نيويورك - أكد استطلاع جديد للرأي نشرت نتائجه مطلع كانون الثاني/يناير الدراسات التي أصدرتها في الأشهر الأخيرة إدارة الرئيس اوباما. وتفيد نتائج الاستطلاع الذي أجراه معهد غالوب أن 52 بالمئة من الأشخاص الذين تم استجوابهم يرون أن البلاد تراجعت في القضايا العرقية في السنوات الثماني الأخيرة، مقابل 25 بالمئة يعتقدون العكس. وتؤكد سيدة بوروتوريكية في حي برونكس النيويوركي "كان الناس يبكون فرحا" يوم انتخاب باراك أوباما. لكن بعد ثمانية أعوام على ذلك تبدد الأمل في عيش السود والبيض بانسجام في الولايات المتحدة وبات الجميع يعترفون بان تحقيق ذلك يحتاج الى أكثر من رئيس اسود. واعترف باراك أوباما بذلك في خطابه ألوداعي. وقال "قبل انتخابي، كان البعض يتحدثون عن أميركا ما بعد العنصرية". وأضاف أن "نواياهم كانت طيبة على الأرجح لكنها لم تكن رؤية واقعية، مسألة، الأعراق تبقى قوة مؤثرة وتثير استقطابا في اغلب الأحيان". وتابع اوباما "يحتاج الأمر في اغلب الأحيان لأجيال من اجل تغيير السلوك"، قبل أن يستشهد بمقطع من رواية "لقتل عصفور ساخر" قائلا "لا يمكننا فعليا فهم أي شخص إلا إذا رأينا الأمور من وجهة نظره ووضعنا أنفسنا في مكانه". أعمال عنف خلال رئاسته أطلقت دعوة الى التفهم المتبادل وخصوصا في السنوات الأخيرة التي شهدت أعمال عنف من قبل الشرطة ضد سود. وأدت أعمال عنف الى ولادة حركة "حياة السود تهم"، بلاك لايفز ماتر، والى اضطرابات في عدد من المدن. وكل القضية ضخمتها وسائل التواصل الاجتماعي حيث عبر البعض علنا عن رفضهم لوجود رئيس اسود، مما ساهم في تفاقم الوضع. لذلك وبعد أكثر من خمسين عاما على إلغاء التمييز العرقي و150 عاما على إلغاء العبودية في الولايات المتحدة، ما زال كثيرون لديهم الانطباع بان الأمور على حالها. وقالت ماريا فراغوزا البورتوريكية في برونكس "كان لدى الجميع أمل، كان الناس يبكون فرحا" بعد الانتخابات. وأضافت "لكن العنصرية مستمرة ولا احد يستطيع أن يفعل شيئا". وأكد شاكيا ميرفين مصفف الشعر الأسود في حي هارلم أن اوباما "لم يحدث فرقا". وأضاف "لكنه فعل ما بوسعه، ولو قام بالمزيد لأدى ذلك الى مشكلة". من جهته، قال دينيس كارلسون الخبير الأبيض الذي يعمل في شركة للتأمين الصحي أن الرئيس الديمقراطي "ليس مسؤولا، فعل ما بوسعه ليبقي الهدوء وكان نموذجيا". وتوضح شارون راش التي ساهمت في تأسيس مركز الدراسات للعلاقات بين الأعراق في جامعة فلوريدا، أن باراك أوباما حاول في البداية تحقيق توازن. وقالت "لانه اسود، كان يدرك آن اللون آمر أساسي، وفي الوقت نفسه كان عليه أن يمثل الجميع وكانت الفلسفة في عهده أن العرق ليس مهما". وأضافت "فعل ما بوسعه حتى لا يصب الزيت على النار" وان كان ذلك اثأر "استياء الذين يقولون انه لم يبذل جهودا كافية". كل شيء "يفسر خطأ" بسهولة قالت راش أن صعوبة الحوار بين الأعراق تكمن في أن كل شيء "يفسر خطأ بسهولة". وأضافت انه لهذا السبب "يسود التوتر" في المناقشات ويهرب الناس بينما "يجب التحاور من اجل تحسين الأمور". وتابعت أن شعار "حياة السود تهم" يشكل "مثالا ممتازا" لذلك فان "بعض البيض فهموا منه أن حياة البيض لا تهم". وفي المستقبل القريب هناك أمر واضح هو أن لا احد يتوقع تحسنا في عهد الجمهوري دونالد ترامب الذي هاجم خلال حملته المتحدرين من أميركا اللاتينية والمسلمين وغيرهم... لكن جينا ديلفيل-جوزف التي تدرس في معهد دينيس كارلسن للسود في هارلم تأمل في أن تتمكن الأجيال المقبلة من تحريك الوضع. وهي ترى في الأوضاع المتوترة حاليا "معركة يائسة للذين يرفضون أن يروا البلاد كما هي. خلال عشرين عاما، سيكون هذا البلد مختلفا مع التطور السكاني". وفي الواقع يفترض أن يتراجع عدد البيض بنسبة 16 بالمئة بحلول 2055 بينما يتوقع أن يزداد عدد أفراد مجموعات أخرى وخصوصا المتحدرين من أميركا اللاتينية وآسيا بشكل كبير. لكن راش قالت أن تراجع عدد البيض لا يعني بالضرورة تقلص هيمنتهم على هيئات الحكم مثل الكونغرس والمحاكم. وأضافت أن الانسجام سيأتي من عمل ذاتي، معبرة عن أملها في أن يسلك العديد من البيض كما فعلت "الطريق الطويل" الذي يسمح "بفهم امتياز أن يكون الفرد ابيض".
مشاركة :