كلود لوروا، صاحب الـ68 عاما، بدأ مسيرته التدريبية بعمر لا يتعدى الـ32 عاما عندما تولى قيادة أندية الهواة بفرنسا. تاريخ طويل يفصل الفرنسي الشاب وقتها عن المخضرم صاحب الأمجاد في إفريقيا. الفرنسي أصبح المدير الفني لأميان الفرنسي عام 1980 قبل أن يرحل لتدريب جرينوبل في الدرجلة الأولى واستمر معاه من عام 1983 حتى عام 1985. بدأت مسيرته الحافلة بالقارة السمراء، حينما تولى تدريب منتخب الكاميرون ليبدأ معه فصلا مجيدا في تاريخه وتاريخ الكاميرون في القارة السمراء، و الذي يدين بالكثير في محطاته للفرنسي الخبير مما دعا الاتحاد الإفريقي لكرة القدم "كاف" لمنح الأسود لقب منتخب القرن الأفريقي تتويجا لمسيرتهم الحافلة وخاصة مع لوروا. ضربة البداية: مصر 1986 ومعاناة ركلات الترجيح البداية في الولاية الأولى مع الكاميرون من عام 1985 حتى عام 1986، قدم لوروا إلى العاصمة الكاميرونية ياوندي مدربا مغمورا من نادي الشباب بدبي كمحطة سابقة لتولي المنتخب الكاميروني، البداية كانت في كأس الأمم الإفريقية في مصر عام 1986. أوقعته القرعة في مجموعة نارية على ملعبي الإسكندرية ودمنهور صحبة المغرب والجزائر المنتشيين بصولات مونديال 1982 والتأهل المغربي و الجزائري لمونديال المكسيك 1986، و كذلك أيضا مع الرصاصات النحاسية زامبيا في بداية عهد جيل جديد لها بلغ أقصى مجده في التسعينيات. نجح لوروا بامتياز في تخطي تلك المجموعة بانتصارين متعسرين على زامبيا والجزائر بنتيجة واحدة هي 3-2 وإقصائهما من الدور الأول، و التعادل مع المغرب 1-1. وفي نصف النهائي واجه كوت ديفوار على ملعب الإسكندرية و فاز بهدف مقابل لا شيء، و تأهل للنهائي ليقابل صاحب الأرض والجمهور المنتخب المصري الذي عانى أمام أسود الكاميرون لـ120 دقيقة مع تصدي توماس نكونو لقذائف مجدي عبد الغني و إلغاء هدف صحيح لطاهر أبو زيد و التصدي لفرصتين خطيرتين لمحمود الخطيب. قبل أن ينجح المنتخب المصري بركلات الترجيح بتصدي لركلة و تصدي القائم لركلة كانا بيك، و تخسر الكاميرون بقيادة لوروا ومعه ميلا و الأخوان أومام وكانا بيك النهائي أمام مصر. البطولة الثانية: الأسود وانتصار أول في النسخة التالية من الكأس الأفريقية، وقعت الكاميرون في المجموعة الثانية مع مصر صاحب اللقب ونيجيريا وكينيا، المباريات كانت مقامة على ملعب الأمير مولاي عبد الله بالرباط، توخطت الكاميرون منتخب مصر بهدف بعد خمس دقائق من ركلة البداية للأسد العجوز ميلا، و تعادلت مع نيجيريا بهدف لكل فريق، وتعادلت سلبا مع كينيا. الجدير بالذكر أن مصر خرجت من الدور الأول بعد التعادل سلبا مع نيجيريا و سحق كينيا بثلاثية. في نصف النهائي وقع لوروا في المواجهة الأصعب أمام أسود الأطلسي في نصف النهائي على ملعب محمد الخامس بالدار البيضاء، أتى ترويض أسود الكاميرون لسباع الأطلسي متأخرا في الدقيقة 78 بضربة مكاناكي، ليضرب منتخب الكاميرون موعداً مع نيجيريا في النهائي، و تنتصر بهدف المدافع العملاق كوندي من ركلة جزاء في الدقيقة 55، و يحصد لوروا أول لقب إفريقي مع الكاميرون. أتى إقصاء الاتحاد الكاميروني غير المتوقع لكلود في عام 1988، و بالتالي لم يشارك لوروا في رحلة إنجاز الكاميرون بالوصول لدور ربع النهائي في كأس العالم لأول مرة في تاريخ أفريقيا، و التي شهدت قمة الدهاء من العجوز ميلا في خطف الكرة من الحارس الكولومبي هيجيتا، و كذلك السذاجة الإفريقية المعتادة في الإقصاء أمام رفاق بول جاسكوين و بيتر شيلتون منتخب إنجلترا بالخسارة برباعية مقابل هدفين، بالرغم من التقدم 2-0 لممثلي إفريقيا. البطولة الثالثة: لوروا وفصيلة أسود أخرى طموحات جديدة دخل بها الثعلب الفرنسي لوروا مع أسود التيرانجا هذه المرة، السنغال قبل بطولة 1990 لم يسبق لها مطلقا أن تخطت الدور الأول من منافسات كأس الأمم، لوروا مدعما من رئيس البلاد عبده ضيوف يتولى القيادة، ويحقق علامة بارزة كبداية للمشوار السنغالي بتخطي الدور الأول بتعادل مع زامبيا وكينيا سلبيا وانتصار له دلالاته على الكاميرون بثنائية نداو وديالو. المشوار لم يستمر طويلا بخسارة أمام الجزائريين أصحاب الأرض في نصف النهائي بهدفين لهدف وفي لقاء المركزين الثالث و الرابع الخسارة 1-0 أمام زامبيا. البطولة الرابعة: إخفاق كبير.. و الكاميرون تثأر دخل لوروا بالمنتخب السنغالي في تحدي كبير على أرضه في نسخة 1992 والهدف الفوز باللقب في العاصمة داكار. تخطى المنتخب صاحب الأرض دور المجموعات رغم الخسارة أمام نيجيريا في الإفتتاح بهدفين لهدف، قبل العودة المتأخرة والفوز على كينيا بثلاثية نظيفة. هذه المرة، انتقم المنتخب الكاميروني من هزيمة البطولة الفائتة و أقصى لوروا ورفاقه السنغاليين بهدف نظيف، في ربع النهائي، لتتم إقالة لوروا بعد البطولة، ويغيب بعدها طويلا عن المونديال الإفريقي. البطولة الخامسة: مصر تجدد عقدة لوروا بعد مسيرة حافلة كمستشار للميلان عام 1996 و مديرا فنيا لباريس سان جيرمان عام 1997 و التأهل بالكاميرون لكأس العالم 1998 و مشاركة مخيبة للأمال و محطات قصيرة مع ستراسبورج وفي الصين، عاد الثعلب الفرنسي لبطولته المحببة. بعد 14 عاما يخوض الفرنسي بطلوة أمم إفريقيا عام 2006 مع الكونجو الديمقراطية هذه المرة على ملعب الكلية الحربية، عاد لمهد بدايته فؤ أفريقيا على أرض مصر، انتصار أمام توجو وتعادل أمام أنجولا مفاجأتي تصفيات كأس العالم 2006، وخسارة أمام الكاميرون كالعادة بهدفين. التأهل هذه المرة كثاني المجموعة الثانية ليقابل أول المجموعة الأولى المنتخب صاحب الأرض، مصر وضعت كالعادة حدا لمشاركة لوروا في أمم إفريقيا بتحميله خسارة ثقيلة بأربعة أهداف مقابل هدف وشهد الانتصار هدفا للعميد حسام حسن جعله أكبر المسجلين عمرا في هذه البطولة. البطولة السادسة: خيبة أمل صاحب الأرض والأسود حجر عثرة دخل لوروا بطولة 2008 مع منتخب غانا صاحب الأرض، الذي وصل معه للتصنيف الـ14 في ترتيب الفيفا لمنتخبات العالم، كمرشح أول للقب. فوز صعب للغاية في الدور الأول على غينيا في الوقت الضائع 2-1 بهدف مايكل إيسيان أعقبه فوز ضعيف على نامبييا بهدف لجونيور أجوجو، قبل أن يقدم لوروا أقوى عروضه و ينتصر على المغرب و يقصيها من المجموعات بهدفي إيسيان وسولي مونتاري. في ربع النهائي تخطت غانا عقبة نيجيريا بصعوبة بهدفين لهدف في الدقيقة 83 لأجوجو بطل غانا الأوحد وقتها قبل أن يصطدم بالكاميرون في نصف النهائي. لوروا دخل المباراة بظلال عقدته أمام الكاميرون، فسقط على أرضه بهدف نكونج، و يأتي التعويض غير مثمرا في مباراة المركز الثالث و الرابع بفوز ساحق على كوت ديفوار بأربعة أهداف لهدفين، ليحصد البرونزية في ثاني أكبر إنجاز له بأفريقيا بعد ذهبية الدار البيضاء ١٩٨٨. البطولة السابعة: تجربة مريرة أولى دخل كلود لوروا مدربا مرة أخرى للكونجو الديمقراطية في 2013 بجنوب أفريقيا، وذاق مرارة الإقصاء من دور المجموعات بعد التعادل ثلاث مرات أمام غانا 2-2 والنيجر 0-0 ومالي 1-1. وهو الأمر الذي دفعه لإعلان اعتزاله التدريب بعد البطولة، ولكنه عاد مجددا هذه المرة مع الكونجو برازافيل. البطولة الثامنة: تجربة أكثر من ناجحة وعقدة متكررة حقق كلود لوروا هذه المرة إنجازا غير مسبوق مع الكونجو برازافيل القوة النامية اقتصاديا و كرويا بإفريقيا، تعادل مع غينيا الاستوائية مسضيفة البطولة وفوز مفاجئ على الجابون بهدف نظيف و فوز بهدفين لهدف على وصيفة أمم أفريقيا 2012 بوركينا فاسو تسبب في إقصائها. في ربع النهائي تقابل كلود لوروا مع فريقه السابق الكونجو الديمقراطية، ليخرج بخسارة برباعية مقابل هدفين، ليودع البطولة من ربع النهائي بإنجاز أكثر من رائع للكونجو برازفيل. المدرب صاحب خبرة ثلاثين عام في قارة أفريقيا، يدخل البطولة التاسعة له مع توجو في الجابون 2017 في المجموعة الثالثة التي تضم كوت ديفوار والمغرب والكونجو اليمقراطية. فهل تؤكد الكونجو الديمقراطية عقدة خسارة لوروا دائما أمام فرقه السابقة، و تثأر المغرب من إقصائها بالدور الأول على يديه، مهما حدث سيظل لوروا أسطورة تدريبية في القارة السمراء.
مشاركة :