متابعة «استعراضات الموت» رغبة دفينة «تظهّرها» مواقع التواصل الاجتماعي

  • 1/16/2017
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

عندما يشاهد الملايين مباشرة عبر الإنترنت انتحار فتاة صغيرة، يكونون قد استسلموا لرغبة قديمة لدى البشر بمتابعة «استعراضات الموت»، وهو ما يؤججه سيل الصور المتداولة حول العالم ويشكل مصدر ارتياب في شأن الحد الفاصل بين الحقيقة والخيال. وفي 30 كانون الأول (ديسمبر)، نشرت فتاة تسجيلاً مصوراً مباشراً عبر الإنترنت، يظهرها في حديقة تعلق حبل مشنقة على شجرة قبل انتحارها. وجرى تداول التسجيل المصور على نطاق واسع، خلال ايام من دون تمكن الشرطة من تطويق انتشاره. ولم يُنشر الفيديو الأساسي للعملية عبر خدمة «فايسبوك لايف» بل على منصة اخرى، وفق ناطقة باسم المجموعة الأميركية في فرنسا. وتشارك الناس التسجيل في وقت لاحق عبر مواقع التواصل الاجتماعي بما فيها «فايسبوك». وقبل هذه الفتاة، أقدمت شابة في التاسعة عشرة من العمر في أيار (مايو) 2016 على الانتحار رامية بنفسها على سكة حديد في ضواحي باريس موثقةً خطوتها في شكل مباشر عبر تطبيق «بيريسكوب» للتسجيلات المصورة. وتعج شبكة الإنترنت بتسجيلات مصورة اخرى لحالات وفاة مصورة في شكل مباشر تجذب مئات آلاف المشاهدات. ويمكن متابعة قنوات متخصصة عبر «يوتيوب» لحوادث السير الموثقة بواسطة كاميرات مراقبة أو آلات تصوير موضوعة داخل المركبات، اضافة الى حالات لأشخاص توفوا مباشرة على الهواء خلال برامج تلفزيونية. وخلال السنوات الأخيرة، وثقت كاميرات المجرمين او الشهود جرائم قتل انتشرت التسجيلات الخاصة بها في شكل كبير على مواقع التواصل الاجتماعي. وهذه حالة مطلق النار الذي قتل مراسلة ومصوراً صحافياً في ولاية فيرجينيا خلال صيف عام 2015، اضافة الى اطلاق نار في دالاس قتل خلاله 5 شرطيين، وعملية أخرى أقدم خلالها شرطي على قتل سائق خلال عملية تفتيش. وفي نهاية كانون الأول (ديسمبر)، تعرضت في الولايات المتحدة أم شابة مصابة بالسرطان كانت تصور حياتها يومياً، لوعكة قاتلة عرضت مباشرة عبر «فايسبوك» من دون قيام اي من المشاهدين عبر الشبكة بالاتصال بهيئات الطوارئ وفق الصحافة الأميركية. وخلال اعتداءات تشرين الثاني (نوفمبر) 2015 في باريس، انتشرت تسجيلات مصورة عبر الإنترنت التقطها شهود. واستغل مقاتلو تنظيم «داعش» هذا الانجذاب لمشاهد العنف عبر نشرهم تسجيلات مصورة لعمليات اعدام وحشية يتم تداولها على نطاق واسع.ويلفت عالم الاجتماع المتخصص في شؤون الإعلام فرنسوا جوست إلى أن «الموت يمثل مع الجنس احد الموضوعين اللذين يجذبان اهتمامنا. لكن هذا الموقف يؤشر الى فقدان الحد الفاصل بين الخيال والواقع. الشاشة تصنع مسافة مع الحدث تجعله مقبولاً، ما يمثل مصدراً لعدم التأثر». ووصفت الفيلسوفة الإيطالية ميكيلا مارتسانو في عام 2007 في روايتها «الموت الاستعراضي» الأثر السلبي للتسجيلات المصورة لمشاهد الوفاة التي تحول برأيها المعاناة استعراضاً. ويشير استاذ علم النفس الاجتماعي في جامعة غرونوبل لوران بيغ إلى أن «مستخدمي الشاشات يعلمون ما إذا كان ما يرونه حقيقة ام خيالاً، لكن ردود الفعل الناجمة عن هذه المشاهد الحقيقية تأتي مخففة». مع ذلك فإن المنحى لمتابعة المشاهد المأسوية موجود منذ القرن الماضي، والدليل على ذلك نجاح مصور الأخبار المتفرقة ويجي بفضل صوره الدامية احياناً لجثث من مسارح الجرائم في نيويورك. ويلفت بيغ الى ان «اكثر من 15 مليون شخص شاهدوا اعدام الصحافي دانيال بيرل على أيدي عناصر من تنظيم القاعدة في العام 2002. وفي السينما، من اصل 800 فيلم ضخم أُنتج خلال العقود الخمسة الماضية، حوت 89 في المئة منها مشاهد عنف».

مشاركة :