يشكّل شراء السيارة صفقة كبيرة وخياراً مهماً لأسلوب الحياة، والأهمّ أنه يرتّب على الشاري مسؤولية كبيرة. من هذا المنطلق، وفي محاولة لزيادة الوعي حول كلفة شراء قطع غيار السيارات المقلّدة وأخطارها، لا سيما أن صناعة قطع الغيار المقلّدة وتوزيعها عملية تجارية ضخمة تؤثر سلباً في الاقتصادات وفرص العمل وأرواح الناس. وقد يغري توافر القطع البديلة الأقلّ كلفة أصحاب سيارات غافلين كثراً. لكن الحدّ من التكاليف قد يعني في هذه الحالة الحدّ من الجودة أيضاً، وقد تكون تداعيات هذا الأمر مميتة. فعند استخدام قطع غيار مقلّدة، قد يبرز تراجع ملحوظ في الأداء وانخفاض سريع في قيمة السيارة عند البيع. وفي معظم الحالات، يتضح أنّ التوفير على المدى القصير عبر اختيار قطع مقلّدة رخيصة، هو في نهاية المطاف أكثر كلفة على صاحب السيارة. وتصمّم قطع الغيار الأصلية بدقة لتتلاءم تماماً مع بعضها بعضاً ولتعمل في انسجام تام. لذا، قد يؤدّي اللجوء إلى قطعة مزيّفة إلى إحداث خلل في هذه الدقة الهندسية وهذا الانسجام. وتنتج القطع الأصلية وفقاً لمعايير مراقبة الجودة الأكثر صرامة، ما يجعل الموزّعين المعتمدين المصادر الموثوقة الوحيدة لها. غير أنّ مصنّعي القطع المقلّدة يصنعونها من دون حسيب أو رقيب. وقد تبدو النسخ أصلية لكنّ الجهد ينصبّ على الشكل الخارجي بدلاً من الجوهر. إذ إن تلك المقلّدة بدائية في تصميمها وخطيرة للغاية، فغالباً ما لاحظنا أنّ بطانات الفرامل مثلاً مصنوعة من العشب المضغوط، أو نشارة الخشب أو الورق المقوى، أو أنّ سائل ناقل الحركة مصنوع من زيت مصبوغ ورخيص، وأنّ المرشحات تستخدم الخرق مكوّناً رئيساً لها. ولا يقتصر الأمر على الصدمة التي نتلقاها عندما نعرف ما هـي المـــواد المستخدمة، بل يتعدّاها إلى مسألة عدم أمانها أيضاً. وتقدر قيمة قطاع غيار السيارات المقلّدة بنحو 12 بليون دولار سنوياً وفقاً للجنة التجارة الاتحادية الأميركية، ويستأثر الشرق الأوسط بما يقدّر ببليون دولار من القطع المقلّدة. والأسوأ، أن حصة بلدان مجلس التعاون الخليجي منها ثلث إجمالي السوق. ومع أنّ مسألة السلامة هي المشكلة الأساسية للجهات التي تكافح تصنيع القطع غير القانونية وتوزيعها على غرار الإنتربول ومكتب التحقيق في التزييف والتحالف الدولي لمكافحة التقليد، لسوق القطع المقلّدة آثار اقتصادية خطيرة. في هذا الإطار، تقدّر منظمة التجارة العالمية أنه تم الاستغناء عن نحو 750 ألف وظيفة في صناعة السيارات نتيجة قطع الغيار المقلّدة. ويؤدّي الشرق الأوسط دوراً محورياً في ذلك، إذ أشار تقرير صدر أخيراً عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، إلى المنطقة كمركز عالمي للتجارة غير المشروعة في المنتجات المقلّدة، التي تشهد نمواً بمعدل يتراوح من 9 إلى 11 في المئة سنوياً. وللقطع المقلّدة أثر لافت في العالم. فعندما يتأثر الأداء، قد ترتفع مستويات الانبعاثات، فتقضي بذلك على الجهود الكبيرة المبذولة والأشواط الكبيرة التي تم اجتيازها في الحدّ من أي آثار سلبية على البيئة. فلا يخضع المصنّعون والتجار المستقلون الذين يبيعون القطع المقلّدة لأي إدارة تعنى بالصحة أو السلامة أو البيئة. وغالباً ما تعتبر الاستدامة مفهوماً لا يؤخذ في الاعتبار لدى تصنيع قطع الغيار المزيفة وتوزيعها. وعلى المستوى الفردي، يمكن أن يتكبّد أصحاب السيارات تكاليفَ عالية. فيؤدي استخدام القطع غير الأصلية إلى مزيد من التصليحات والحاجة إلى قطع غيار أصلية، ويُبطل الكفالة أيضاً. بالتالي، قد تشمل المحصّلة النهائية لعملية شراء قطع مقلّدة رخيصة كلفة قطعة جديدة والضرر الناتج من القطعة المقلّدة أيضاً، وهي كلفة لا تغطيها الكفالة. كذلك، نلاحظ ارتفاعاً حاداً في النفقات اليومية، فيزداد معدّل استهلاك الوقود، وتآكل الإطارات والتكاليف الإجمالية. وعلى المدى الطويل، سيؤدي سعرالقطع المقلّدة المنخفض بالتأكيد إلى تكاليف إضافية عالية جداً.
مشاركة :