رأس الخيمة: عدنان عكاشة، وام أدى صاحب السمو الشيخ سعود بن صقر القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم رأس الخيمة، مساء أمس، صلاة الجنازة على جثمان شهيد الإنسانية، أحمد عبدالرحمن أحمد كليب الطنيجي، أحد شهداء الإنسانية الذين قضوا نحبهم جراء التفجير الإرهابي الغادر الذي استهدف مقر والي قندهار في جمهورية أفغانستان، والذي ارتقى بروحه الطاهرة إلى العلا. كما أدى الصلاة إلى جانب سموه، الشيخ صقر بن محمد بن صقر القاسمي، وعدد من المسؤولين ووجهاء البلاد، وكبار الشخصيات وذوي الشهيد، وجموع غفيرة من المواطنين والمقيمين في مسجد الشيخ زايد في رأس الخيمة. وأكد سموه أن دولة الإمارات بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، قدمت للعالم وللإنسانية الكثير وما زالت تقدم وستستمر، بإذن الله، في تقديم الخير والعطاء والبذل. وقال سموه إن استشهاد هؤلاء الرجال رواد الشموخ والعطاء الذين نذروا أنفسهم لعمل الخير، لن يزيد أهل الإمارات إلّا ثباتاً، وعزماً على رفع شأن بلدهم ودينهم وعروبتهم، ومد جسور المحبة والعطاء وترجمة صادقة لروح الإمارات النابضة بالعروبة والإسلام، ومد يد العون للمحتاجين في شتى بقاع الأرض. وأضاف سموه إن الأمم تُمتحن، وهذا امتحان لنا. مصابنا في هؤلاء الشهداء مبعث فخرنا واعتزازنا، وهم يسطرون أسماءهم بأحرف من نور في تاريخ الإمارات المجيد في مجال العمل الإنساني، داعياً الله أن يحفظ الإمارات وشعبها الوفي. وقال سموه نعزي أنفسنا وذوي شهداء الإنسانية الذين اغتالتهم يد الغدر والخيانة أثناء قيامهم بواجبهم الإنساني، قدموا أرواحهم وحياتهم، وهم يقومون بأجل وأعظم عمل، وهو تقديم ومد يد العون والمساعدة لإخوانهم في الدين والإنسانية داعياً الله تعالى أن يتغمد شهداء الإنسانية بواسع رحمته، وأن يسكنهم فسيح جناته مع الشهداء والصديقين والأبرار، وأن يلهم ذويهم الصبر والسلوان. وفي مشهد إنساني حميمي، يحمل الكثير من المفارقات والأبعاد، اختار القدر للشهيد أحمد عبدالرحمن أحمد كليب الطنيجي، أن يدفن بجوار جدته، من أمه، التي رحلت إلى دار الحق قبل أكثر من عام، ما أثار دهشة العديد من المشيعين وأهالي الرمس، ومحبي الشهيد، في ظل وفاة الجدة قبل مدة طويلة، ونظراً للعلاقة الاستثنائية، التي ربطت أحمد بجدته لينام بجوارها، ويكون مثواه الأخير بجانبها. خزانة أسراره في الجانب المقابل، تحدث أصدقاء الشهيد وأهالي المنطقة لـالخليج عن العلاقة الوثيقة والخاصة، التي كانت تجمع أحمد بجده لوالدته، الذي كان موضع أسراره، وموكلاً بصدقاته وأعماله الخيرية، معتبرين أن جد الشهيد وجدته كانا أقرب الناس إليه. وآثرت والدة الشهيد حضور صلاة الجنازة على ابنها وقرة عينها، في مصلى النساء بمسجد الشيخ زايد في رأس الخيمة، مساء أمس، في بادرة لفتت انتباه الحضور وغيرهم ممن تناقلوا الواقعة، وأثارت الكثير من الإعجاب والتقدير، وسبق ذلك تداول منشور بوست على برامج التواصل الاجتماعي، يفيد بحضور أم الشهيد لصلاة الجنازة في المسجد، بجانب المصليات، والدعوة إلى الوقوف مع والدة شهيد الإمارات والإنسانية، والشد من أزرها، والتخفيف من مصابها وحدة ألمها، مع بقية أفراد العائلة من النساء، في إطار بادرة مجتمعية توجهت إلى النساء تحديداً. فخر واعتزاز عائلة الشهيد أحمد الطنيجي، أكدت أن مصابها في ابنها مبعث فخر واعتزاز ممزوجين بلوعة الفراق وألم الغياب، معتبرين أن رحيل أحمد في سبيل الله، ومن أجل ثوابت الوطن والدفاع عن منجزاته ومكتسباته، والتي تجسدت على مدار المرحل الماضية، وتضحيته بروحه ودمه من أجل الحفاظ على أمن الإمارات واستقرارها، خفف كثيراً من حدة مصابها وآلامها. ورأى أفراد العائلة أن رحيله شهيداً للإنسانية، وهو يعمل على تقديم المساعدات وبناء المشاريع الخيرية والإنسانية لصالح المحتاجين والفقراء في أفغانستان، تحت مظلة الدولة ورعايتها، دافع لها، للمضي على دروب الخير، ومواصلة العمل على خدمة الوطن في كل المجالات، واقتفاء آثار ابنها الشهيد واحتذاء حذوه في عمل الخير وخدمة القيم الإنسانية. وأشار والد الشهيد وأشقاؤه، خلال مراسم صلاة الجنازة، بمسجد الشيخ زايد في رأس الخيمة، بعد صلاة المغرب، أمس، وتشييعه إلى مثواه الأخير بمقبرة منطقة الرمس، شمالاً، بحضور نحو ألف مصل ومشيع، إلى أداء فقيد الوطن، مناسك العمرة قبل أيام قليلة من استشهاده، فيما مكث ليلتين في الأراضي المقدسة، برفقة شقيقته وعدد من أقاربه، قبل أن يعود إلى الدولة، حيث التقى والديه وعائلته وأقاربه، ثم توجه إلى باكستان، ومنها إلى أفغانستان، لأداء واجبه الوطني الإنساني والخيري. وألقت عائلة أحمد الطنيجي الضوء على أن شهيد الإنسانية قد أدى مناسك العمرة والحج مرات عدة في حياته، بينما عرف بتمسكه بدينه ومحافظته على عباداته ومناسكه، وخلقه الطيب مع من حوله، من أهل وأقارب وجيران وأصدقاء وزملاء عمل وغيرهم. صدقة جارية وأشار أفراد العائلة إلى أن الشهيد بدأ العمل في مشروع خيري، ليكون صدقة جارية، هو عبارة عن بناء مسجد في أبوظبي على نفقته الخاصة، فوق أرض منحتها له حكومة أبوظبي لهذا الغرض، لتكون صدقة جارية له بعد وفاته ورحيله عن الدنيا، وأنجز أحمد بنفسه عدداً من الإجراءات الرسمية الخاصة بمشروعه الخيري، فيما أوصى شقيقه وآخرين من عائلته، قبل سفره الأخير إلى أفغانستان، لمهمته الإنسانية الوطنية، بمتابعة مشروع بناء المسجد، واستكماله في حال استشهاده ومفارقته للحياة. تضحية مستحقة وأكد عبدالرحمن أحمد كليب الطنيجي، والد الشهيد، أن ابنه ضحى بدمه وروحه فداء لوطن يستحق منا جميعاً التضحية بكل نفيس وغال، مشدداً على أن كافة أبنائه فداء للإمارات، ومستعدون للدفاع عن مكتسبات الوطن وإنجازاته، وتقديم كل ما يقود إلى حماية أمنه والحفاظ على استقراره. وقال: إن الشهيد أحمد، ابنه البكر، كان حريصاً طوال تواجده خارج الدولة، حيث يؤدي واجبه الوطني ودوره الخيري والإنساني، على الاتصال بوالدته ووالده وجميع أشقائه بصورة يومية، في حين كان باراً بوالديه، حريصاً على صلة أرحامه، والتواصل مع شقيقاته وأشقائه دون استثناء، والاطمئنان على أحوالهم، مؤكداً نحن جميعاً رهن إشارة قيادة الدولة، ولن توقفنا الأعمال الإرهابية الإجرامية عن مواصلة العمل الخيري والإنساني، والعمل المخلص والدؤوب لصالح هذا الوطن ولصالح الإنسانية إجمالاً، والسعي الحثيث لرد جميل الوطن وأفضاله علينا كافة، والمحافظة على أمن واستقرار المنطقة، وحماية السلام والأمن في العالم برمته، تحت مظلة دولتنا، ووفق توجيهات قيادتنا الرشيدة. صابرون محتسبون أبو أحمد أوضح أن كلمته الأولى، بعد أن علم بخبر استشهاد ابنه كانت (إنا لله وإنا إليه راجعون)، وقال إنه والعائلة بأكملها يحتسبون أحمد، رحمه الله، عند الله شهيداً مع أصحابه، الذين قضوا في الحادث الإرهابي. خير لا ينقطع وأشار إلى أن الإرهاب لن يقف حجر عثرة في وجه العمل الخيري والإنساني الإماراتي، الذي توارثه الإماراتيون جيلاً بعد جيل، وهو يمثل ثقافة مجتمعية وطنية راسخة في أرض الإمارات، عززها المغفور له، بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، في الوجدان الوطني الإماراتي، مؤكداً أن استشهاد ابنه وزملائه من أعضاء الوفد الخيري والدبلوماسي الإماراتي، المرافقين لسفير الدولة في أفغانستان، حين وقع الحادث الإجرامي، بينما كانوا يقدمون الخير ويمدون يد الإحسان والمعروف للبلد المسلم وشعبه، عاملين مخلصين في إطار مشروع خيري إنساني، يشكل رسالة وطنية إماراتية إلى العالم، تحمل قيم الإمارات وأخلاق أبنائها وثوابتهم، وتعكس الدور الخيري والإنساني للدولة ومواطنيها حول العالم. رضا وتسليم وقال الطنيجي، إنه حمد الله، سبحانه وتعالى، بعد أن بلغه خبر استشهاد ابنه البكر، ليكون أول رد فعل له، بعد النبأ الفاجعة، وبين أن شهيد الإمارات كان صاحب خير، ويداه ممدودتان دوماً بالخير، ومفتوحتان بسخاء للناس والمحتاجين تحديداً، ولا يقصر مع أحد يطلب المساعدة، في حين كانت أولى كلمات والدته بعد إبلاغها باستشهاد ابنها (إنا لله وإنا إليه راجعون). ودعا بأن يتقبل الله، سبحانه وتعالى، ابنه شهيداً مع رفاقه، الذين قضوا معه، من أعضاء الوفد الخيري والإنساني والدبلوماسي للدولة، ومن سبقوهم من أبناء الوطن، ممن قدموا أرواحهم في سبيل الله، سبحانه، فداء للحق ودفاعاً عن الإمارات والمنطقة، على أرض اليمن والبحرين وسواها، وذوداً عن أمن الوطن واستقراره، ورحلوا عن الدنيا، على يد ثلة من الإرهابيين والمجرمين، خلال تقديمهم العون والمساعدة للشعوب الشقيقة والمحتاجة والمنكوبة والدول الفقيرة، بأيادٍ بيضاء ناصعة. عائلة الشهيد وأكد خالد عبدالرحمن الطنيجي، شقيق شهيد الرمس، أن الشهيد أبوعبدالرحمن، كان نموذجاً ومثالاً يُحتذى في الطيبة وصفاء القلب ودماثة الخلق، والتدين والالتزام تجاه وطنه ومجتمعه وعائلته وأصدقائه وزملائه ليخلف سيرة عطرة، حافلة بالقيم الوطنية والاجتماعية والإنسانية. وصية أحمد محمد عبدالرحمن الطنيجي، شقيق الشهيد، 33 عاماً، الذي كان يشاركه مسكنه في أبوظبي، حيث مقر عملهما، أوضح أن سفارة الدولة في أفغانستان هي من أبلغ العائلة بنبأ استشهاد ابنها، خلال انهماكه مع رفاقه، من أبناء الإمارات، رحمهم الله جميعاً، في وضع حجر الأساس للمشروع الإنساني الخيري الإماراتي، لافتاً إلى أن شقيقه الشهيد أوصاه قبل سفره لآخر مرة، بأن يتابع مشروع الصدقة الجارية، الذي بدأ فيه، هو بناء مسجد بجوار مزرعته، بمنطقة الباهية في أبوظبي، وطلب منه تحديداً أن يتابع مع شركة مختصة عملية فحص التربة لمشروع بناء المسجد، ومتابعة الإجراءات الخاصة بالمشروع الخيري مع دائرة الأوقاف بأبوظبي، بجانب متابعة المخططات مع دائرة الأراضي هناك، واستكمال المشروع الخيري، في حال رحيله وعدم عودته إلى الإمارات حياً. أيادٍ ممتدة وأكد عبدالله عبدالرحمن الطنيجي، 25 عاماً، أن شقيقه كان أخاً وصديقاً وأباً، ومن شدة طيبته وإحسانه وأياديه الممدودة للجميع كان أبا الجميع من حوله، رجلاً طيباً، بشوشاً في وجوه الناس جميعاً. وقال علي عبدالرحمن الطنيجي، 24 عاماً، شقيق الشهيد، إنه كان في محادثة مع الشهيد قبل يومين، عبر برنامج الواتس أب للتواصل الاجتماعي في الهواتف المتحركة، اطمأن خلالها الشهيد إلى بقية أشقائه وأفراد عائلته. وبيّن راشد عبدالرحمن الطنيجي، شقيق الشهيد، 17 عاماً، أن الشهيد أحمد، ظل محافظاً متشبثاً بالصلاة في أوقاتها، جميعاً، بما فيها صلاة الفجر، ولا يفوته منها أي صلاة حاضراً في المسجد، حيث يشق الظلمة في طريقه إلى بيت الله. نهر من العطاء أحمد عبدالرحمن، ابن عم الشهيد أحمد الطنيجي، قال: لم أرَ في حياتي مثل أخلاقه، كان مدرسة في العطاء وبر الوالدين، والتضحية بالراحة والنفس من أجل الوطن وأبنائه والآخرين، راجين من الله تعالى، أن يتقبله شهيداً في سبيله، وأن يسكنه الفردوس الأعلى من الجنة، مناشداً أبناء الإمارات والمقيمين على أرضها الطيبة بالدعاء لأحمد. الشهيد والعلم سلم ممثل وزارة الخارجية علم الإمارات، الذي التف به جسد الشهيد أحمد عبدالرحمن كليب الطنيجي، خلال صلاة الجنازة عليه وتشييعه إلى مثواه الأخير، في مسقط رأسه، مدينة الرمس، حوالي 12 كيلومتراً شمال مدينة رأس الخيمة، إلى والده وعائلته، ليبقى ذكرى عالقة، وقيماً راسخة من الثبات على الحق، والمسؤولية الكاملة في الدفاع عن الوطن وثوابته ومكتسباته، وافتدائه بالدم والروح، والتضحية في سبيل قيم الخير والإنسانية، والتمسك بعمل الخير، وغوث المحتاجين ومساعدة الفقراء. جيران التضحية من المفارقات، التي رصدتها الخليج خلال لقائها أفراد عائلة الشهيد أحمد، أن منزل عائلته، حيث قضى طفولته وصباه وشبابه، ظل يعود إليه في عطلاته، يقع بجوار منزل عائلة الدبلوماسي الإماراتي عارف عبدالله الطنيجي، الذي أصيب في حادث اعتداء إرهابي في البلد ذاته، أفغانستان، وفي الشهر ذاته، يناير/كانون الثاني 2008، بفارق أيام قليلة، إذ أصيب عارف في الرابع عشر من هذا الشهر. الشهيد في سطور الشهيد أحمد عبدالرحمن الطنيجي، 44 عاماً، مواليد 1972، من أبناء ومواليد مدينة الرمس في رأس الخيمة، هو الابن البكر لوالديه، من بين 18 ابناً، منهم 13 بنتاً و5 أبناء، وله ولدان، الأولى بنت هي أميرة، تبلغ 18 عاماً، وهي من ذوي الاحتياجات الخاصة، والثاني عبدالرحمن، 17 عاماً. شغل الشهيد، الذي يحمل درجة البكالوريوس في الزراعة من جامعة الإمارات، منصب مدير إدارة الرقابة الغذائية في جهاز أبوظبي للرقابة الغذائية، ودرس، رحمه الله، في الولايات المتحدة دبلوم لغة إنجليزية، فيما انتدب للمساهمة في المشاريع الخيرية والإنسانية الإماراتية في أفغانستان. وكان عضواً ومتطوعاً في هيئة الهلال الأحمر الإماراتي.
مشاركة :