اقتصاد الإرهاب: اتحاد مع الجريمة المنظمة يكلف العالم تريليونات الدولارات

  • 1/20/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

فرض الإرهاب في الولايات المتحدة وأوروبا والعالم منذ تفجيرات واشنطن ونيويورك في ايلول (سبتمبر) 2001 تداول مصطلح جديد هو «اقتصاد الإرهاب» وذلك عند الحديث عن مصادر تمويل الإرهاب الدولي وعمليات غسيل الأموال والاتجار بالمواد المحظورة وتهريب البشر والنزاعات الأهلية المسلحة، والنفقات المتنامية في موازنات الدول على الأمن ومكافحة التنظيمات الإرهابية، وعلاقاتها مع عصابات الجريمة المنظمة العابرة للحدود. وقدرت خسائر وتكلفة الإرهاب في انحاء العالم خلال عام 2014 بحوالى 52.9 بليون دولار. ووفق تقرير صادر عن «معهد الاقتصاد والسلام-IEP» فإن كلفة الإرهاب في عام 2015 ارتفعت الى 90 بليون دولار، ما يمثل 23 في المئة من الناتج القومي الإجمالي لاقتصادات دول منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا التي تعتبر من اكثر مناطق العالم تأثراً بالإرهاب. وكانت مديرة مؤسسة الشراكة، ومقرها نيويورك، كاترين وايلد ذكرت «ان كلفة تفجيرات الحادي عشر من ايلول (سبتمبر) في نيويورك وحدها بلغت ما بين 85- 100 بليون دولار» وهو «مبلغ يشكل ثلث الناتج القومي الإجمالي للمدينة». يجمع المحللون والخبراء على ان العمل الإرهابي الكبير في الولايات المتحدة ألحق أضراراً بحركة التجارة العالمية واقتصادات العالم بأسره، وتشير الأرقام التي تم تداولها في تلك الفترة الى ان تكاليف تمويل الخطط الأمنية في المطارات الدولية والموانىء ومحطات القطار والنقل العام، وحماية مباني ومقار المؤسسات والهيئات الدولية والإقليمية وممثليات الشركات المتعددة الجنسيات الموزعة في مختلف انحاء العالم ارتفعت في شكل كبير بحيث وصلت الى نحو 1500 بليون دولار، وهو رقم قد يكون تضاعف مرات عديدة مع انتشار وتوزع الجماعات الإرهابية وخلاياها في كل الدول. وكانت وزارة الدفاع (البنتاغون) اعلنت رفع حجم الأموال المخصصة لمحاربة «داعش» في سورية والعراق، وذكر الوزير آشتون كارتر «ان موازنة البنتاغون للعام الحالي ستتضمن زيادة بنسبة 35 في المئة في الإنفاق على العمليات العسكرية ضد هذا التنظيم الإرهابي». وأشارت صحيفة «نيويورك تايمز» الى «ان موازنة الوزارة ستصل الى 524 بليون دولار بزيادة 59 بليون دولار عن العام الماضي».   تكلفة الإرهاب والجيوبوليتيك يقدر خبراء شركات التأمين العالمية حجم الأخطار الأمنية التي تشكل عنصراً اساسياً في تطورات الوضع الدولي بأكثر من تريليون دولار، وأقر وزير الخزانة الأميركي الأسبق روبرت روبين بأن ما اصبح يعرف الآن باسم تكلفة الإرهاب او الأخطار الجيوبوليتيكية يحتل مركز الأولوية في الثوابت الإستراتيجية التي وضعتها الولايات المتحدة. ولا تخفي وكالات تقدير الأخطار الأميركية وجود صعوبات في تنفيذ العمليات الخاصة باستنفار الأساطيل ضد تنظيمات الإرهاب والقرصنة البحرية، وما تستلزمه من اموال اضافية متزايدة لتحقيق اهدافها المرسومة، وهو ما تناوله تقرير لـ «منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي» كاشفاً عن المصاعب التي تواجه فرق مكافحة الإرهاب على المستوى الأوروبي والدولي. يتغلغل اقتصاد الإرهاب الذي يعتمد على مصادر تمويل متعددة عبر شبكات عديدة في الاقتصاد العالمي في شكل يجعل اكتشافه عملية في غاية التعقيد. ففي كتابها «اقتصاد الإرهاب» تذكر الخبيرة الاقتصادية الإيطالية لوريتا نابوليوني «ان هذا النوع من الاقتصاد اضحى جزءاً من الاقتصاد العالمي عبر صفقات مالية وتجارية ذكية ومربحة يتم ترتيبها مع تجار ورجال اعمال يشكلون واجهة لغسيل اموال الجماعات الإرهابية التي يتم ضخها وكأنها اموال شرعية في النظام المالي العالمي». وقدرت نابوليوني حجم اقتصاد الإرهاب بنحو 10 في المئة من حجم التجارة العالمية المقدرة بحوالى 18 بليون دولار في عام 2013». ووفق دراسة لمصلحة التجارة والشؤون الخارجية الأسترالية فإن» الإرهاب يسبب خسائر تقدر بحوالى 180 بليون دولار سنوياً للتجارة العالمية». ولاحظت دراسة اعدتها مؤسسة «راند» الأميركية «ان العمليات الإرهابية تقود تلقائياً الى ضرب انسيابية الحركة التجارية في اسواق المال والمتاجر». ادى ارتفاع مستوى الأخطار الأمنية في جميع بلدان الاتحاد الأوروبي قامت حكوماتها برفع حجم نفقاتها الأمنية في الموازنات العامة منذ 11 ايلول 2001 الى 18 في المئة، ومن ثم الى 24 في المئة والآن الى نحو 30 في المئة ويتوقع ان ترتفع بوتائر متسارعة خلال العام الحالي والأعوام المقبلة تبعا لتزايد الأخطار الأمنية. ويشير تقرير بلجيكي الى «ان الدولة تكبدت خسائر قيمتها نحو بليون دولار بعد العمل الإرهابي في بروكسيل في آذار (مارس) الماضي». وأفاد بأن حجم الخسائر في الربع الأول من العام الماضي وصلت الى 10 في المئة من الناتج الإجمالي المحلي». وقال وزير الاقتصاد كريس بيترز «ان الشركات العاملة في مجال الأمن الخاص والحراسة سجلت انتعاشاً في اعمالها بعد الهجمات الإرهابية». واضطرت الحكومة البلجيكية الى تخصيص موازنة اضافية بمبلغ 740 مليون يورو لمكافحة الإرهاب لتأمين رواتب المئات من الموظفين الجدد في وكالات الأمن والشرطة والاستخبارات وتأمين محطات النقل والمطارات ومقرات الحلف الأطلسي والاتحاد الأوروبي ومؤسساته وهيئاته المختلفة. وخصصت فرنسا مبالغ اضافية في الموازنة الخاصة بالأمن والاستخبارات تصل قيمتها الى نحو بليون يورو، وهو ما فعلته ألمانيا التي رفعت نفقاتها الأمنية والعسكرية الى 130 بليون يورو، وكذلك جميع الدول الأخرى الأعضاء في الأوروبي. ووفقاً لدراسة اعدها مركز دراسات الديموقراطية في صوفيا فإن حجم ما انفقته كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإسبانيا وإيطاليا على شراء التجهيزات والتقنيات المتطورة، وتوسيع الفرق والطواقم الخاصة بمكافحة الإرهاب والحرب الإلكترونية وتأمين امن المطارات والمصالح الحيوية والمنشآت النووية وتجنيد المخبرين وتدريب الكوادر على اختراق الشبكات الإرهابية وعصابات الجريمة المنظمة ارتفع الى اكثر من 500 بليون يورو في السنوات الأخيرة، وهذا المبلغ لا يشمل نفقات العمليات الأمنية الخارجية في مناطق النزاعات المسلحة. واعتمدت المفوضية الأوروبية خطة عمل لمكافحة تمويل الإرهاب على نطاق عالمي. وقال الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند «ان الإنفاق الأمني يشكل اولوية من الآن فصاعداً». وبرأي الخبير الاقتصادي الألماني تيلمان بروك من الصعب « تحديد التكاليف المادية التي تصرف على الصعيد الدولي لمكافحة الإرهاب، الا ان العالم يمكن ان يكون اكثر ثراء بنسبة 10 – 20 في المئة لولا وجود الإرهاب».   شركات التأمين والإرهاب مع تزايد أخطار الإرهاب وبروز الكثير من الحركات العنفية وتعاظم نفوذها في مناطق متعددة من العالم مستفيدة من تقنيات العولمة ووسائل التواصل الاجتماعي ابتدعت شركات التأمين العالمية برامج وخدمات جديدة للتأمين ضد أخطار الإرهاب وطرحتها في اسواق التأمين وإعادة التأمين، ونقلت اسبوعية «كابيتال» المعنية بشؤون المال والأعمال الصادرة في صوفيا عن خبير مالي سويسري قوله» ان قيمة التأمينات من أخطار التعرض لأعمال ارهابية تستخدم فيها مكونات كيمياوية وبيولوجية وجرثومية تصل الى 200 بليون دولار سترتفع خلال السنوات المقبلة الى 300 بليون دولار تبعاً لتزايد أخطار وقوع او احتمالات استخدام التنظيمات الإرهابية لهذه الأسلحة». ليست الدول العربية مستثناة او بعيدة من هذه الأخطار وتكاليفها الباهظة ، وفي مقدمها العراق ودول الخليج التي رفعت حجم نفقاتها الأمنية بعشرات الأضعاف بعد تحولها الى هدف لإرهاب المنظمات المتطرفة. وتسبب نشوب الحروب الأهلية والنزاعات المسلحة في العراق وسورية واليمن والسودان وليبيا وغيرها بتحمل هذه الدول تكاليف باهظة على المستويات المالية والاقتصادية والأمنية، ووفق تقرير «معهد الاقتصاد والسلام» فإن العالم وبشكل خاص دول الشرق الأوسط خسرت 13.6 تريليون دولار نتيجة هذه الصراعات والإرهاب المتعدد الأشكال والمصادر» وأشار الى «ان معظم هذه الأموال أنفقت على الأمن والتسليح وتمويل الحروب، وتحتل سورية المرتبة الأولى كأكبر خاسر اقتصادياً وستحتاج الى اكثر من 300 بليون دولار لإعادة إعمار البني التحتية التي دمرتها الحرب. ويأتي العراق في المرتبة الثانية فهو ينفق نصف موارده المالية المتحققة من النفط على الحرب التي يشنها على «داعش»، ووفقًا لبيانات وردت في التقرير فقد «وصلت كلفة الحرب في العراق الى 84 بليون دولار وهو رقم يرتفع باضطراد». ووصل حجم إنفاق دول الشرق الأوسط وشمال افريقيا على حيازة تقنيات وخدمات امن المعلومات إلى مبلغ 3.1 بليون دولار خلال عام 2016 اي بزيادة قدرها 8 في المئة عن عام 2015. وقال الباحث سنديب ويسليكار من مجموعة «ستراتيجيك فورسايت» بالهند» ان الشرق الأوسط يتحمل اعلى نفقات عسكرية في العالم حيث خصصت دوله في المتوسط العام 6 في المئة من اجمالي الناتج القومي للنفقات العسكرية والأمنية». ووفق دراسة صادرة عن مؤسسة الدراسات والأبحاث العالمية «جارتنر» فإن» اجمالي الإنفاق العالمي على تقنيات امن المعلومات ارتفع العام الماضي الى 3.49 تريليون دولار». على رغم الإجراءات الرقابية الصارمة التي تمارسها الولايات المتحدة وشركاؤها الأوروبيون والأمم المتحدة ودول العالم الأخرى في اطار ما يعرف باسم «غافي» وهي العمليات المرتبطة بمكافحة غسيل الأموال ، مازالت النشاطات المالية للتنظيمات الإرهابية وعصابات الجريمة المنظمة تحقق عوائد مالية باهظة بأرقام سنوية تعادل الناتج القومي الفرنسي، اذ لم يتم تجميد سوى 300- 400 مليون دولار من هذه الأموال في جميع انحاء العالم. وتتحدث الهيئات المعنية عن إنفاق ما يصل الى 30 بليون دولار في عمليات التصدي لما بات يعرف باسم «اقتصاد الإرهاب».

مشاركة :