركة يدوياً على الكهربائية رغم مشقة الصعود والنزول إليها، وذلك لكون العربة الكهربائية تتطلب شحنا كهربائيا يشكل بالنسبة لها صعوبة كما أنها تخشى توقفها أو تعطلها أثناء سيرها في الطريق مما قد يعرضها للخطر، وكشفت فاطمة أنها تعاني بعض الأوقات في الأماكن العامة من نظرة البعض لها بشفقة وآخرون يظنون أنها تمثل الإعاقة بغرض " التسول" رغم أنها تسير في طريقها لم تطلب العون أو المساعدة منهم، وأضافت " الإعاقة إبتلاء طبيعي ولكن النظرة للمصاب بها بالنقص أو إساءة الظن به والاعتقاد بأنه يريد استعطاف الآخرين قاسية ومؤلمة له جداً".
مشاركة :