صفعة جديدة على جبين العراق الجريح تصفعها إيران لبلاد الرافدين هذه الأيام؛ لتخدم أجندتها الخاصة فيها، حيث أعلنت طهران عن تعيين قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإرهابي، العميد ايرج مسجدي، سفيراً لها في بغداد، خلفاً لسفيرها الحالي حسن دانائي فر. وذكرت قناة الإخبارية، أن مصادر إيرانية مطلعة قد أوضحت أن طهران على وشك الانتهاء من أوراق تعيين مسجدي وأنه بصدد التوجه للسفارة الإيرانية في العاصمة العراقية بغداد، مؤكدة أن تعيينه بمنصب دبلوماسي يأتي نتيجة حساسية الأوضاع في العراق. ومسجدي هو ثالث قيادة بالحرس بالثوري تكلفها طهران سفيراً لها في العاصمة العراقية بغداد منذ سقوط النظام العراقي السابق، وكان حسن كاظمي هو أول سفير لإيران في بغداد إثر 2003، واستمر في منصبه قرابة السبع سنوات ليخلفه حسن دانايي فر، الذي سيحل محله قائد فيلق القدس بالحرس الثوري مجرم الحرب المطلوب دولياً هذه الأيام. وخلال السنوات التي شغل فيها حسن دانايي فر منصب سفير طهران في بغداد، تحول مقر خاتم الأنبياء الذراع الاقتصادية للحرس الثوري الإيراني، إلى أهم مؤسسات الحرس الثوري النشطة في العراق بعد فيلق القدس الإيراني. وقالت صحف إيرانية إن تعيين العميد مسجدي سفيرا لطهران في العراق جاء بناء على توافق بين الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس، الجناح العسكري الخارجي للحرس الثوري الإيراني، ووزير الخارجية محمد جواد ظريف. وكان أمين عام الأمم المتحدة قد أثار مسألة زيارات قاسم سليماني إلى العراق، في تقرير عن سلوك إيران بعد الاتفاق النووي، معتبراً ذلك انتهاكاً لقرارات الأمم المتحدة التي تحظر سفر قيادات فيلق القدس المدرج على لائحة العقوبات الدولية بسبب دعم الإرهاب. ويتطلع الحرس الثوري إلى تعزيز وجوده في العراق من بوابة الاقتصاد، وكشف مساعد قائد مجموعة «خاتم الأنبياء» اللواء سالار آبنوش عن اهتمام الحرس الثوري بسد الموصل الاستراتيجي، وفق ما نقلت عن لسانه وكالة فارس المنبر الإعلامي للحرس الثوري. وكان قائد مقر خاتم الأنبياء، قد أشار في سبتمبر الماضي إلى أن الحرس الثوري استثمر ألف مليار تومان إيراني في العراق، معتبراً مشروعات الحرس الثوري متمركزة في مدينة النجف. وكان إعلان الحرس الثوري مفاجئاً للمراقبين الإيرانيين لأن مجموعة خاتم الأنبياء تواجه عقوبات دولية مشددة، بسبب دعمها فيلق القدس الإيراني. ولم يتضح بعد حجم نشاط الحرس الثوري الاقتصادي في العراق، لكن وسائل إعلام إيرانية كشفت في وقت سابق عن 30 مشروعاً تتجاوز قيمتها ألفي مليار تومان إيراني. ويعتبر الحرس الثوري السفارة الإيرانية في بغداد ذات أهمية استراتيجية ضمن الدول التي تخضع للنفوذ الإيراني، وكان جميع سفرائها من منتسبي الحرس الثوري منذ سقوط النظام العراقي السابق في 2003. ومسجدي الذي يشغل منصب المستشار الأعلى لقائد فيلق القدس الإيراني الجنرال قاسم سليماني، اشتهر بتصريحاته حول معركة الفلوجة ضد تنظيم داعش الإرهابي، حيث قال في مايو الماضي إن دخول الحرس الثوري الإيراني بضباطه في معركة الفلوجة كان من أجل أن تبقى إيران مركزاً للتشيّع في العالم، كما أننا نعتبر هذه المشاركة دفاعاً عن إيران وحدودها. وفي تصريحات له في مايو الماضي، كشف مسجدي عن دور فيلق القدس في الحفاظ على نظام الرئيس السوري بشار الأسد مؤكداً أنه لولا تدخل قوات فيلق قدس في اللحظات الأخيرة لسقط الأسد على يد المعارضة، موضحاً أنه بعد سيطرة المعارضة المسلحة السورية على أغلب المناطق في دمشق وريفها، وشارفت على سقوطها بالكامل، تدخلنا في اللحظات الأخيرة وأنقذنا دمشق والرئيس السوري بشار الأسد من السقوط الحتمي في يد المعارضة المسلحة. وقال مسجدي إن سقوط الحكومة السورية في دمشق على يد المعارضة السورية المسلحة كان سيؤدي إلى قطع الارتباط بين إيران وحزب الله في لبنان، وفي هذه الحالة نعتقد أن حزب الله ستتم محاصرته، وسيكون موقفه ضعيفا جدا، وسيمر بأوضاع صعبة في لبنان. ويأتي تعيين هذا القيادي بالحرس الثوري سفيرا لطهران في بغداد بعد أيام من تعيين الدبلوماسي الإيراني، جواد ترك آبادي، سفيراً لها في العاصمة السورية دمشق، خلفاً للسفير السابق محمد رضا الشيباني، الذي أنهى مهامه منذ ثلاثة أشهر، حيث بقي المنصب شاغراً بسبب خلافات بين الخارجية الإيرانية والحرس الثوري الذي أراد فرض شخصية مقربة منه. هذا، ويتقاسم الحرس الثوري الإيراني ووزارة الخارجية والاستخبارات، تعيين سفراء طهران، ويعتبر الحرس أن سفراء إيران في العراق ولبنان وسوريا واليمن من حصته؛ نظراً لدوره في إدارة التدخلات الإيرانية في هذه الدول. ويرى مراقبون أن إسراع إيران بتعيين مسؤول عسكري متهم بقضايا إرهابية ضد القوات الأمريكية في العراق قبل انسحابها عام 2011، بمنصب سفير لها في العراق، يأتي قبل استلام الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب مهما الرئاسة، حيث سيضغط حينها على الحكومة العراقية برفض تعيين مسجدي في هذا المنصب، كون واشنطن قائدة للتحالف الدولي ضد الإرهاب. وليس مستغرباً على طهران صفعتها الجديدة لبلاد الرافدين -العراق- الجريح، قرارها بتعيين مسجدي إذ إن سابقه -السفير الحالي- حسن دانائي فر الذي استمر في منصبه قرابة السبع سنوات أحد عناصر فيلق القدس الإيراني بقيادة سليماني، كما أن سفيرها الأسبق حسين قمي كان أيضاً من عناصر هذا الفيلق.
مشاركة :