أشرف جمعة (أبوظبي) مقاعد خشبية تحيي زائريها في مهرجان الشيخ زايد التراثي تفسح لهم المجالس، تمنحهم لحظات استراحة، فيتناول بعضهم الأطعمة التراثية في شغف، ويسند الصغار رؤسهم عند زواياها الناعمة، وتسترجع فيها بعض الأسر ذكرياتها الماضية مع المهرجان عن أول زيارة كيف كانت؟ وكيف تعددت الزيارات؟ ومن ثم الحرص على الحضور في كل دورة جديدة، وفي أحيان أخرى تكون هذه المقاعد المنتشرة في طرقات المهرجان وأجنحته ملاذاً للجلسات الحميمية والحكايات التراثية وشرب القهوة العربية، فالمهرجان يترك في نفوس زواره أثراً عجيباً فيجعل ذاكرة الكبار تستحضر الزمن القديم وأفئدة الشباب في شغف للاستماع إلى حكايات البحارة حول الغوص بحثاً عن اللؤلؤ، وزوار المهرجان يلوذون بهذه المقاعد فتضج حياة أخرى فيتسابق روادها في إضفاء لمسة جمالية على الحاضر مستمدة من أعماق الماضي، إنها مقاعد الذكريات والحكايات، والألفة الغامرة والبهجة التي تفيض حنيناً إلى ماضي الآباء والأجداد في مهرجان الشيخ زايد التراثي بمنطقة الوثبة. جمعتهم اللقاءات العابرة ومحبة الموروث الشعبي الذي ملأ قلوب الزوار بهجة وفتح فضاء من الألفة الغامرة على أحد المقاعد الخشبية في مهرجان الشيخ زايد التراثي، جمعتهم الحكايات الخاصة بموروث كل بلد ينتمي إليه كل واحد منهم، إذ جلس صالح محمد علي، ومساعد حمدان، وعبدالله محمد من السودان، وعبدالله الفجالي من المغرب، ومحمد مولود من موريتانيا على مقعد واحد يحتسون بعض المشروبات الدافئة في شتاء المهرجان، ويبين صالح محمد علي أن المصادفة وحدها جعلته يلتقي عدداً من رواد المهرجان على هذه المقاعد التي تحلو في رحابها الحكايات، مشيراً إلى أن الجلسة التي جمعت أكثر من شخص ينتمون إلى ثقافات مختلفة كانت في غاية الثراء لكونهم تحدثوا بتلقائية عجيبة عن طبيعة الموروث الشعبي في البلاد التي ينتمون إليها، موضحاً أنهم تطرقوا إلى الموروث الشعبي الإماراتي الذي بدا في غاية الثراء والتنوع والذي كان حديث المهرجان حيث لفت نظر الكثير من الزوار الأجانب والأجنحة المشاركة، فضلاً عن الفنون الشعبية الإماراتية التي تميزت بطابعها الخاص الذي يعبر عن جانب مهم من جوانب التراث الوطني للدولة. مقعد آخر على مقعد آخر كان الحوار يدور بصورة حميمية بين محمد إبراهيم 13 عاماً وإبراهيم صالح، وأيمن علي، وياسر محمد، وصادق أمين من اليمن حول المهرجان وما قدمه إلى المجتمع من تعريف حقيقي بموروثات الشعوب التي تعانقت تحت سماء المهرجان، ويشير إبراهيم صالح إلى أن هذه الجلسات تحلو ساعة الغروب حيث الجلوس تحت المصابيح الخافتة ومن ثم احتساء الشاي وتناول بعض الأطعمة الخفيفة والغوص في تفاصيل الذكريات التي يحركها المهرجان في النفوس، مبيناً أن لكل جناح مشارك قصة كبيرة من الموروث الشعبي الأصيل ووراء كل حرفي حكاية عجيبة وهو ما لمسه خلال حضوره المهرجان بصورة منتظمة، ويرى أن هذه التظاهرة الثقافية التي جمعت كل ألوان الفنون الشعبية والحرف اليدوية والصناعات التقليدية في منطقة الوثبة شجعت الزوار على أن تكون مادة الحديث عن تاريخ الشعوب وما تركته من موروثات شعبية عامرة بالجمال وناطقة بالدهشة. ثلاثة أصدقاء ... المزيد
مشاركة :