عام الخير، هذا الإعلان النبيل الذي جاء مكملاً لمختلف الجهود الإنسانية المرموقة التي تبذلها دولة الإمارات بقيادة سيدي صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله» وأخيه سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله» وأخيهما سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة. تلك الجهود التي جعلت من دولة الإمارات سباقة على المستوى العالمي في مختلف المجالات ومنها المجال البيئي تحت شعار «الاستدامة». وعند الحديث عن الاستدامة فنحن نخوض في منظومة متكاملة العناصر ولكن نجاحها يتطلب بشكل خاص توافر عنصر محدد وبالغ الأهمية وهو إيمان المجتمع بأهمية الاستدامة. وفي هذا الإطار استوقفتني كلمات توسطت مقال سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، المنشور على موقع رئاسة الوزراء حول عام الخير حيث قال سموه: «كل شخص لديه إمكانية أن يحدث فرقاً حقيقياً فيمن حوله، بيئتنا التي نعيش فيها تحتاج منا الكثير من الخير، أن ننظف شواطئها وصحاريها ونرعى أشجارها، ونرفق بمن يعيش فيها». كلمات عميقة في تكوينها وعظيمة في مدلولاتها. فقد شرح سموه من خلال ذلك المقال مفهوم وأهداف عام الخير في دولة الإمارات، وإذا توقفنا عند كلمات سموه التي خصّ بها بيئتنا الوطنية، لوجدنا أن سموه وضعها فور الانتهاء من مدلولات الخير الخاصة بالتلاحم الأسري والمجتمعي، وهو ما يدل على مدى اهتمام قيادتنا الرشيدة بقضايا البيئة والاستدامة. وقد أكّد سموه من خلال تلك الكلمات ضرورة إحداث الفرق الإيجابي في محيطنا البيئي لتمثل انعكاساً لرؤية مستقبلية متقدمة. قبل سنوات وكتأكيد أن دولة الإمارات سباقة في مختلف المجالات، أكدت القيادة الرشيدة من خلال رؤية الإمارات 2021 مدى أهمية ما تم إنجازه في مجال التنمية الخضراء، وأننا شعب مسؤول يعيش في دولة تعي أهمية حماية الطبيعة وتلتزم بالحد من تأثير التغير المناخي في المحيط الحضري والنظام البيئي بهدف توريث الأجيال القادمة بيئة مستدامة. إن هذا الالتزام الوطني يمثل منهجية حقيقية نسير عليها في أعمالنا كافة. اليوم يحل علينا عام الخير الذي جاء كبوابة جديدة لتعزيز مفهوم الاستدامة. واليوم نحن على بعد خطوات من انعقاد واحد من أكثر الأحداث العالمية أهمية في مختلف القطاعات المتصلة بالبيئة، فأسبوع أبوظبي للاستدامة 2017 والذي ينعقد تحت شعار «خطوات عملية نحو مستقبل مستدام»، يمثل رافداً وطنياً يبرز ما تتمتع به بلادنا من قدرات متقدمة في العديد من المجالات البيئية وعلى رأسها منظومة حماية البيئة وتطور قطاع الطاقة المتجددة والنظيفة وتعزيز مواردنا المائية وآليات الحفاظ عليها، كما سيمثل هذا الحدث العالمي فرصة جديدة لتأكيد التزام دولة الإمارات بتطبيق بنود اتفاق باريس للمناخ. إن العاصمة أبوظبي ستزهو في عام الخير بزوارها الذين سيتوافدون من الدول كافة ليساهموا في جعل العالم مكاناً أفضل للحياة، ومخرجات أسبوع من الحوار بين قيادات وخبرات عالمية متخصصة في العديد من القطاعات الحيوية ستسهم بلا شك في تمكين حكومات العالم من إيجاد حلول فاعلة وتنفيذ خطوات ملموسة لكبح التأثيرات السلبية للتغير المناخي، وتبني إصلاحات حقيقية تسهم في صون البيئة وحماية الحياة الفطرية وتكريس مفاهيم الحياة العصرية التي تراعي البيئة وتحمي الثروة الحيوانية وتعزز من الاستثمار في الزراعة بما يضمن بناء منظومة أمن غذائي عالمية تستوعب الجميع. إن دولة الإمارات من خلال أسبوع الاستدامة ستستعرض مسيرتها التي تعد مثالاً حضارياً للتوازن بين التقدم البشري بمستوياته ومفاصله كافة من جانب وحماية البيئة من جانب آخر، ولدينا اليوم العديد من الخطط المتقدمة التي يمكن أن تمثل نموذجاً لما يجب أن تقوم به الحكومات لحماية البيئة واستدامتها بالتعاون مع الجهات الخاصة والمنظمات الأهلية كافة. إننا نود أن نضع العالم أمام مسؤولياته الأخلاقية تجاه حماية الكوكب وثرواته الطبيعية، ونرى ضرورة تعاون الجميع لضمان الوصول إلى عالم مستدام يعيش به أبناؤنا وأحفادنا بسعادة وازدهار. ونحن بدورنا سنؤكد من خلال هذا الحدث العالمي أن الحفاظ على ما تم إنجازه عالمياً لن يتحقق إلا من خلال تمكين النظم والتشريعات المتخصصة في حماية البيئة من لعب دور أكبر يسهم في الحد من آثار التقدم الصناعي والتكنولوجي المتسارع. بالأمس القريب تم إطلاق مجلس الإمارات للتغير المناخي والبيئة، وهو الذي سيتولى اقتراح السياسة العامة للدولة بشأن تغير المناخ والبيئة والتنمية الخضراء، وقبل سنوات شهدنا إطلاق رؤية أبوظبي البيئية 2030 التي خصصت حيزاً كبيراً للحد من تداعيات التغير المناخي، واليوم لدينا المرجعيات المطلوبة ونحن بحاجة فقط إلى تعزيز تطبيقاتها بما يكفل استمرار نجاحاتنا البيئية على غرار نجاحاتنا الوطنية في مختلف المجالات الأخرى. في العام الحالي 2017 سنسعى جميعاً لنكون على قدر التطلعات النبيلة لقيادتنا الرشيدة، وأن نستمر بالمساهمة الفاعلة لاعتلاء دولة الإمارات سلم النجاح في مختلف المجالات وعلى رأسها المجال البيئي. لذا فإنني أدعو أبناء بلادي ليلبوا دعوة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، من خلال مساهمتهم المباشرة في حماية بيئتنا البرية والبحرية، وأن تكون جهود الجميع مترجمة في هذا العام من خلال نتائج ملموسة عبر بيئة صحية وسليمة ترتقي إلى مستوى تطلعات قيادتنا وتمهد لحياة أفضل للأجيال القادمة.
مشاركة :