تعج المملكة بقطعان الإبل، ويقبل السعوديون على تربيتها وشرائها وحتى استيرادها، وتُعتبر لدى الكثيرين «ثروة وطنية»، وتصدر الهيئة العامة للإحصاء سنوياً بين آذار (مارس) وحتى شباط (فبراير) إحصاءات عن أعداد الإبل. وكشفت الإحصاءات الأخيرة للهيئة بين العام 2014 والعام 2015، ان عددها خلال تلك الفترة، بلغ 1.4 مليون رأس. ووفق الإحصاءات، فإن الإبل توزعت على مختلف المناطق، وجاءت الرياض أولاً بـ322.579 رأساً، بنسبة 23.2 في المئة من إجمالي عددها، تليها الدمام بـ256.079 رأساً، بـ18.4 في المئة، ثم مكة التي استحوذت على 14.4 في المئة، أي ما يعادل 200.241 رأساً. وحلت القصيم في المركز الرابع بـ144.486 رأساً، فعسير بـ131.608، بعدها حائل بـ87.221، والباحة بـ66.754، وجاءت تبوك في المركز بـ52.207. ولم يكن بين الجوف والمدينة المنورة فرقاً كبيراً، إذ ثمة 48.320 في الأخيرة، في مقابل 48.711 في الجوف، وجاءت نجران في المرتبة الـ11 بـ19.299، ثم جازان بـ9.660، وأخيراً الحدود الشمالية بـ2.920 رأساً. وعلى رغم وفرة الإبل في السعودية، واجهت «سفينة الصحراء» أخيراً أمواجاً من الأمراض الفيروسية والبكتيرية المميتة، ما حرمها المشاركة في المهرجانات والمسابقات التي تقام سنوياً، مثل مهرجان «جائزة الملك عبد العزيز لمزايين الإبل»، و«سباق الهجن» وغيرها. ويعتبر «كورونا» أبرز تلك الفيروسات، إذ كشفت دراسة أجراها مركز أبحاث الإبل في جامعة الملك فيصل، عن وجود الفيروس في الجهاز التنفسي السفلي للإبل. واعتمدت الدراسة التي استمرت لمدة عام، على عينات من إبل حية وأخرى مذبوحة في المسالخ، وكشفت نشاط الفيروس خلال فصل الشتاء. وكان فريق بحثي من مركز أبحاث الجمال في الجامعة أعد دراسة حول إصابة الجهاز التنفسي السفلي في الإبل بـ«كورونا». وكشفت أن الإبل لا يحدث لها أعراض واضحة عند الإصابة بالفيروس، سوى رشح أنفي. ولم تقتصر أمراض الإبل على هذا الفيروس، بل امتدت إلى أخرى بكتيرية وفيروسية تهدد حياتها، مثل «جدري الإبل» الذي يُعتبر من أخطرها ويصيبها بكثرة، والسعار المنتقل عبر الملامسة والذي يهدد حتى رعاة الإبل والطبيب البيطري المعالج، و«الجمرة الخبيثة» أو «الحمى الفحمية»، وهو العنصر الرئيس المسبب لجراثيم عضوية تدعى عصيات «الإنتراكس». فيما تتعرض صغار الإبل حتى عمر سنة إلى «السالمونيلا» أو «إلتهاب الأمعاء»، و«داء المثقبيات» المنتشر بكثرة في منطقة الشرق الأوسط. ويمكن معالجة الإبل بطرق عدة، ويعتمد الطب البيطري على أساس علمي صحيح بكوادر طبية بيطرية مؤهلة وبإمكانات كبيرة من أدوية ولقاحات ومستلزمات، ما يجعل نسبة شفاء الإبل من الأوبئة والأمراض عالية جداً، خصوصاً وأنها تستجيب للعلاج وتتماثل للشفاء بسرعة أكبر من الحيوانات الأخرى، بسبب قوة جهازها المناعي. وأنشأت المملكة مراكز لمعالجة الإبل، بهدف الحفاظ على هذه الثروة وتنميتها وجعل مشاركتها في المهرجانات سلسة من دون تعقيد. ومنها مركز أبحاث الإبل في جامعة الملك فيصل الذي أنشئ في العام 1981، ويعمل المركز تحت إشراف كلية الطب البيطري الحيوانية. واكتسب المركز أهمية كبرى من خلال إصدار دراسات أساسية وأبحاث متعلقة بالإبل، منها سبل رعايتها وتغذيتها، وتشريحها، ووظائف أعضائها، وتناسلها، وأمراضها وعلاجها وطرق الوقاية منها، ويقدم أيضاً خدمات متخصصة إلى المجتمع واستشارات علمية ودورات تأهيلية. إلى ذلك، تعتزم وزارة البيئة والمياه والزراعة إعداد «ترقيم إلكتروني» للإبل المشاركة في مهرجان «جائزة الملك عبد العزيز لمزايين الإبل»، وذلك لإنشاء سجل لكل رأس تسجل فيه جميع بيانات الأمراض والتحصينات الخاصة بها، لتحسين الإنتاجية وخفض الكلفة على المربين، ومتابعة حالها الصحية، وبالتالي تقديم خدمات بيطرية منظمة من جانب العيادات البيطرية في الوزارة، منها تنظيم عمليات التحصين والسيطرة على الأمراض. وتخطط وحدة الإرشاد البيطري التابعة إلى وزارة البيئة للوصول إلى نتائج عملية تزود بها الجميع، ومنها وضع خريطة وراثية للأمراض، وتفعيل نظام الرصد الوبائي والإنذار المبكر، وتطوير سبل العلاج وفق المتغيرات المحيطة. ويوفر «الترقيم الإلكتروني» معلومات ورصد إلى تحديد عدد إحصائي دقيق للأمراض وتنظيم إدارة القطيع للمُربي.
مشاركة :