ا استهل النفط الخام تعاملات الأسبوع في الأسواق الدولية على تسجيل انخفاضات سعرية بتأثير من صعود الدولار الأمريكي وتوقعات حدوث طفرة واسعة في مستويات الإنتاج النفطي الأمريكي إلى جانب استمرار بعض الشكوك في السوق في مواقف المنتجين ومدى جديتهم في تطبيق خفض الإنتاج وذلك على الرغم من كل المؤشرات الإيجابية الصادرة عن كبار المنتجين المشاركين في اتفاق فيينا. ومن المعروف أن 22 منتجا في "أوبك" وخارجها بدأوا هذا الشهر أول تحرك مشترك منذ 15 عاما للسيطرة على وفرة المعروض وتقليص الإنتاج بنحو 1.8 مليون برميل يوميا إلا أن استمرار حالة التخمة في الأسواق وبقاء المخزونات مرتفعة جعل تأثير الاتفاق لم يظهر بعد في الأسواق إلا أن الأنظار تتجه إلى أول اجتماع للجنة مراقبة اتفاق خفض الإنتاج في فيينا يوم السبت المقبل والتي سيكون لنتائج أعمالها تأثيرات على مسار الأسعار خاصة إذا رصدت تقدما في التزام المنتجين. واعتبر مراقبون في السوق أن تصريحات المهندس خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية حول استبعاده تمديد اتفاق خفض الإنتاج يعكس الثقة الشديدة في سرعة توازن وتعافى الأسواق وأن مدة ستة أشهر وهى مدة الاتفاقية، كافية لتحقيق الاستقرار في السواق واستعادة مستويات سعرية مناسبة للمنتجين والاستثمارات. وفى سياق متصل، أكدت مصادر في منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" لـ"الاقتصادية" أن العام الجاري 2017 سيشهد انتعاش الإمدادات من خارج أوبك 300 ألف برميل يوميا بسبب النمو الجيد في الموارد التقليدية، مشيرة إلى أن نمو المعروض من خارج "أوبك" قد سجل 1.5 مليون برميل يوميا في عام 2015 مقابل نمو بلغ 2.3 مليون برميل يوميا في عام 2014 أما النمو في عام 2016 فقد سجل سالب 800 ألف برميل يوميا. وقالت المصادر: إن أبرز تأثيرات اتفاق خفض الإنتاج تتمثل في تحسن هيكل السوق ووضعه العام، حيث تحولت الأسعار من اتجاه الهبوط إلى الارتفاع كما أن سعر سلة أوبك تعافى على نحو كبير وسجل – عقب الاتفاق - أعلى المستويات التي شهدها منذ يوليو 2015. وأضافت المصادر أن سوق النفط الخام شهدت أيضا تحسن الشعور العام نحو آفاق أفضل لمستقبل صناعة النفط الخام كما توافرت بالفعل كل الظروف اللازمة للنمو الاقتصادي العالمي المطلوب. وأشارت المصادر إلى أن القرارات التي تم التوصل إليها لها انعكاسات إيجابية على السوق سواء على المديين القصير والطويل، حيث كانت أنظار المنتجين متجهة بقوة إلى مستقبل الصناعة وكيفية ضمان تحقيق أقصى درجة من استقرار السوق خاصة فيما يتعلق بإمدادات النفط العالمية في المستقبل، والتفاعل الجيد مع النمو في مستويات الطلب. من جانبه، قال المهندس بيرت ويكرينك مدير أنظمة التشغيل في شركة "كيوا" للغاز في هولندا لـ "الاقتصادية" إن حديث وزير الطاقة السعودي عن استبعاد مد اتفاقية خفض الإنتاج له العديد من المؤشرات الإيجابية عن السوق أولها الثقة التامة في تحسن مستويات الطلب بمطلع الصيف المقبل ما سيجعل مهمة الاجتماع الوزاري لمنظمة "أوبك" في 25 أيار (مايو) المقبل أسهل نسبيا من الاجتماعات السابقة. وأشار إلى أن الوزير الفالح لديه – على ما يبدو- ثقة واسعة في التزام كافة المنتجين بتطبيق حصصهم في اتفاق خفض الإنتاج إلى جانب القناعة بأن مدة الأشهر الستة كافية لإحداث التوازن المطلوب في الأسواق التي تتجه بالفعل نحو تحقيق هذا الهدف تلقائيا بسبب تقلص المعروض في مقابل نمو الطلب. ونوه إلى أن اتفاق خفض الإنتاج سيؤدى دون شك إلى تعافى الأسعار بشكل أسرع ومن ثم تنشيط الاستثمارات مرة أخرى بما يؤمن استقرار ونمو الإمدادات لتلبية احتياجات الاستهلاك الواسعة خاصة القادمة من الاقتصادات الآسيوية الصاعدة وعلى رأسها الهند والتي تسجل أعلى معدلات النمو وتشهد طفرة واسعة في الطلب خاصة ما يتعلق بوقود النقل. من ناحيته، قال يوها جيرفنبا مدير شركة "إيلينا" للطاقة في فنلندا لـ"الاقتصادية" إنه لا مبرر من الاستمرار في التشكيك في جدية التزام المنتجين بخفض الإنتاج خاصة أن كل التحركات التي قام بها المنتجون حتى الآن إيجابية للغاية وتم تجاوز الحصص المقررة للخفض في دول إنتاج عديدة في مقدمتها السعودية والكويت والجزائر. وقال إنه يتفق مع تقديرات وكالة الطاقة الدولية التي تتوقع حدوث توازن كامل في الأسواق خلال شهور قليلة مع استمرار تحسن الأسعار في ضوء تنفيذ اتفاق الإنتاج بشكل جيد، مشيرا إلى أن تقديرات الوكالة أيضا تشير إلى حدوث نشاط واسع في الإنتاج الأمريكي كردة فعل على خفض الإنتاج وهو ما قد يقود بالفعل إلى تقلبات سعرية جديدة. وأضاف أن أهم التحديات التي تواجه سوق النفط الخام في عام 2017 هو ضرورة إضافة استثمارات نفطية جديدة ومؤثرة تعوض فترة الانكماش السابقة وتضمن تأمين المعروض النفطي لأنه بخلاف ذلك سينقلب الموقف عكسيا ويتفوق الطلب على العرض ومن ثم قد نتعرض إلى أزمة ندرة في الطاقة وارتفاع حاد في مستوى الأسعار. من جانبه، قال مايكل تورنتون المحلل بمبادرة الطاقة الأوروبية لـ"الاقتصادية" إن لجنة مراقبة خفض الإنتاج وسكرتارية أوبك في فيينا وضعا بالفعل آلية عمل مشتركة ستكون فعالة في تقييم مواقف المنتجين، متوقعا أن يتم الإعلان ذلك بشكل أكثر تفصيلا في اجتماع اللجنة الوزارية في فيينا يومي السبت والأحد المقبلين. وتوقع أن تتضمن هذا الآلية كيفية التعامل مع أي خروقات تقوم بها الدول المنتجة للاتفاق، مشيرا إلى انه بحسب ما أعلنت الكويت سيكون تنبيه الدول المخالفة تدريجيا من خلال محافظ الدولة في "أوبك" ثم وزير الطاقة ليصل الأمر في حالة المخالفات الجسيمة إلى الاستعانة بالملوك والرؤساء وذلك لضمان أقصى درجات الالتزام بالاتفاق. وأشار إلى أن زيادة إنتاج كل من إيران وليبيا في الآونة الأخيرة أمر كان متوقعا ولكن تبقى الزيادات محدودة ولا تهدد استمرار اتفاق خفض الإنتاج، منوها إلى أن نجاح تطبيق الاتفاق سيشجع مزيد من الدول على الانضمام إلى الاتفاقية خاصة إذا استقرت الأسواق سريعا وتعافت الأسعار إلى المستويات المأمولة والملائمة. من ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار، تراجعت أسعار النفط أمس تحت ضغط شكوك بشأن وفاء كبار منتجي النفط بتعهدهم بخفض الإنتاج وتوقعات بزيادة الإنتاج الأمريكي مرة أخرى العام الجاري. ونزل سعر مزيج برنت عشرة سنتات إلى 55.35 دولار للبرميل، فيما نزل الخام الأمريكي الخفيف بالمقدار نفسه إلى 52.27 دولار. ووافقت منظمة أوبك على خفض الإنتاج بواقع 1.2 مليون برميل يوميا إلى 32.5 مليون برميل من الأول من كانون الثاني (يناير) الجاري لسحب الفائض من السوق الذي أسهم في هبوط الأسعار على مدى أكثر من عامين. وقالت روسيا والمنتجون الرئيسيون من خارج "أوبك" إنهم سيخفضون الإنتاج. ولكن إنتاج النفط عالميا لا يزال مرتفعا ومع اقتراب المخزونات من مستويات قياسية يرتاب المستثمرين في أن أوبك وحلفاءها يمكنهم خفض الإنتاج لتقليص الإنتاج للمستوى الذي يدفع الأسعار للهبوط. وتراجعت أسعار بالسوق الأوروبية أمس لتواصل هبوطها لليوم الثاني على التوالي، تحت ضغط صعود الدولار الأمريكي مقابل سلة من العملات، ويحد من الخسائر انخفاض منصات الحفر في الولايات المتحدة للمرة الأولى في ثلاثة أشهر. وتراجع الخام الأمريكي إلى مستوى 52.30 دولار للبرميل من مستوى الافتتاح 52.48 دولار وسجل أعلى مستوى 52.57 دولار، وأدنى مستوى 52.22 دولار. ونزل خام برنت إلى مستوى 55.40 دولار للبرميل من مستوى الافتتاح 55.56 دولار وسجل أعلى مستوى 55.68 دولار، وأدنى مستوى 55.32 دولار. وفقد النفط الخام الأمريكي تسليم فبراير عند تسوية يوم الجمعة 1 في المائة، في أول خسارة خلال ثلاثة أيام، وانخفضت عقود برنت "عقود مارس" بنسبة 0.9 في المائة. وعلى مدار تعاملات الأسبوع الماضي فقدت أسعار النفط نسبة 2.2 في المائة، في ثاني خسارة أسبوعية على التوالي، بفعل قلق الأسواق من استمرار أزمة تخمة المعروض على الرغم من دخول اتفاق خفض الإنتاج العالمي حيز التنفيذ الفعلي. وارتفع مؤشر الدولار بنسبة 0.3 في المائة، عاكسا تحسن مستويات شراء العملة الأمريكية مقابل سلة من العملات، خاصة مقابل العملات الأوروبية اليورو والجنيه الاسترليني بعد تجدد المخاوف بشأن انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي. وصعود العملة الأمريكية يؤثر سلبا في أسعار النفط كونها مقومة بالدولار وترتفع تكلفتها بالنسبة لمستهلكي العملات الأخرى. من ناحية أخرى، ارتفعت سلة خام أوبك ليسجل سعرها 52.64 دولار للبرميل يوم الجمعة مقابل 52.30 دولار للبرميل في اليوم السابق. وقال التقرير اليومي لمنظمة "أوبك" إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء بالمنظمة حقق ثاني ارتفاع له على التوالي وأن السلة خسرت دولارا واحدا مقارنة باليوم نفسه الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 53.50 دولار للبرميل. Image: category: النفط Author: أسامة سليمان من فيينا publication date: الاثنين, يناير 16, 2017 - 21:45
مشاركة :