التفاوض مع طهران عبث عبدالله العلمي يبدو أن التحالفات بين روسيا وإيران أصبحت على المحك. هذا الاستنتاج لم يأتِ من فراغ، فطهران “تبدع” في الخداع والكذب والنفاق من باب “التقية”؛ أو بمعنى أصح من منطلق كتمان الحقائق والتظاهر بعكس الحقائق الخفية، لحين بلوغ الهدف المنشود. أحد الأدلة على ذلك هو تظاهر إيران بقتال “الجماعات التكفيرية” في سوريا، بينما في حقيقة الأمر، طهـران تنفـذ عملية تبـديل سكان ممنهجة ضمن خطةٍ ماكرة واسعة لإجراء تغييرات ديموغرافية في أجزاء من سوريا. هناك ثلاثة أهداف أساسية من هذه الخطوة، الهدف الأول إعادة تنظيم سوريا إلى مناطق نفوذ تمكن أنصار الأسد من التحكم فيها مباشرة. الهـدف الثاني استخدام هذه المناطق لخدمة مصالح إيرانية أوسع في المستقبل. أما الهدف الثالث فهو تعزيز معقل حزب الله في شمال شرق لبنان، بحيث تصبح المنطقة بأكملها تحت سيطرة طهران. ما هو نصيب حسن نصرالله من هذا التقسيم؟ يعتبر والي طهران في بيروت الجنوبية بلدتي مضايا والزبداني امتدادا طبيعيا لأراضي حزبه الإرهابي في لبنان. ليس من المستغرب أن دافع حزب الله هو الأوامر المباشرة التي تلقاها من القيادة الروحية لإيران للسيطرة على هاتين البلدتين بشكل دائم وبأي ثمن. إلا أنه من الواضح أن إيران منزعجة من التقارب التركي – الروسي بشأن سوريا، “الروليت” لعبة روسية أتقنها فلاديمير بوتين ولم يصمد أمامها أحد. التحالفات بين موسكو وطهران لم تأتِ من أجل عيون الملالي، بل بغرض استمرار نظام الأسد، إلى جانب استفادة موسكو من القواعد العسكرية الإيرانية التي كانت منطلقا للعمليات الجوية. إيران تعلمت ألا تضيع الفرص، وها هو حزب الله يحاصر مسجد السيدة زينب في المدخل الغربي للعاصمة السورية دمشق. إمعانا في الاستيطان، نقل نصرالله عائلات من تنظيمه الإرهابي إلى الأحياء المجاورة للمسجد منذ أواخر العام 2012. أما في حمص، فقد تم إخلاء أحياء بكاملها من سكانها الأصليين. نعم إنها الخطة الإيرانية السورية لتوسيع نفوذ ولاية الفقيه في بلاد الشام. وضع إيران اليوم متهالك، الطائرات والدبابات والمدافع التي تمتلكها طهران أصبحت خردة قديمة. مؤسسة “إيكونوميست إنتلجنس” تؤكد تربع طهران على مركز ثاني أسوأ دولة في المعيشة والخدمات الطبية والمواصلات على مستوى العالم. أما التعليم والخدمات الحكومية عموما فهي الأسوأ بالمنطقة، فضلا عن الفساد الإداري وارتفاع نسب الجريمة والبطالة. مع كل هذا، إلا أن الخزينة الإيرانية بدأت تنتفخ تدريجيا. إيرادات إيران من النفط، خلال الأشهر الـ9 الماضية بلغت 29 مليار دولار، وأصبحت إيران تغطي حوالي ربع احتياجات تركيا من الغاز الطبيعي. وكالة الأنباء الصينية “شينخوا” أكدت هذا الأسبوع أن إيران ستتحول إلى مصدر مطمئن للطاقة للقارة الأوروبية. محاولات “التسوية” لاحتواء الأزمة بين دول مجلس التعاون وإيران مستمرة؛ العراق يَدَعي أن وزير الخارجية إبراهيم الجعفري نقل رسائل بين الرياض وطهران، ولكن وزير الدولة السعودي للشؤون الخليجية ثامر السبهان، أكد أن الرياض لم تردها أي رسائل وساطة بهذا الشأن. علينا يا سادة أن نتذكر أن التفاوض مع طهران عبث، كما أن اللعب مع الثعبان مغامرة سامة. عضو جمعية الاقتصاد السعودية سراب/12
مشاركة :