أرجو أن يصبر القارئ عليّ وأنا أسأله هل سمع باسم المغني البريطاني بيتر ستارستد؟ أرجح أن القارئ العربي لا يعرفه، فأكثر شهرته يعود إلى أغنية له سنة 1969 تُعرَف باسم «إلى أين تذهبين يا حسنائي...» حققت المركز الأول في بلاده وكانت بين أهم مئة أغنية في الولايات المتحدة. الأغنية عن فتاة اسمها ماري-كلير تنشأ فقيرة في الشوارع الخلفية لمدينة نابولي، ثم تصبح بين المشاهير وتقيم في باريس. أذكر من الأغنية المقطع الأشهر فيها: ولكن إلى أين تذهبين يا حسنائي وأنت وحدك في سريرك خبّريني عن الأفكار التي تراودك لأنني أريد أن أدخل عقلك. نعم أريد ذلك. ما سبق مقدمة، فالمغني البريطاني مات قبل أيام وتذكرت أغنيته الأشهر كما تذكرت أغنية حزينة له عن بيروت تعود إلى سنة 1978، والحرب الأهلية تأكل الأخضر واليابس. سأترجم الأغنية هنا باختصار، فهي تقول: الضوء الأخضر في الشارع الرطب اللماع وَقَفَت وشعرها يتناثر، كتمثال أبيض خارج كازينو يحترق وهناك «وقفت» أنا، ليس كبطل أبداً، في بيروت ليلاً صوت الرصاص اخترق حرارة الطقس من هنا وهناك العواصف شديدة ورجال كثيرون يقبلون الموت عبر الشرق الأوسط هي ولدت في المدينة وتعرف الأزقة الخلفية للبنان. بيروت تتهاوى حجراً بعد حجر بيروت تتهاوى حجراً بعد حجر من الفندق المحترق إلى قلعة الصليبيين تصيدونا كأننا من الحيوان عبر مأدبة للجياع ورجال من دمشق، وكل ما أردت هو 50 ألفاً (مال) فعلقت في حرب أهلية مفجعة وأصبت برصاصة في ذراعي من مسلح اعتقد أنني إرهابي بيروت تتهاوى حجراً بعد حجر وقفت وشعرها يتناثر، كتمثال أبيض خارج كازينو يحترق. أعتقد أن ستارستد زار بيروت فكانت هذه الأغنية الحزينة. الذكرى تبعث الذكرى، وكنت أقرأ عن موت المغني البريطاني عندما تذكرت أن المغني المشهور انريكو ماسياس غنى للبنان وبيروت أيضاً، بالفرنسية. هو قال: بيروت، عندما يدعوني الأفق ويبتسم لي. سحرك يأسرني، جمالك يجذبني. الشابات بانتظاري كل الوقت ويحاولن إغرائي. لبنان الأسطورة. بيروت، يا حقل نعومة إلى الأبد، تنعش قلبي، تبث فيه سمفونيات خضراء. هي أغنية الأيام القديمة، يكررها العاشقون. بيروت، الشمس تضحك في السماء حيث ينعكس شكل بيروت طعم العسل ينزل من السماء. فينوس كل الأوقات. أغني لنجومك عندما يسود الصمت يا بيروت أحلم حلماً مثيراً عن ألف ليلة وليلة في بيروت. داليدا الإيطالية الفرنسية التي وُلِدَت في مصر غنت بالعربية لبيروت. قالت: بعد الحرب والنار، من بعد هللي صار، عاد الصفا للبنان، عاد الوفا للبنان، شمس وقمر لبنان (الأغنية على الإنترنت). هي ذكريات الزمان الجميل، ولا نملك سوى الذكريات.
مشاركة :