حذر فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور صالح آل طالب، من عواصف الفتن التي تهب على حياة المؤمنين المتمسكين بدينهم المبنية على العبودية لله تعالى على الطهر والعفاف والفضيلة، مبينا ان حياة المؤمنين المتمسكين بدينهم حياة محفوفة بالمخاطر، تعتريها رياح التأثير من كل جانب، وتزيد المخاطر بانفتاح الإعلام بكل قنواته المتنوعة ووسائل التواصل الاجتماعي غير المنضبطة وتسلط أهل الشر والفساد، فهناك موجة الفجور المنظم المسلط على الأمة عبر مؤسسات وأحزاب وظواهر اجتماعية محمومة تمكن للفساد الأخلاقي والدعاية له بشتى الوسائل لتحقيق أهداف تؤول في النهاية إلى محاصرة التدين في حياة الناس، لعلمهم أن الدعوة إلى الله لا تنتعش في مجتمع مستهتر بالقيم غارق في الشهوات فأيُ أمة تُفرغ من عقائدها وأخلاقها، فإن ديانتها متلاشية بالطبع ومضمحلة بالتأكيد، ولا يبقى بعد ذلك من الأمة إلا اسم ولا من وجودها إلا رسم. وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها في المسجد الحرام أمس: إنه من هنا كان إغراق المجتمع في الفساد الخلقي بشتى أنواعه هدفا مقصودا لكل القوى المعادية للمد الإسلامي وتحت مسميات مختلفة، ويصفون المجتمعات المسلمة بالتطرف والإرهاب ويرهقونها بكل بلية بزعم محاربة التطرف، ويضخون التفسيق القسري باسم التحديث والانفتاح وغايته سلخ المجتمع من هويته الإسلامية وتحوله لغيرها وإفراغ المسلمين من عقيدة أسلافهم، وهذا يستدعي وقفة مخلصة من عامة المسلمين وخاصتهم للذود عن معتقداتهم وقيمهم الفاضلة، فمستقبلنا رهن بوفائنا لديننا وفي سنوات قريبة مضت أكثر الغيورون من كتاب المسلمين الذين شهدوا تمكن الاستعمار من ديارهم وجلاءه بعد ذلك من شهاداتهم ومشاهداتهم على حرص المستعمر على هدم الأخلاق خطوة خطوة، حتى رأى الواحدُ منهم تحولات كاملة خلال عقدين أو ثلاثة من الزمان، ذلك أن خلخلة منظومة الأخلاق وبث الشهوات هدم، والهدم سريعة تداعياته ودانية تبعاته. الشيخ صالح آل طالب وأكد إمام وخطيب المسجد الحرام، أن بناء الشخصية المسلمة للمجتمع وتحصينه ضد محاولات الهدم والتخريب تستدعي ضرورة العمل الجاد في الدعوة إلى الله تعالى والحث على الأخلاق بتمثلها والدعوة إليها، وربط الناس بالقرآن وعبره وعظاته، وحِكمه وأحكامه، مشيرا فضيلته إلى أن أي تغيير ثقافي واجتماعي لا بد أن ينبع من داخل المجتمع المسلم وأن يلتزم ثوابت الدين وأسس الهوية، وهذا ما تتباين به المجتمعات في علاقاتها بأنفسها وبأفرادها، فتعجز المجتمعات المادية عن إدراك الغاية المثلى لإعمار الأرض وتسفر التحولات الاجتماعية إلى التفكك وانهيار الأخلاق، وتبرز مشكلات وأزمات حادة ينهار معها بناء المجتمع. وبين فضيلته أن تماسك المجتمع المسلم مرهون بإذن الله بالمبادرة بالإصلاح في نور الوحي والتمسك بهويته الإسلامية في قيمه ومبادئه، وإن مدافعة الشر ضرورة لا يقصد بها الانتصار للرأي، لكنه والله الخوف من استكمال شرائط العقوبات الإلهية، ودفعا لتفاقم الفساد والخبث فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر صمام الأمان لهذه الأمة، ولا تزال الأمة بخير ما دامت تنكر المنكر. وأكد الشيخ آل طالب أنه لا مناص من الاحتساب لمحاصرة هذا الطوفان الواسع من التغييرات السلبية، ولتحقيق الواجب الكفائي الذي تندفع به العقوبة والمقت عن الأمة، وبالكلمة الطيبة والحكمة والموعظة الحسنة، وتنبيه الناس إلى ما يحاك ضدهم.
مشاركة :