«حاكموه واقتلوه»، هذا هو لسان حال سعوديين غاضبين عقب مشاهدتهم مقطعا مصوراً انتشر في مواقع التواصل الاجتماعي لرجل تجرد من المشاعر الإنسانية بتعنيفه رضيعة لم يتجاوز عمرها الأشهر، حاول فيه خنقها وكتم أنفاسها. وانتشر الفيديو كالنار في الهشيم في عدد من مواقع التواصل الاجتماعي، إثر نشره في حساب على موقع «تويتر» يدعى «أم تريد بنتها بحضنها»، إدعت فيه صاحبة الحساب أنها أم الطفلة المعنفة، وهي سورية الجنسية، وزوجها سعودي، كتبت أنه «أخذ منها ابنتها وهي عمرها شهر ويهددها بالقتل»، وناشدت فيه مساعدتها لإنقاذ إبنتها الرضيعة من هذا «العذاب». وكتبت الأم: «إلى كل مسوؤل إلى كل محامي إلى كل من بيده الأمر أحموا طفلتي من التعذيب #ام_تريد_بنتها_بحضنها واصلوني على الخاص وافيدكم بكل المعلومات». وتباينت ردود فعل مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي تجاه الفيديو الصادم، بين من يتهم الأب بـ«عدم الرحمة»، ومن اتهم الأم بـ«عدم المسؤولية»، لترك ابنتها مع هذا الزوج، طالبوها فيه بالتوجه مباشرة لإبلاغ الشرطة عنه، لترد صاحبة الحساب «أن مشكلتي لا تنحل في الشرطة كوني أجنبية وتزوجت من دون تصريح»، ما يعنى أنه سيتم ترحيلها بمجرد ذهابها، مناشدة من يتهموها بـ«ااستيعاب ذلك قبل تجريحها». ولم تسلم الأم المزعومة من هجوم المغردين الذين لم يتقبلوا موقفها، لتتباين ردود أفعالهم، فمنهم من لم يقتنع بالقصة واتهمها باختلاقها، ومنهم من رفض قبول أي عذر لها لترك ابنتها في يد هذا «الوحش»، حتى ولو كان الثمن «ترحيلها من البلاد»، لافتين إلى أنها «مسألة حقوق إنسان». فيما طالب أحدهم بمحاكمة الأب بتهمة الشروع في قتل الطفلة. ونصح أحد المغردين، الأم بأن لا تنتظر أحداً وتباشر في إنقاذ ابنتها عبر مركز الشرطة، وهو ما أكده آخر قائلاً إن «هذا الفيديو يكفي لرمي هذا المختل في السجن. البلد فيها حكومة وقضاء ليتك تسمعين الكلام». وانتقدها آخر مستنكراً خوفها «لا تحملي الطفل نتيجة خطأك، أنت شريكة أيضاً في الجرم». ولم تمض ساعات قليلة على نشر الفيديو الذي أرفقه مغردون بصورة هوية ورقم هاتف لشخص قيل إنه الأب المتهم بالفعل، حتى تفاعل معه ناشطون حقوقيون وفنانون ومسؤولون، إذ طالبت الاستشارية النفسية نوف سلطان بمعرفة وضع الطفلة، متبنية تقديم الرعاية النفسية والاجتماعية لها، متهمة الأب بأنه «مريض نفسياً»، ليتفاعل معها الناطق الرسمي باسم وزارة العمل والتنمية الاجتماعية خالد أبا الخيل: «طلبنا من صاحبة الحساب التواصل معنا، للتأكد من صحة وتفاصيل الحال، وستتخذ الوزارة الإجراءات النظامية، إذا ثبت صحة ذلك». وتفاعلت عضو مجلس الشورى لطيفة الشعلان، ملقية باللائمة على «نظام الحماية من الإيذاء»، متهمة إياه بـ«الضعف وأضعفته لائحته التنفيذية أكثر»، وهو ما أكده الكاتب والناطق باسم وزارة العمل والتنمية الاجتماعية خالد أبا الخيل، والأكاديمي بجامعة الملك سعود جبرين الجبرين، وقالا إن «نظام الحماية من الإيذاء مثل نظام التسول ولد ميتاً». ودخل الفنان خالد المالكي على الخط، مطالباً هيئة حقوق الإنسان بالتدخل لإنقاذ الطفلة، واصفاً مرتكب هذا الفعل «بحيوان آدمي»، لترد صاحبة الحساب بتقديم الشكر له. ولم تمض ساعات حتى كتب أبا الخيل، مطمئناً المهتمين بحال الطفلة، قائلاً إنه «تم الوصول إلى والدة الطفلة ومقابلتها من مدير فرع الوزارة، وسيتم اتخاذ الإجراء اللازم وفق نظام حماية الطفل من الإيذاء»، وهو ما أكدته صاحبة الحساب في تغريدة لها منذ قليل: «بفضل الله تواصلت مع الجهات المختصة، وستكون لي مداخلة هاتفية في قناة العربية الساعة السادسة بإذن الله. دعواتكم لطفلتي». وجاءت الإستجابة السريعة من هيئة حقوق الإنسان، التي خرجت ببيان رسمي لها أكدت فيه أنها «تابعت ما تم تداوله على وسائل التواصل الإجتماعي لمقطع الفيديو»، مشددة على أنها «اتخذت الإجراءات النظامية كافة بالتنسيق مع وزارة الداخلية ممثلة في الأمن العام، لضبط الفاعل واستكمال الإجراءات النظامية في حق الجاني وحفظ حقوق هذه الطفلة». وأضافت الهيئة «تبين للهيئة ما ظهر خلال المقاطع المتداولة فعل محرم ومجرم وفق أحكام الشريعة الإسلامية والأنظمة المرعية، وتؤكد الهيئة أن الفاعل لا يمكن أن يفلت من العقوبة الجزائية الرادعة». يذكر أن مواقع التواصل الاجتماعي تضج بكثير من الفيدوهات لأطفال معنفين، ظهر آخرها في تشرين الثاني (نوفمبر) لأم تعنف ابنها وتجبره على التقيوء، في حين تعد أشهر قضايا تعنيف الأطفال تلك التي تعرضت لها الطفلة لمى ذات الخمس سنوات، والتي فارقت الحياة على يدي والدها في العام 2013، بعد تعذيبها لفترة طويلة، وتم تداول القضية في المحاكم لفترة إلى أن أطلق سراح والدها بعدما تم الاكتفاء بدفع الدية. وعلى رغم التشريعات التي سنتها المملكة لمكافحة العنف الأسري وتضمنت الغرامة والجبس، إلا أنها تشهد ازدياداً، إذ كشفت «الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في تقرير لها في العام 2015، تنامي قضايا العنف ضد الأطفال بعدما بلغت 28 في المئة من مجمل القضايا في العام 2014 تنوعت فيه حالات العنف لتشمل «التحرش الجنسي».
مشاركة :