دعني أرى سلوكك

  • 4/6/2014
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

مجددا، أعود لقضايانا الاجتماعية، وأقول: قد نمتلك مالا فنغير من مستوى حياتنا، وقد نفقد شيئا أو أشياء ويمضي بنا العمر فتتغير أحوالنا وأسلوبنا مع متغيرات الحياة والأجيال، لكن أي تغيير نريد أو يجب لحياتنا؟ لو طرحنا هذا السؤال على شرائح مختلفة لوجدنا رغبة السواد الرغبة الأعظم في التحسين المادي، وإذا سألت عن أخلاق الناس لسمعت شكوى عامة من تغير النفوس، وغلبة أناقة المظهر على نقاء الجوهر، وتراجع عادات وتقاليد عشنا عبقها مع أهلنا آباء وأجدادا، وكانت حاكمة للصغير والكبير كحقوق وواجبات، وقيم الأسرة وأخلاق الحارة، واحترام الحقوق العامة والخاصة والتزام آداب الحوار، ورحم الله القائل (لا تحدثني عن تعاليم الدين والقيم، ولكن دعني أراها في سلوكك)، فالبرتقالة لا يخرج منها سوى عصيرها، وكذلك الإنسان يكون على ما نشأ وتربى، خلاصة ما سبق أن الأخلاق والقيم أساس بناء المجتمع، والنسيج الاجتماعي لا يقوى إلا بالتوافق والتعايش بين الجميع واحترام الآخر في رأيه وفكره بغير سوء، وهذا هو التحدي الذي تواجهه مجتمعاتنا العربية عامة، وبشكل خاص ما يعيشه بعضها من أحداث مزلزلة وفتن كشفت عورات التغير الهائل في الأخلاق العامة، وغلبة الأنا للأفراد والتحزب، وحروب داحس والغبراء على شبكات التواصل الإلكتروني التي تحولت إلى بيئة خصبة للشحناء والبغضاء، وكأن الحوار لغة ومبدأ لم يعرف من قبل، وأصبحت الصدور والعقول أضيق من سم الخياط، ناهيك عن الإرهاب الغادر الذي يسيء أولا إلى الدين الحنيف أكثر مما يسيء له الأعداء ويتزايد شرره وتتسع تربته وأزلامه، لولا حكمة الحكماء وحزم الحازمين في وأد شرور الفتن من بذورها وجذورها وتربتها. إن الإسلام الوسطي الحنيف مدرسة عظيمة لثقافة الحياة السوية ونبع للقيم، وما أعظم تعاليمه السمحة للتسامح والتراحم والترابط كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا بالمودة والتراحم واحترام الرأي وحق الآخر، ولكن ــ للأسف ــ نشهد تسرب القيم الأصيلة بمتغيرات هذا العصر، حتى تقنيات الاتصال والتواصل الاجتماعي والهواتف الذكية رغم نفعها، باتت تغتال التواصل الحقيقي وتسرق الوقت في العلم والعمل وتهدم الخصوصية. إن سمعة الإنسان تعيش أكثر من عمره، فهل نترك بصمة مضيئة لحياتنا. ألا يستحق ذلك وقفة صادقة لإعادة بناء وترتيب أولوياتنا ومسؤولياتنا التربوية والدعوية والإعلامية؟. قال تعالى: «وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون».

مشاركة :