منذ السبعينيات، خضع المجتمع الإسرائيلي لمسارات من التغير الجوهري والمتسارع. فتحول تدريجيا من مجتمع متضامن وتعبوي إلى مجتمع استهلاكي وفردي. من دولة الرفاهية إلى دولة الخصخصة. ولم تحدث هذه التغيرات على المستوى الاقتصادي فحسب، ولكنها تركت آثارها أيضا على صراعات قيمية ونهج متناقض تجاه الحروب وعدالة ثمنها. كما تحول الجنود تدريجيا من «دروع الأمة» إلى «أطفالنا جميعا». هكذا سمي جلعاد شاليط، وهكذا أيضا سمي إليئور أزريا. هذا التغير ليس لغويا فقط. إنه يدل على تغير فكري بين الجمهور والقيادة السياسية، وبموجبه فإن احتياجات الجندي (الطفل) يجب أن تقدم على احتياجات الجيش، حتى الاحتياجات القيمية. الجيش مطالب بالدفاع عن الجندي وليس العكس. إن إعطاء الحرية للفرد لرسم حياته بطريقته الخاصة وكذلك تنمية الحس المدني هما من العناصر الضرورية في أي نظام ديمقراطي. ولكن في الحالة الإسرائيلية، وبالإضافة إلى الجوانب الإيجابية من الاتجاهات الفردية، تم في السنوات الأخيرة تجاوز العديد من الخطوط التي أدت إلى فك خيوط أساسية في نسيج الإخاء الخاص المتعلق بالدولة. إلى جانب الفجوات الاقتصادية المتزايدة التي تهدد بتمزيق المجتمع، فلا يوجد تقريبا رمز في الدولة لم يتلقى ضربة مباشرة زعزعت أسسه. فقضاة المحكمة العليا، وكذلك رئيس هيئة الأركان ورئيس الدولة، هؤلاء الذين تمتعوا بثقة جمهور عريض، أصبحوا محط انتقاد من السياسيين. ذلك الانتقاد الذي ترجم بسرعة في الشبكات الاجتماعية وفي الشارع إلى دعوات قاسية ضد أصحاب السلطة. يجب أن تكون أعمى لكيلا تلاحظ الخط المباشر الذي يربط بين غياب الوزراء من الجنازات وبين الطريقة التي لا يخافون بها من الإضرار برموز الدولة. وبعبارة أخرى، فإن الوزراء أدركوا بأنفسهم وإلى حد كبير، وربما بدون وعي، نتائج أفعالهم. فلا يمكن أن تكون شعبويا وأن تلعب لعبة التضامن وفي الوقت نفسه تركل كل مؤسسة تدل على وحدة الشعب. في إسرائيل 2017 معظم القضايا التي تأتي على جدول الأعمال العام تخضع للتشويش السياسي. القضية المطروحة على خلفية أمنية ربما هي القضية الوحيدة>;
مشاركة :