فيون مرشح الرئاسة الفرنسية المقبل يصف إطراء الأسد له بـ«هدية مسمومة»

  • 1/12/2017
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

«إنها هدية مسمومة».. هكذا وصفت أوساط فرنسوا فيون، المرشح اليميني للانتخابات الرئاسية الفرنسية «الإطراء» الذي أسبغه الرئيس السوري بشار الأسد على توجهاته السياسية بالنسبة للوضع في سوريا ومحاربة الإرهاب كما جاء في حديث الأخير لثلاث وسائل إعلامية فرنسية رئيسية قبل ثلاثة أيام. لكن هذه المرة، لم يكتف فيون بما يقوله معاونوه أو الناطقون باسمه بشأن تفاعلات زيارة ثلاثة نواب فرنسيين على رأسهم النائب تييري مارياني إلى سوريا ولقائهم الأسد، بل حرص أمس على توضيح موقفه شخصيا ووضع النقاط على الحروف في حديث للقناة الإخبارية الفرنسية «بي إف إم». لا يريد فيون أن يعد من داعمي الأسد أو من الداعين إلى بقائه في السلطة. والتصريحات التي جاءت على لسانه أثناء الحملة التمهيدية للفوز بترشيح حزب «الجمهوريون» للرئاسيات في الربيع القادم وقربه من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، جعلت الرأي العام الفرنسي يصنف فيون في خانة الواقفين في صف الأسد. من هنا قوله أمس إنه «لا يؤيد بقاء الأسد في السلطة فهو ديكتاتور لديه ماض دموي». وأضاف رئيس الحكومة السابق: «أقول فقط إن بشار الأسد يحظى بدعم قسم من الشعب وأن الدبلوماسية الفرنسية والغربية أقصتا نفسيهما من النزاع السوري برفضهما فكرة التحدث إليه». أما بشأن دخول الأسد على خط الانتخابات الفرنسية و«ترحيبه» بمواقف فيون من الوضع في سوريا وتحديدا من مسألة محاربة الإرهاب، فقد اعتبرها المرشح الرئاسي نوعا من أنواع «المراوغة». ودعا فيون الإعلام الفرنسي إلى التنبه لكي لا يكون مطية لـ«تلاعبات الأسد». حقيقة الأمر أن التفاعلات التي أفضت إليها زيارة النواب الثلاثة إلى سوريا بسبب ثنائهم على النظام وتجاهلهم لما قام به ولمآسي الشعب دفعت اليمين واليسار على السواء لتوجيه النقد اللاذع لهم. لكن الإدانة القوية الصادرة أمس عن فيون سببها ما علق بأذهان الفرنسيين من أنه من أنصار الأسد بسبب الانتقادات التي يوجهها للدبلوماسية الفرنسية التي يقول عنها إنها أفضت إلى طريق مسدود واعتباره، قبل أسابيع قليلة أنه يتعين إعادة إقامة قناة اتصال مع النظام السوري من خلال إعادة إقامة تمثيل دبلوماسي جزئي في دمشق. وكان الملف السوري أحد مواضع التباين بينه وبين المرشح اليميني الآخر ألان جوبيه الذي بدأ قريبا جدا من الخط الذي تسير عليه الدبلوماسية الفرنسية لجهة اعتباره أن الأسد لا يمكن أن يكون جزءا من مستقبل سوريا. لكن اليمين المتشدد الفرنسي وبعض اليمين المحافظ المنضوي تحت راية حزب «الجمهوريون» الذي ينتمي إليه اثنان من النواب الثلاثة الذين ذهبوا إلى دمشق مضافا إليهما بعض اليسار المتشدد، يرى أنه يتعين الوقوف إلى جانب النظام «لأنه ليس عدوا لفرنسا بعكس «داعش» التي أعلنت الحرب عليها». ويعد تييري مارياني رأس الحربة للتوجه المذكور يمينيا إذ أنه قاد ثلاث مجموعات نيابية إلى سوريا وفي المرات الثلاث، ذهب إلى لقاء الرئيس السوري. وتبين تصريحاته لوسائل الإعلام السورية المحلية تأييدا واضحا للنظام. وسبق له أن أثار جدلا واسعا في باريس بعد زيارة إلى شبه جزيرة القرم بعد أن ضمها الرئيس بوتين إلى روسيا في عام 2014. وذهب مارياني إلى اعتبار أن ضمها جاء شرعيا وقانونيا لأنه أعقب استفتاء عاما، يعلم الجميع أنه كان «مفبركا» على الطريقة الروسية. ثمة أمر ثابت يركز عليه فيون كلما تناول الحرب في سوريا والحرب على الإرهاب بشكل عام، وهو حديثه عن وضع مسيحيي المشرق. وإحدى الصور النمطية التي يتم الترويج لها هي اعتبار أن نظام الأسد يحمي المسيحيين كما الأقليات الأخرى. لكن كلامه الأخير ينم عن عنف في النظرة إلى النظام السوري وفي وصفه للرئيس الأسد شخصيا، ما يعني أن الذين يراهنون على تغير سريع وجذري في السياسة الفرنسية في حال وصوله إلى الرئاسة قد يصابون بخيبة أمل كبيرة. لذا، فإن المحيطين بالمرشح اليميني كانوا قد مهدوا الطريق لما قاله فيون أمس، إذ سربوا إلى وسائل إعلامية أن النواب الثلاثة لم يحملوا أي رسالة منه إلى الأسد وأنه يرفض استقبالهم لدى عودتهم، ما يعني أنه يريد الابتعاد تماما عما يروجون له من مقولات. وحرص تييري سولير، الناطق باسم فيون على القول إن زيارة الثلاثة جاءت بـ«مبادرة شخصية» من النواب الثلاثة وإنه «لا يحبذ الدبلوماسية البرلمانية» التي تأتي لتنافس الدبلوماسية الرسمية الممثلة بوزارة الخارجية. كذلك، فإن هذه الزيارة أثارت غضب النائب برونو لو مير، المسؤول عن ملف العلاقات الدولية في فريق فيون الانتخابي والمرشح ليشغل وزارة الخارجية في حال فوزه بالرئاسة. هكذا، أصبحت الحرب السورية مادة للجدل الداخلي، ولا شك أن الرئيس هولاند سيعود إلى تناولها مجددا صباح اليوم في الكلمة التقليدية التي سيلقيها أمام السلك الدبلوماسي الأجنبي المعتمد في باريس بمناسبة العام الجديد. لكن مشكلة باريس أنها تجد نفسها اليوم مهمشة في الملف السوري الذي انتقلت دفة إدارته إلى روسيا وتركيا إيران، فيما «الشريك» الأميركي غائب اليوم بسبب المرحلة الانتقالية بين رئيس وافد وآخر مغادر. لكن الأوساط الفرنسية تعتبر أنها ستعود إلى الملف عندما تستأنف المحادثات السورية في جنيف وعندما تنتقل إدارته مجددا إلى الأمم المتحدة.

مشاركة :