سلطت صحيفة "فزغلياد" الضوء على دور وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) في التنافس المتنامي بين "طالبان" و"داعش" للسيطرة على مزارع المخدرات الأفغانية. جاء في المقال: صرح رئيس دائرة الشرطة الأفغانية في إقليم هلمند، استنادا إلى وثائق مغتنمة، بأن تنظيم "داعش" وحركة "طالبان" الإرهابيين قد أعلنا "الجهاد" ضد بعضهما بعضا. وفي خلفية هذا النزاع يتراءى الصراع على مزارع المخدرات. بيد أن ما يثير الاهتمام الشديد في هذه المعادلة، هو الدور الذي يمكن أن تلعبه فيه الولايات المتحدة. يقول أنطون مارداسوف، رئيس قسم دراسات الصراعات المسلحة في الشرق الأوسط التابع لمعهد التنمية المبتكرة، إن التناقض الذي يحكم العلاقة بين "طالبان" و"داعش" في أفغانستان قائم منذ فترة طويلة، وليست هذه هي المرة الأولى حين يعلنان "الجهاد" ضد بعضهما بعضا. وأضاف أن أسباب النزاع بين الحركة والتنظيم تعود بالدرجة الأولى إلى تعديات الأخير على كوادر الحركة ومحاولاته الاستيلاء على تلك المحافظات المنتجة للمخدرات، ونزع هذه "القطعة اللذيذة" من فم "طالبان". ولهذا السبب بالذات، اتخذت العلاقة بينهما طابع المواجهة". الولايات المتحدة يمكن أن تكون "شريكا" لـ "طالبان" غير أن العلاقة بين "طالبان" و"داعش" تميزت في السابق بحالات من التعاون المشترك، كما يشير مارداسوف. فعلى سبيل المثال، ساند تنظيم "داعش" حركة "طالبان" عندما شنت الأخيرة هجومها على منطقة قندوز. ولكن، بعد وفاة زعيم "طالبان" الملا عمر، انضم كثيرون من مقاتلي طالبان غير المحليين إلى تنظيم "داعش"، الذي عرض على الذين ينضمون إلى صفوفه أموالا كبيرة، في حين أن حركة "طالبان" عامة تبقى حركة أفغانية تتألف من قومية البشتون، على الرغم من وجود المقاتلين الأجانب في صفوفها سابقا. ويرى مارداسوف أن الولايات المتحدة، تنتهج هناك سياسة قائمة على التناقض، فهي من ناحية تحارب الإرهاب. أما من ناحية أخرى، ووفقا لبعض المعطيات، فإن الأمريكيين يملكون حصة محددة من تهريب المخدرات. ويعتقد العديد من المحللين الغربيين أن العديد من العمليات، التي تنفذها وكالة الاستخبارات المركزية في الخارج، تموَّل من ريع تجارة المخدرات الأفغانية. وذلك يفسر الاهتمام الأمريكي البالغ في الحفاظ على الوضع غير المستقر في أفغانستان. تقديم العون، ولكن من دون الإعلان عنه وذكًر الخبير الروسي بأن هناك أحاديث كثيرة عن احتمال تعاون الروس مع "طالبان"، وبالتحديد الاشاعات التي تقول إن المختصين الروس يقومون تصليح دبابات "طالبان" في طاجيكستان. وعلى الرغم من أن هذه المعلومات مشكوك فيها، فإنها لا تبدو من الناحية النظرية ضربا من الخيال. إذ "يبدو منطقيا أكثر مساندة الحكومة الشرعية في البلاد، ولكن في الوقت نفسه، إن عملية إضعاف "طالبان" يعني نمو خطيرا لعدد مسلحي "داعش""، كما أوضح الخبير. وأضاف مارداسوف أن الأمريكيين أنفسهم يتعرضون دائما للنقد لتقسيمهم الإرهابيين إلى "معتدلين" و"غير معتدلين"، في حين أنهفي بلد معقد مثل أفغانستان لا يمكن الاستغناء عن نظام من الضوابط والردع والتوازنات، و "في حال تنامي مخاطر واقعية لتنظيم "داعش" في المنطقة، أعتقد أننا يمكن أن نفكر في بعض الدعم لحركة "طالبان"، ولكن شيءٌ آخر إذا ما كان ذلك يستحق الإعلان عنه، سواء من طرفنا أو من الطرف الأميركي"،كما أوضح الخبير مارداسوف. "اليوم يتشاجرون، وغدا يتصالحون" من جانبه، قال المسؤول العلمي في معهد الاستشراق التطبيقي والأفرقة سعيد غفوروف لصحيفة "فزغلياد" إن أسلوب التحالفات الظرفية والمؤقتة مع المسلحين يستخدمه الأمريكيون، ولكن "تجربتهم أظهرت أن من الأفضل ألا نفعل ذلك". وأشار غفوروف إلى أن الاستراتيجية الأمريكية في التعامل مع الإرهاب، تستند إلى محاولة تقسيمهم إلى إرهابيين "سيئين" وإرهابيين "جيدين". وفي المحصلة، لم يتمكنوا من تحقيق إنجازات في مكافحة الإرهاب، ويتلقون منه الضربة تلو الأخرى. ونصح غفوروف بعدم تكرار تجربة الأمريكيين في التعامل مع المجموعات الإرهابية، فهم "اليوم يتشاجرون، وغدا يتصالحون".
مشاركة :