وزير الداخلية التونسي: المعالجة الأمنية لمكافحة الإرهاب لا تفي وحدها بالقضاء على التطرف

  • 1/14/2017
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

الهادي المجدوب الهادي المجدوب لـ«المجلة»: الأمن هو الحلقة الأخيرة في مواجهة الإرهاب •ما وقع في 2015 أبرز ثغرات دفعتنا إلى تغيير استراتيجيات عملنا •الحل الأمثل هو الخروج من المواقع الدفاعية والتقدم نحو الإرهابيين •الفضاء الافتراضي هو أخطر فضاء في مجال مكافحة الإرهاب •وجود حركة النهضة في البرلمان لن يمس من مدنية الدولة لندن: نادية التركي شهدت تونس في السنوات الأخيرة أحداثا إرهابية هزت البلاد، وأثرت بشكل عميق في الاقتصاد الذي تراجع بشكل مقلق، وعلى الأوضاع الاجتماعية؛ ما يثير مخاوف حول مستقبل البلاد على مختلف الصعد. ورغم تغيير الحكومات منذ سقوط بن علي يناير (كانون الثاني) 2011 إلى الآن، فإن الحلول السياسية التي قدمت لم تتمكن من نقل البلاد نحو تطلعات شعبها، وبقي الوضع مقلقا. والهاجس الأمني هو الأولوية التي تشغل التونسيين من جهة، والمجتمع الدولي من جانب آخر: «المجلة» التقت الهادي المجدوب، وزير الداخلية التونسي، على هامش زيارته لندن الشهر الماضي، وحاورته حول الأوضاع الأمنية وعمل وزارته في تونس. * الوضع الأمني في تونس حاليا؟ عندما نتحدث عن الوضع الأمني، فبالضرورة هذا يجرنا إلى الحديث عن الوضع الاقتصادي والوضع الاجتماعي، لارتباط الوضع الأمني بهما. وتونس منذ فترة في استقرار، وتعتبر سنة 2016 هادئة أمنيا مقارنة بـ2015، التي شهدت 3 أحداث كبيرة، حادثة متحف باردو وهجوم سوسة الإرهابي، وحادثة «محمد الخامس»؛ وهذا ما جعل البلاد تفقد الكثير من زوارها. * هل بعد 2015 تطلبت الأوضاع في تونس إعادة هيكلة تامة للمؤسسة الأمنية، أم فقط العمل على تطويرها؟ واجهتنا تحديات تقنية وفنية، من أهمها محاولة إعادة هيكلة المؤسسة الأمنية. وبالنسبة لمسألة إصلاح المنظومة الأمنية، فقد كان الأمر مطروحا من قبل 2015، لكن ما حدث جعلنا نسرّع الأمور. لكن ليس هذا الإشكال الرئيسي، إنما التحدي الحقيقي هو أننا مطالبون بإصلاح المنظومة الأمنية وهي في حالة عمل وهنا الصعوبة. * هذا الإصلاح الذي تحدثتم عنه، يعني أنكم بصدد وضع استراتيجية إصلاحية واضحة، أو وضعتم ذلك فعلا وتعملون على تنفيذها؟ مهما تكن الاستراتيجيات التي توضع فالجانب غير المتوقع هو المهم، وما يحدث في تونس هو الذي يفرض التعامل بطرق معينة. * إذن، هل الداخلية التونسية مستعدة للتعامل مع مختلف السيناريوهات المتوقعة، وغير المتوقعة؟ نحن مستعدون، لكن ما قصدته أننا في تونس كنا قد بدأنا فعليا بالعمل على خطة لإصلاح المنظومة الأمنية، لكن ما وقع في 2015 أبرز الثغرات التي دفعتنا إلى تغيير استراتيجيات العمل. ونعمل الآن على تطوير مجالات كبيرة واستراتيجيات عمل بالتوازي، ومن أهم الخطط التي نعمل عليها حاليا هي استراتيجية مكافحة الإرهاب في تونس. * هل وجدت المؤسسة الأمنية نفسها في وقت ما تعمل بسياسة الفعل ورد الفعل؟ لا، لم نضطر إلى ذلك أبدا، سنة 2016 شهدت الاستراتيجيات الأمنية تحولات كبيرة، وهنا أتحدث عن المؤسسة الأمنية والعسكرية معا، والعنصر المهم الذي تغير هو أنه بالنسبة للأمن والدفاع تم الخروج من المواقع الدفاعية. * كيف ذلك؟ توصلنا إلى قناعة أنه كلما حافظت على موقعك الدفاعي؛ فإن الضربة آتية لا ريب فيها، لكن الحل الأمثل أنه لا بد من الخروج من هذه المواقع والتقدم نحو الإرهابيين وليس انتظارهم، وهذا يتطلب عملا استباقيا وعملا استخباراتيا كبيرا. * كيف تقيّمون عمل المنظومة الاستعلاماتية ضد الإرهاب، الذي يعد اليوم الهاجس الأمني الأساسي، وهل هناك جهات دولية داعمة لتونس؟ مجال الاستخبارات هو في مجال تبادل المعلومات بالأساس، وهو يحقق منفعة متبادلة لمختلف الأطراف، وتونس لها الكثير من الأصدقاء الذين يتعاملون معها وتتعامل معهم، والإشكال هنا أنه لا يمكن أن تطلب من الآخرين أشياء لا يمتلكونها، وبخاصة إذا تحدثنا على التقنيات الاستخباراتية. ويشمل التعاون خاصة تبادل المعلومات بالأساس، وأحيانا تبادل التحاليل حول الوضع. ولدينا تقاليد عمل مع دول نتعامل معها بندية، مثل فرنسا بريطانيا، الولايات المتحدة وغيرها منذ فترة طويلة. * الاستقرار الأمني الآن هو القاعدة الأساسية التي يقوم عليها الاقتصاد، الاستقرار الاجتماعي والعلاقات الدولية.. هل الحكومة التونسية الحالية واعية بهذا الأمر، وهل خصصت لكم الميزانية المناسبة لدعم عمل وزارة الداخلية لتحقيق أهدافها؟ الحكومة الحالية بنيت على وثيقة قرطاج، وهي وثيقة تنص على أنه من أولويات حكومة الوحدة الوطنية مكافحة الإرهاب، ومنذ نهاية 2015 كان هناك دعم استثنائي لوزارة الداخلية. في المجال الأمني هناك استمرارية سواء في حكومة رئيس الحكومة الحالي يوسف الشاهد أم السابق الحبيب الصيد. * تبين أن خطر الإرهاب الأكبر هو في تأثيره في الجيل الجديد، وبخاصة الشباب الذين تم تجنيدهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي.. هل بدأتم في التفكير في العمل على التعاون مع وزارات أخرى، خصوصا وزارة التعليم لتعديل وتغيير البرامج التعليمية لتساعد على تحصين الشباب من الغزو الفكري المتطرف؟ التفكير في هذه المسألة كان موجودا ومطروحا، بعد أحداث 2015 كان هناك ميزانية استثنائية لأخذ إجراءات عاجلة لوزارتي الداخلية والدفاع، كما اعتمد جزء من هذه الميزانية لوزارة الثقافة ووزارة التعليم والشؤون الاجتماعية؛ لأن المعالجة الأمنية لمكافحة الإرهاب لا تفي وحدها بالقضاء على الإرهاب، بل يمكن القول إن دور الأمن هو الحلقة الأخيرة في مواجهة الإرهاب. ويبدأ العمل الحقيقي مع المنظومة التربوية، والخطاب الديني، والاقتصاد. الآن تونس في المرحلة الأخيرة من وضع استراتيجية وطنية لمكافحة الإرهاب، والآن يجب التفريق بين أمرين، وهما أن الاستراتيجية الأمنية موجودة، لكن عند التحدث عن استراتيجية وطنية، يجب اعتبار كل الأشياء. * ما مدى صحة أن مصدر الإرهاب في تونس الآن هو ليبيا؟ وأن استقرار تونس مرتبط باستقرار جارتها؟ ليس بالضرورة، عندما نتحدث عن أن ليبيا مصدر الإرهاب فيجب أن يوضع هذا بين قوسين؛ فالكثير من التونسيين المنتمين إلى حركات إرهابية موجودون الآن في ليبيا، وبخاصة بعد انهيار الدولة، وهذا ما وفر أرضا خصبة لنمو الحركات الإرهابية، وطبعا هذا يشكل خطرا على تونس. لكن انعكاس الوضع الليبي على تونس لا يجب تهويله، وطبعا من مصلحة تونس أن يكون الوضع مستقرا في ليبيا، ونحن الآن مطالبون بمضاعفة جهودنا في المراقبة وحماية الحدود عشرات المرات، تأثير الوضع قي ليبيا على تونس هو عنصر مهم، لكن ليس أساسيا. * كيف تتعاملون مع وسائل الإعلام الجديد ووسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت مصدر تهديد أمني أساسيا، وبخاصة في خلق وتغذية الفكر الإرهابي لدى الشباب؟ الفضاء الافتراضي هو أخطر فضاء في مجال مكافحة الإرهاب؛ لأنه غير مرئي، ويمكّن العناصر الإرهابية من سرية العمل يتم من خلالها استقطاب الشباب. والسيطرة عليه تتطلب امتلاك تكنولوجيا متقدمة يمكنها احتواء التكنولوجيا المعتمدة، ولا دولة يمكنها تحديد نسبة نجاحها في التحكم في هذا المجال، والصعوبة فيما لا تراه ليس فيما نراه. * التعاون بين تونس ودول الخليج هل تأثر في السنوات الأخيرة؟ لا بد أن نعترف بأن المشاغل بين تونس وبين دول الخليج مختلفة، لكن كانت وما زالت علاقاتنا قوية معهم منذ استقلال تونس، ووقفت الكثير من الدول مع تونس وقفة قوية، ولم تتغير العلاقات في التوازنات. ولا يمكن لوم أي دولة صديقة أو شقيقة في مجال الدعم الذي تقدمه، وأي مساعدات نحن نشكرهم عليها؛ لأن لكل أولوياته، وهم لا يدخرون جهدا. * أنتم الآن في زيارة عمل لبريطانيا، هل تأثرت العلاقات التونسية البريطانية، بعد الانفصال عن الاتحاد الأوروبي؟ رغم أن أغلب العلاقات والتعاون التونسي البريطاني كان في إطار الاتحاد الأوروبي، فإنه كانت هناك علاقة ثنائية بين البلدين، وفي السنتين الأخيرتين فاق التعاون بين البلدين حجم التعاون الذي كان منذ عشرات السنين، وهذا يشمل الكثير من المجالات، مثل مجال التكوين أمن الطيران المدني، الحدود التعاون متواصل وتم توقيع مذكرة تفاهم في المجال الأمني مع بريطانيا. * فوز ترامب في الانتخابات الأميركية هل سيؤثر في العلاقات الأميركية التونسية؟ أفضل شيء هو الترقب قبل إصدار أحكام؛ فالحملات الانتخابية شيء وواقع الحكم شيء آخر، والولايات المتحدة لا يختزلها شخص؛ فهي دولة توازن قوى ومؤسسات وقانون؛ وهذا ما سيحد من أي انحراف يمكن أن يحدث، ومن العبث استباق الأحداث. * وجود حركة النهضة وتدخلها في إدارة شؤون البلاد، يثير مخاوف من تعزيز وجود الحركات الإسلامية في تونس؟ التوازنات السياسية في تونس لن تتغير ولا يمكن لأي حركة أن تغير الدستور الذي ينص أول مبدأ فيه على مدنية الدولة، حركة النهضة كانت موجودة في كل الحكومات، وتونس لم تتغير. * هل أنت متفاءل بمستقبل الوضع في تونس؟ متفاءل جدا؛ تونس بخير، ولا يجب نسيان أن تونس عاشت ثورة وتشهد انتقالا سياسيا كبيرا، وكذلك على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، تونس تعتبر دولة نجحت.

مشاركة :