تمثل العرف السائد منذ تولي زين الدين زيدان مهمة تدريب ريال مدريد في اتباع الفريق الملكي لخطة مضادة للخصم من أجل استغلال نقاط ضعفه وتحقيق المكسب، ترك الاستحواذ لأتليتكو مديد في نهائي دوري الأبطال في النسخة الأخيرة خير دليل على ذلك. زيدان اتبع نفس النهج في مباراة إشبيلية في الجولة الـ18 من الدوري الإسباني، التي انتهت بخسارة مدريد بهدفين مقابل هدف. حيث أكد في مؤتمره الصحفي عقب نهاية اللقاء أنه قرر تغيير خططه أمام الفريق الأندلسي وتقديم أفكار جديدة لضرب المنافس. الأفكار الجديدة التي زيدان لريال مدريد تجلت في اللعب بطريقة 3-5-2 التي كانت لها ميزة واحدة وعيوب كثيرة. نستعرضها في السطور التالية. صلابة دفاعية تأثر زيدان بمباراة إياب كأس الملك التي أقيمت الخميس الماضي، التي انتهت بتعادل بثلاثة أهداف لكل فريق أمام نفس المنافس لذا لجأ للتأمين الدفاعي بحماية مناطقه بثلاثي في الخط الخلفي لخلق زيادة عددية وعدم إعطاء الفرصة لإشبيلية لخلق أي مساحة في دفاعات المدريديين. خاصة مع اعتماد سامباولي على ظهيري الجنب ماريانو وإسكوديرو في التقدم على الأطراف ودخول الأجنحة فيتولو وفاسكيز لقلب الملعب، لاستغلال أنصاف المساحات وعمل التقاطع "overlapping"، مما يعني أن إشبيلية يهاجم بخمسة لاعبين. درس زيدان إشبيلية جيدا وتذكر ما فعله به سامباولي في مباراة السوبر الأوروبي مطلع الموسم الجاري، بتنفيذ تلك الخدعة التي أجبرت زيدان على إعطاء أوامر لأجنحته للعودة والمساندة الدفاعية لإغلاق أنصاف المساحات. وبالفعل، نجح زيدان في خنق إشبيلية الذي فشل في تهديد مرمى نافاس خلال الشوط الأول. حرية في وسط الملعب رغبة زيدان في خنق إشبيلية منحت كتيبة المدرب سامباولي تفوقا واضحا في منتصف الملعب، فقاموا بنقل الكرة بحرية تامة دون أي رقابة، اللهم ألا من بعض اللقطات في الشوط الأول التي عانى فيها إشبيلية في الخروج بالكرة بسبب رقابة مودريتش وكروس الفردية للخصم. سيطرة إشبيلية لم تفلح في فك طلاسم دفاع ريال مدريد في الثلث الأخير، فكما يظهر في الصورة أن تمريرات إشبيلية لم تكتمل في مناطق ريال مدريد الدفاعية، على الرغم من كثرة التمرير في منتصف الملعب. دائما ما كان يترك ريال مدريد الكرة للخصم، لكنه كان يقوم بخنقه في وسط الملعب، ومع 3-5-2، ترك زيدان الاستحواذ للخصم ولم يقم بالسيطرة عليه أو يجبره على التمرير السلبي كما كان يفعل دائما. انتظار ريال مدريد لإشبيلية وافتكاك الكرة من على حدود منطقة جزاءه، حرم كتيبة زيدان من تنفيذ المرتدات التي يعتمد عليها الفريق دائما عندما يترك الكرة للخصم. وعلى الرغم من توفير 3-5-2 حرية التقدم لظهيري الجنب، واللعب كأجنحة في أغلب الوقت إلا أن ريال مدريد لم يستفيد من هذه النقطة، فلم نرى انطلاقات مارسيلو أو كاربخال كثيرا، وكانت انطلاقاتهم كما المعتاد وكأن مدريد يلعب بـ4-3-3. تكوين منظومة خط وسط ريال مدريد في المباراة لم يكن ليفيد الفريق. الشكل التالي يوضح المسألة. ربما كان من الأجدى وجود صانع لعب حقيقي أو لاعب يجيد الانطلاق من الوسط للهجوم أو حتى جناح أيمن على أن يتواجد رونالدو في اليسار، بدلا من اللعب بكروس وموريتش معا، خصوصا وأنهم يمتلكون نفس الخصائص تقريبا. وفي بعض الأحيان كان كروس يتقدم ليلعب خلف بنزيمة ورونالدو وكأنه صانع ألعاب، لكن اللاعب الألماني لا يستطيع اللعب في هذه المنطقة. صحيح أن زيدان اعتمد على نفس الطريقة في النصف الثاني من الشوط الثاني أمام ديبورتيفو لاكورنيا وانتصر، إلا أن تكوين وسط الملعب كان مختلفا بتواجد خاميس رودريجيز في مركز صانع الألعاب الصريح رقم 10 وهو مركز اللاعب الكولومبي الحقيقي. صحيح أيضا أن ديبورتيفو ليس إشبيلية، لكن في مباراة الديبور لعب زيدان ببراجماتية ناجعة. انتشار ثلاثي الوسط كما سبق وصفه لم يكن كارثي التأثير قدر ما كان تمركز رونالدو وبنزيمة كارثيين. في الشوط الأول، لم يتواجد اللاعبان في منطقة جزاء إشبيلية طويلا، فرونالدو التزم باللعب في الجانب الأيسر وبنزيما تواجد على الجانب الأيمن، ومع عدم وجود لاعب يجيد التقدم من الوسط للهجوم؛ كان مدريد بدون أية أنياب هجومية، وفي بعض اللقطات ظهرت منطقة جزاء إشبيلية خالية من أي لاعب مدريدي، على الرغم من امتلاكهم للكرة. وفي الشوط الثاني، حدث العكس واقترب رونالدو من بنزيمة كثيرا، مما جعلهم يفقدوا القدرة على التمرير السليم بينهم لضيق المساحة تارة أو لضغط لاعبي إشبيلية عليهم تارة أخرى. السبب في الظهور بهذا الشكل كان لعدم وجود من يقوم بمدهم بالكرات للتسجيل. وربما لخص تصريح رافائيل فاران عقب اللقاء حال ريال مدريد اليوم، حيث قال أن الفريق علم بطريقة اللعب الجديدة صباح اليوم، على الرغم من أن الفريق تدرب عليها كثيرا ولعب بها بعض الأجزاء من المباريات الماضية. تصريح فاران من الممكن أن يتم إثباته بالحالات التي فشل فيها ريال مدريد بالخروج من الكرة بشكل صحيح أو التمرير السليم في وسط الملعب أو بالافتقاد للسرعة في نقل الكرة والتحول السريع من الدفاع للهجوم أو بعدم الربط الصحيح بين اللاعبين وبعضهم البعض في بعض لقطات المباراة. منع وحرمان ربما منع زيدان إشبيلية من تهديد مرمى نافاس طوال اللقاء؛ لكنه حرم فريقه أيضا من تهديد مرمى حارس مرمى الأندلسيين ريكو. بدا واضحا أن سيرجيو راموس يرغب بالتسجيل للرد على مشجعي إشبيلية وإسكاتهم بعد السباب الذي تعرض له قائد نادي العاصمة في الفترة الماضية. رغبة راموس في التسجيل والتركيز مع الجماهير ربما كانت السبب في تسجيله في مرماه في ذلك التوقيت الحرج. هدف راموس يعكس عدم تركيزه في الدقائق الأخيرة من اللقاء على الرغم من أنه يكون صاحب نسبة التركيز الأعلى في الدقائق الأخيرة من المباريات، حيث يسجل وينقذ ريال مدريد من الخسارة. يتحمل كايلور نافاس النسبة الأكبر من هدف يوفتيتش بسبب عدم وقوفه بشكل صحيح لتغطية مرماهه، حيث ترك الحارس الكوستاريكي أكثر من نصف مرماه مكشوفا وتمركز بشكل خاطئ بالقرب من القائم الأيمن، مما جعل المرمى خالي أمام المهاجم المقدوني الذي سدد في منتصف المرمى تقريبا، وعلى الرغم من ذلك فشل نافاس في التعامل مع الكرة. يسأل أيضا فاران الذي ترك لاعب إشبيلية الجديد دون أي ضغط أثناء عملية التسديد. أخيرا، كان على زيدان استخدام كل تغييراته من أجل الحفاظ على النتيجة، كما كان عليه الابقاء على كروس وسحب مودريتش، لقدرة كروس على الركض والضغط على حامل الكرة وقدرته على الفوز بالالتحامات الهوائية، خصوصا وأن الإرهاق ظهر على مودريتش في الدقائق الأخيرة من المباراة.
مشاركة :