بعد مشاعر الإثارة الناشئة عن اتفاق منظمة أوبك مع روسيا وغيرها من الدول غير الأعضاء على تخفيض إمدادات النفط نهاية العام الماضي، تحول الاهتمام عام 2017 بسرعة إلى السؤال الرئيس: هل سيتم بالفعل تنفيذ جميع التخفيضات الموعودة؟ تعتقد مجموعة من الشركات أنها في وضع يؤهلها لتقديم ذلك الجواب، من خلال سنوات من الخبرة في تعقب تدفقات النفط العالمية، واستخدام كل شيء، بدءا من تكنولوجيا الأقمار الصناعية الحديثة وصولا إلى شبكة المصادر القديمة الموجودة على الأرض. اعتمادا على تحليلات هذه الشركات تجري تداولات نفطية بمليارات الدولارات. وعليها تعتمد تشكيلة واسعة من العملاء، بدءا من بعض أكبر صناديق التحوط في العالم وصولا إلى الدول الأعضاء في منظمة أوبك نفسها، وجميعهم يرجو أن يكسب ميزة تعطيه التفوق على منافسيهم. يقول مات سميث، مدير أبحاث السلع الأساسية في كليبر داتا، وهي واحدة من شركات تعقب الناقلات، إن شركته تستخدم مزيجا من أسلوب المراقبة عبر الأقمار الصناعية -الغالبية العظمى من ناقلات النفط في العالم تحمل أجهزة تعقب مصممة للمساعدة في تجنب حدوث اصطدامات- والعلاقات مع الشركات التي تجمع فواتير الوكلاء في الموانئ. الأكثر أهمية من ذلك، بحسب ما يقول سميث، هو استخدام شركته لنماذج تاريخية، ما يسمح لها بتقييم نوع وكمية النفط الخام المحتمل أنه تم تحميله في سفن فردية. ويضيف: "أجرينا عملية مسح للعالم بأكمله، ولجميع الموانئ، وبالتالي نعلم مقدار النفط الذي تم تحميله أو تفريغه في كل ميناء من الناحية التاريخية". ويتابع: "شعارنا هو: كن على دراية بما يتم شحنه. من السهل جدا تعقب تلك السفن من خلال نظام إيه آي إس (الرصد بالأقمار الصناعية) لكن إضافة تلك الطبقات يولد صورة أشمل بكثير". ويرى سميث أن من الضروري التعامل بحذر مع البيانات المبكرة حول شحنات أوبك. في الأيام العشرة الأولى من كانون الثاني (يناير)، أظهرت الصادرات من دول الخليج انخفاضا حادا، حيث تراجعت أكثر من 10 في المائة عن معدلات تشرين الأول (أكتوبر)، وهو الشهر المرجعي الذي تم على أساسه الاتفاق على تخفيضات الإمدادات. ويقول: "في حين أننا نشهد بوادر أولية على انخفاض في الصادرات، نحن في انتظار مجموعة أكبر من البيانات قبل أن يتكون لدينا اقتناع راسخ بأن هذه البوادر تشكل اتجاها عاما". وتوافق شركات تعقب الناقلات المنافسة على أنه ربما يكون من السابق لأوانه تقديم إجابة نهائية بشأن ما إذا كانت أوبك تلتزم بالتخفيضات التي وعدت بها. واحدة من أقدم شركات تعقب السفن، يسبق تاريخها الاستخدام واسع الانتشار لعمليات الرصد بالأقمار الصناعية، هي شركة بيترو- لوجيستيكس في جنيف. تقول بيترو - لوجيستيكس التي يديرها دانيال جيربر، الذي أنشأ والده باتريك عام 1980 الشركة ذات العدد المحدود من المساهمين بعد سنوات من العمل لدى حكومة روديسيا العنصرية التي تعرضت لعقوبات، إنها ترغب في رؤية مزيد من المعلومات قبل أن تتوصل إلى قرار نهائي. وأعلن وزير النفط السعودي يوم الخميس أن المملكة تعكف منذ فترة على تخفيض الإنتاج إلى مستوى دون عشرة ملايين برميل يوميا – أدنى مستوى لها منذ عامين. وقال جيربر: "هذا وقت مهم بالنسبة للصناعة. الأمر المجدي الآن هو تقييم ما إذا كانت التخفيضات حقيقية". في الوقت الذي تعتمد فيه شركة بيترو - لوجيستيكس أسلوب الرصد بالأقمار الصناعية، تعتز أيضا بأن لديها شبكة أنشئت منذ فترة طويلة قبل أن يكون مثل هذا النوع من التكنولوجيا متوافرا، وبالتالي فهي ترى أن هذا يعطيها ميزة تتفوق بها على الشركات الأخرى. ووافقت روسيا، التي هي أكبر دولة مصدرة من غير الأعضاء في منظمة أوبك، على الانضمام للمنظمة في خفض الإنتاج في كانون الأول (ديسمبر)، لكنها كانت موضع ارتياب من قبل كثيرين نظرا لتاريخها من النكوص عن الصفقات. وعلى النقيض من صادرات أوبك، التي يجري نقلها إلى حد كبير عن طريق السفن، نسبة مئوية أكبر من صادرات روسيا النفطية تسير عبر خطوط أنابيب أو سكة حديدية. يقول جيربر: "كانت روسيا هي الأساس في تحليلنا على مدى أكثر من 30 عاما. نحن نغطي تدفقات النفط المنقولة عبر البحر، ومن خلال خطوط الأنابيب، وعلى السكك الحديدية -الطيف بأكمله. ولدينا جهات اتصال للتأكد من أن المعلومات التي تردنا دقيقة". مع ذلك، ميزة التوافر السهل نسبيا لبيانات التعقب عبر الأقمار الصناعية شجعت بعض التجار الأصغر على محاولة تطوير نظم خاصة بهم ليفهموا السوق بشكل أفضل وتسوية ميدان المنافسة حيث يشتمل على عدد أكبر من المنافسين. سمير مدني، صاحب مشاريع ومتداول نفط "هاو" مقره السويد، يقول إنه أسس موقع tankertrackers.com (تعقُّب الناقلات) مع اثنين من المتداولين الهواة، هما ليزا وارد وكيشور جونتورو، بعد أن التقى ثلاثتهم على موقع تويتر. ويستخدم موقعهم بيانات حكومية وبيانات من الأقمار الصناعية لتجميع بيانات تتعلق بشحن النفط وإنتاجه يمكن للمتداولين الآخرين استخدامها بحرية. يقول مدني: "أنا مولع بالتكنولوجيا بشكل كبير. أحب حلول البيانات". وهو معروف أيضا في قطاع صناعة النفط من خلال الترويج للهاشتاق oott عبر "تويتر" لقصص ومعلومات النفط، الذي يحصل الآن على أكثر من مليوني مشاهدة يوميا. في الوقت الذي يعترف فيه بأن ذلك الموقع الإلكتروني ربما لا يكون دقيقا بمقدار دقة المعلومات الواردة من شركات تعقب الناقلات المتفرغة والمختصة، يقول إنه لا يزال يزود المتداولين بشعور قوي باتجاهات الشحن في الأسواق، الأمر الذي سيكون مهما عندما تجري أوبك التخفيضات. ويضيف: "غرسنا قدرا كبيرا من الثقة لدى الناس بخصوص الأمور التي نقدر على فعلها. نريد أن نبرهن للصناعة أن ثلاثة هواة يستطيعون إنجاح هذا الأمر". جيربر، من بيترو – لوجيستيكس، يرى أن أكبر اللاعبين في صناعة النفط سيظلون على استعداد للدفع مقابل تقارير خاصة تلبي احتياجاتهم ومقابل المعلومات الإضافية الي لا يمكن تزويدها عن طريق الأقمار الصناعية وحدها. ويقول: "نحن نقول منذ فترة طويلة إن تعقب الناقلات هو فن بقدر ما هو علم. ليس هناك بديل عن العنصر البشري". Image: category: FINANCIAL TIMES Author: ديفيد شيبارد من لندن publication date: الأحد, يناير 15, 2017 - 03:00
مشاركة :