تحل غداً الذكرى الـ 11 لوفاة الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح طيب الله ثراه الحاكم الـ 13 لدولة الكويت بعد مسيرة 28 عاماً في مسند الإمارة شهدت الكثير من الإنجازات والعطاءات والمحطات التاريخية. ففي صبيحة يوم 15 يناير 2016 أفاق أهل الكويت على مصاب جلل حين بلغ إلى مسامعهم نبأ وفاة (أمير القلوب) الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح الحاكم الثالث للبلاد في عمر الدولة الدستورية التي بدأت مع توقيع الأمير الراحل الشيخ عبدالله السالم الصباح على وثيقة الدستور في 11 نوفمبر عام 1962 معلناً بذلك دخول الكويت مرحلة وعهد جديدين. ومنذ أن تولى الشيخ جابر الأحمد رحمه الله مقاليد الحكم عام 1977 قاد البلاد نحو التقدم في مختلف المجالات والأصعدة واستطاع نقل الكويت من الدولة الصغيرة في مساحتها إلى الكبيرة في وزنها السياسي والاقتصادي والخيري حتى وصلت مشروعاتها التنموية إلى شتى أقطار العالم كما برزت النهضة العمرانية في عهده بشكل لافت وتطورت بوتيرة متلاحقة في شتى القطاعات والمرافق العامة. ومع أن سنوات حكم الأمير الراحل شهدت العديد من الظروف الصعبة والأحداث الكبيرة إلا أن حنكة الراحل وسياسته الحكيمة ورؤيته الثاقبة مكنت الكويت من تجاوز المحن والأزمات التي مرت بها لاسيما خلال ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي. وعرف عن الأمير الراحل أن شغله الشاغل الكويت وأهلها وهذا ما أكده سموه في أعقاب المحاولة الدنيئة لاغتياله في 25 مايو عام 1985 على أيدي مجموعة إرهابية فقد وجه آنذاك كلمة لشعب الكويت قال فيها «إن عمر جابر الأحمد مهما طال الزمن هو عمر إنسان يطول أو يقصر ولكن الأبقى هو عمر الكويت والأهم هو بقاء الكويت والأعظم هو سلامة الكويت». وحرص الأمير الراحل على الشباب بشكل كبير فقال في إحدى كلماته «الشباب هم التيار المتجدد في نهر الحياة للكويت ولابد دائماً من دعم روافد هذا النهر حتى لا ينقطع نبع القوة ومدد التجديد لجوانب الحياة في أنحاء وطننا». واستناداً إلى تلك الرؤية فقد نال الشباب نصيباً وافراً من الاهتمام من خلال رعايتهم وإنشاء العديد من المراكز لهم وفي عام 1992 تم تأسيس الهيئة العامة للشباب والرياضة التي عهد إليها العناية بشؤون الشباب وتنشئتهم وتهيئة أسباب القوة والرعاية وتنمية القدرات الخلقية والعقلية والفنية لهم. ولم تغب المرأة عن اهتمامات سموه فقد ساند قضايا المرأة وكان داعماً لها فهو أول من سعى إلى نيل المرأة حقوقها السياسية حينما أصدر مرسوماً أميرياً عام 1999 يقضي بمنح المرأة حقوقها السياسية كاملة. وحين مرت البلاد بمحنة الاحتلال العراقي الغاشم عام 1990 لعبت حكمة الشيخ جابر الأحمد وخبرته مع الدعم الكبير للدول الشقيقة والصديقة في طرد قوات الغزو بعد عدة أشهر إلى أن تحررت البلاد كاملة. وبفضل السياسة الحكيمة التي تميز بها الأمير الراحل والتفاف أهل الكويت حول قيادتهم عادت دولة الكويت إلى مواصلة مسيرة النهضة والخير والعطاء وسرعة إعادة إعمار البلاد وإزالة آثار العدوان الغاشم واستطاع رحمه الله بفضل تخطيطه السليم تغطية نفقات التحرير التي بلغت عشرات المليارات من الدولارات. كما أولى الشيخ جابر الأحمد طيب الله ثراه أبناء الشهداء اهتماماً كبيراً فحرص على رعايتهم والاهتمام بهم من خلال تأسيس مكتب الشهيد في 19 يونيو عام 1991 والذي تولى رعاية ذوي الشهداء في مجالات الحياة كافة. ولم تغب قضية الأسرى والمرتهنين الكويتيين عن اهتمامات الأمير الراحل فقد كان شديد الحرص على طرح هذه القضية في المحافل العربية والدولية باعتبارها قضية إنسانية. وعلى الصعيد السياسي كان الشيخ جابر الأحمد صاحب مبادرات عديدة على المستويات الخليجية والعربية والدولية ولعل فكرته بإنشاء مجلس للتعاون الخليجي يضم دول الخليج الست جاءت معبرة عن مدى اهتمام سموه بضرورة الترابط المشترك والمصير الواحد لمواجهة التحديات الخارجية والتكتلات السياسية التي تعتبر ركيزة أساسية من ركائز المجتمع الدولي. كما اقترح رحمه الله في قمة الدوحة عام 1996 فكرة إنشاء مجلس استشاري يضم 30 عضواً من مواطني دول مجلس التعاون الست كأعضاء في المجلس رغبة منه في أن تكون قرارات مجلس التعاون منسجمة مع تطلعات وآمال المواطنين بحيث تكون مهمتها تقديم المشورة والنصح للمجلس الأعلى لمجلس التعاون. وعلى الصعيد العربي ومنذ أن استقلت دولة الكويت كانت القضايا العربية والإسلامية من أولويات اهتمامه حيث كان الأمير الراحل صاحب فكرة إنشاء الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية في 31 ديسمبر عام 1961 وترأس أول مجلس لإدارة الصندوق الذي يعد أول مؤسسة إنمائية في الشرق الأوسط تقوم بالمساهمة في تحقيق الجهود الإنمائية للدول العربية والدول الأخرى النامية من خلال تقديم قروض ميسرة لمساعدة الدول الفقيرة في تمويل مشاريعها الإنمائية. وكان الشيخ جابر صاحب مبادرة إسقاط فوائد الديون المستحقة على الدول الفقيرة حين ترأس منظمة المؤتمر الإسلامي في الدورة ال43 للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر عام 1988. وفي عام 1995 أجرت مؤسسة إعلامية دولية مسجلة في لندن ومقرها القاهرة (مؤسسة المتحدون للاعلام والتسويق البريطانية) أكبر استطلاع للرأي في المنطقة بمشاركة خمسة ملايين مواطن عربي وتم اختيار الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد حينها شخصية العام الخيرية العالمية حينها نتيجة ما قدمه من أعمال خيرية ودعم مالي للكثير من المنظمات العالمية ورعاية المحتاجين. وأبدى الأمير الراحل الحرص الشديد منذ توليه الحكم على بناء العلاقات الكويتية مع مختلف دول العالم وتعزيز العلاقات الثنائية فقد كان سباقا للمشاركة في العديد من المؤتمرات واللقاءات الدولية وقام بالعديد من الجولات والزيارات الرسمية لمختلف اقطار العالم سعيا منه لتعزيز مكانة الكويت العالمية.
مشاركة :