جاء حكم المحكمة الإدارية العليا في مصر، اليوم الإثنين، قاطعا ونهائيا ببطلان توقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع السعودية، التي تضمنت نقل تبعية جزيرتي تيران وصنافير بالبحر الأحمر للمملكة. وفي جلسة بثها التليفزيون المصري على الهواء مباشرة، رفضت المحكمة، طعن الحكومة على حكم أصدرته محكمة أدنى ببطلان توقيع الاتفاقية، وقال القاضي، في منطوق حكمه، إن سيادة مصر على جزيرتي تيران وصنافير مقطوع بها. وعقب النطق بالحكم، هلل المحامون والحاضرون في الجلسة بهتفات من بينها الله أكبر ومصرية مصرية، في إشارة إلى الجزيرتين الواقعتين بمدخل خليج العقبة بالبحر الأحمر. تعود أزمة الجزيرتين تعود إلى إبريل/نيسان من العام الماضي (2016)، حيث وقع رئيس الوزراء المصري شريف إسماعيل، وولي ولي العهد ووزير الدفاع السعودي الأمير محمد بن سلمان، اتفاقية ترسيم الحدود البحرية، خلال زيارة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز إلى مصر، وقوبلت الاتفاقية بمعارضة شديدة من المصريين، بينهم مؤيدون للحكومة والرئيس عبد الفتاح السيسي. وشهد الشارع المصري عقب الإعلان عن الاتفاقية مظاهرات حاشدة لرفض إعادة ترسيم الحدود بين مصر والسعودية، مؤكدين أن الجزيرتين مصريتان، وكان ما عرف باسم «جمعة الأرض» أبرز تلك الفاعليات الرافضة، وهو ما تدخل الأجهزة الأمنية لفضها بدعوى مخالفتها لقانون التظاهر، وتم إلقاء القبض على عدد من النشطاء. وشهدت ساحات القضاء المصرية 16 دعوى تطالب ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، والتي تقضي بتبعية جزيرتي تيران وصنافير إلى السعودية، من بينها دعويان تطالبان بإلزام رئيس الجمهورية بعرض الاتفاقية للاستفتاء الشعبي، وفقا للمادة 151 من الدستور. وكانت أبرز الدعاوي المقامة، دعوى أقامها المحامي الحقوق خالد علي، برفقة المحامين مالك عدلي وطارق العوضي، واختصموا فيها كلا من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس النواب. وقالت الدعوى، إن الطاعن فوجئ بقيام رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء في أثناء استقبالهما العاهل السعودي بإعلان الحكومة عن توقيع 16 اتفاقا من بينها اتفاق بإعادة ترسيم الحدود البحرية بين البلدين، ولا سيما فيما يتعلق بحقوق السيادة على جزيرتي تيران وصنافير، الواقعتين في البحر الأحمر. وأكدت الدعاوى، أنه لا يجوز بأي حال من الأحوال التنازل عن أي حق من حقوق السيادة على أي قطعة مصرية إلا فى نطاق ما تنص عليه المادة 151 من الدستور. وأضافت الدعاوى، أن المادة المشار إليها وضعت الخطوات الدستورية للتنازل عن السيادة المصرية عن الأراضي، على أن تبدأ بإبرام رئيس الجمهورية للمعاهدة، ثم موافقة مجلس النواب عليها، ثم موافقة الشعب عليها عبر استفتاء شعبي، باعتبار أن الشعب هو الوحيد الذي يملك ذلك الحق، لكونه مصدر السلطات. وطالبت الدعاوى ببطلان قرار رئيس الجمهورية بالتوقيع على اتفاقية ترسيم الحدود المشار إليها، من بينهم الدعوى رقم 44707 لسنة 70 المقامة من 44 شخصا، من بينهم النائبان البرلمانيان هيثم الحريري وخالد عبدالعزيز، وحمدين صباحي والمحامون طارق العوضي وزياد العليمي ومالك عدلي، والصحفية نوارة نجم، وبتاريخ 21 يونيو 2016، قضت محكمة القضاء الإداري ببطلان الاتفاقية، إلا أنه وفي اليوم ذاته تقدمت الحكومة المصرية بطعن على الحكم أمام هيئة قضايا الدولة. وفي 15 أغسطس/آب الماضي، أقامت هيئة قضايا الدولة في مصر، منازعة تنفيذ أمام المحكمة الدستورية العليا، واستشكالا أمام القضاء الإداري، على الحكم الصادر من الدائرة الأولى بمحكمة القضاء الإداري ببطلان توقيع ممثل الحكومة المصرية على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، المتضمنة التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية. وأكدت هيئة قضايا الدولة، أنه بمقتضى تلك المنازعة والاستشكال، يتم وقف تنفيذ حكم القضاء الإداري، لحين الفصل في المنازعة بحكم المحكمة الدستورية. وبتاريخ 29 سبتمبر/أيلول، قضت محكمة القاهرة للأمور المستعجلة، بقبول استشكال وقف تنفيذ حكم محكمة القضاء الإدارى بإلغاء اتفاقية تيران وصنافير، وهو الاستشكال، الذي قدمه المحامى أشرف فرحات، طالب بوقف حكم إلغاء اتفاقية ترسيم الحدود الذي أقرته محكمة القضاء الإدارى، مؤكداً أنها من الأمور السيادية التي تخرج عن ولاية القضاء الإدارى. وقال «فرحات» في الاستشكال الذي حمل رقم 1863 لسنة 2016، إن الغرض من إقامته هو الاعتراض على الحكم الصادر، للحفاظ على حجية الأحكام حتى لا تتعارض مع بعضها البعض، متسائلا: «كيف يمكن تنفيذ الحكم الآن والاستمرار فيه، بينما الحكم محل طعن أمام المحكمة الإدارية العليا ووارد صدور حكم بالإلغاء». وأضاف أن الحكم يُعد منعدمًا لكون مجلس الدولة والقضاء الإدارى يمتنع عليه التصدى لأى من أعمال السيادة طبقًا لنص المادة 111 من قانون مجلس الدولة، وبالتالى الحكم الصادر يشمله البطلان، مشيراً إلى أن الدولة قدمت مستندات ومخاطبات ومراسلات رسمية تؤكد صحة الاتفاقية التي لم ولن تكون بيعًا أو تنازلًا عن شبر من الأراضى المصرية. والثامن من نوفمبر/تشرين الثاني، قررت محكمة القضاء الإداري في مصر، بطلان قضية ترسيم الحدود مع المملكة العربية السعودية، وتضمن الحكم فرض غرامة على الحكومة المصرية. قضت محكمة مستأنف القاهرة للأمور المستعجلة بعابدين، 31 ديسمبر/كانون الأول، برفض الاستئناف المقدم على حكم محكمة الأمور المستعجلة وتأييد حكم إلغاء قرار محكمة القضاء الإدارى ببطلان اتفاقية تعيين الحدود بين مصر والسعودية واستمرار الاتفاقية. شارك هذا الموضوع: اضغط للمشاركة على تويتر (فتح في نافذة جديدة)انقر للمشاركة على فيسبوك (فتح في نافذة جديدة)اضغط للمشاركة على Google+ (فتح في نافذة جديدة)
مشاركة :