وهران: غيث خوري شهد اليوم الثالث من أيام مهرجان المسرح العربي في الجزائر العرض المغربي كل شيء عن أبي المشارك في مسابقة المهرجان الرسمية، والعمل من إنتاج فرقة الشامات، وهو مقتبس عن رواية بعيداً عن الضوضاء قريباً من السكات للكاتب الروائي والناقد محمد برادة، أعدها وأخرجها للخشبة بوسلهام الضعيف، وشارك في بطولتها: وسيلة صبحي، زينب الناجم وسعيد الهراسي، رشيد العدواني. أما سينوغرافيا العرض فهي من إنجاز: أمين بودريقة. يحاول هذا العمل مساءلة التاريخ المغربي المعاصر من خلال نظرة حاولت الكشف عن صيرورة التحولات المجتمعية والسياسية، وقراءة مسارات شخصيات عاشت في فترات متباينة من تاريخ المغرب، من قبل الاستقلال، أي في عهد الحماية الفرنسية، ثم فترة ما بعد الاستقلال وصولاً إلى المرحلة الراهنة. وناقش العرض قضايا اجتماعية معاصرة يعيشها المغرب، كالبطالة والأزمات السياسية والهوية الثقافية، وطرح أثر التحولات الكبرى في هوية المجتمع، مساحة العرض كانت دائرة كبيرة توسطت الخشبة، وسط أربع حلقات وبضوء قمر اعتلى الخشبة على وقع موسيقى القمبري الأصيلة بالمغرب، ويدخل الممثل الأول، تلته ممثلة بلباس أسود كامل وستار على الرأس. حملت الممثلة الماء في وعاء كبير يشبه سكن السمك وتوسطت الديكور المتحرك الذي أثثته عجلة قديمة في نهاية الخشبة قبل شروع الممثلين في نزع اللباس الأسود وسط ضحك هستيري ساخر وتهكمي سرعان ما ظهرت فيها صورة صالح الراجي الدارس للتاريخ والبطّال المتمرد الاشتراكي مع توظيف لغة مزدوجة بين اللهجة المغربية واللغة العربية. الراجي الذي يدل اسمه على وضعيته ودلالته، ناضل في النقابة الطلابية، وخاض نضالاً أيضاً في العلاقات العاطفية، على العكس تماماً مع توفيق الصادقي الذي كان والده تابعاً للمستعمر الفرنسي وصار محامياً مشتغلاً عند محام فرنسي آخر، وهو ما أنتج الصراع الأول في العرض بين عقدة التبعية لفرنسا ومحاولات الانتصار للهوية المغربية والأصالة. توقف العرض فجأة واعتقد الجمهور أنه انتهى، غير أنّ المخرج تدخل وطالب بالانتقال إلى مرحلة التسعينات التي عرفت صراعاً حول السلطة لا غير، وهنا وظّف المخرج المسرح داخل المسرح عندما تحدث رفقة الطاقم وأعطاهم توجيهات. المسرحية قدمت أحلاماً مؤجلة وممارسات لا تمت للإنسانية بشيء من خلال امرأتين ورجلين ومزجت كل ذلك بالكثير من السخرية وكوميديا الموقف واستعمال السرد في أحايين كثيرة، لقد صورت باختصار ضياع النخبة في المجتمعات العربية التي استعمرت سابقاً. من جانب آخر وقّعت الهيئة العربية للمسرح، اتفاقية إطار مع الفيدرالية الدولية للممثلين، للشراكة والتعاون، في مجال الحماية الاجتماعية للفنانين الناشطين في التمثيل والرقص، بينما جرى استثناء الموسيقى. وفي ندوة صحفية أدارها الإعلامي فيصل مطاوي، كشف دومينيك لوكر الأمين العام للفيدرالية الدولية للممثلين أنّ حضوره لأول مرة فعاليات مهرجان المسرح العربي، كلّل باتفاق من شأنه بناء حوار وفتح الباب لتوعية الفنانين بحقوقهم، بسبب الثغرات القانونية، وغياب قانون أساسي يخص الفنان، في معظم البلدان العربية. وأضاف لوكر أنّ الأمر لن ينجح إلا بتعاضد كل الفنانين عبر إنشاء نقابات تؤطرهم وتكفل حماية الشغوفين بالمسرح، قائلاً إنّ الفيدرالية الدولية مستعدة لتوفير مناخ تنظيمي وتوفير وسائل مساعدة للممثلين، كما شدّد على ضرورة جمع صفوفهم وجعلها قوة جماعية ضاغطة قادرة على الدفاع عن انشغالاتهم أمام حكومات بلادهم، مشيراً إلى أنّ الفيدرالية لم يسبق وأن تعاملت مع الدول العربية باستثناء نقابة الفنانين المغاربة، وأضاف أنّ احتضان وهران لعرس المسرح العربي، يشكّل فرصة للتقرب من الفنانين العرب وفهم انشغالاتهم وألوان إبداعاتهم المعروفة بالتنوع. وتحدث دنيس فوكراي نائب رئيس الاتحادية الدولية للممثلين عن الصعوبات التي تواجه الممثلين، وقال إنّ هذه الاتفاقية لن يكون لها معنى إلا باقتراح نموذج حقيقي يلبي انشغالات واحتياجات الفنانين المهنية والاجتماعية والمعنوية، وشدّد على ضرورة عدم انحصار التفكير في الحديث عن حاجة الفنانين فقط للحماية، ونبّه لموضوع مهنة الممثل، وقال المتحدث إنها مهنة صعبة تتموقع كعمل حقيقي قائم بذاته. وأكد حسان إفالي المكلف بتنسيق العلاقات الدولية على مستوى الهيئة العربية للمسرح، أنّ الفيدرالية تضم نحو 105 نقابات في مختلف الدول، وبالنسبة للاتفاق الموقّع، أفاد أنه سيُتبع بمجموعة من البرامج، وتمت مناقشة محاور مهمة للاشتغال عليها لاحقاً. من جانبه، أكد يوسف عايدابي عضو الهيئة العربية للمسرح، أنّ الاتفاقية جاءت بخبرة دولية، بهدف تحسين وتأمين وضع الفنان، موضحاً أنّ قوانين الوطن العربي جائرة وقديمة، وتابع عايدابي أنّ العالم يعرف يومياً تشريعات متجددة، والعرب لا يصلهم شيء إلا بعد عشر سنوات، والفيدرالية الدولية للممثلين من شأنها المساعدة على مراجعة القوانين ومخاطبة الهيئات لتحسين أوضاع الفنان، وليس عملها تأسيس نقابات. يُشار إلى أنّ الفيدرالية الدولية للممثلين تأسست سنة 1952 بفضل النقابة الفرنسية للفنانين المستقلين، والفيدرالية تهتم بالممثلين المشتغلين في المسرح والتلفزيون والسينما.
مشاركة :