خفض الرئيس الأميركي المنتهية ولايته باراك أوباما، مستخدماً حقه بموجب الدستور على غرار أسلافه قبل خروجهم من البيت الأبيض، عقوبة سجن مسرّب وثائق موقع «ويكيليكس» الجندي السابق برادلي مانينغ من 35 سنة الى 7 سنوات تنتهي في 17 أيار (مايو) المقبل. لكن القرار أعتبر مفاجئاً بعدما استبعد البيت الأبيض في الأسابيع الماضية خفض أحكام أو إصدار اعفاءات، وفرض اخيراً عقوبات على أجهزة الاستخبارات الروسية التي اتهمها بقرصنة رسائل الكترونية للحزب الديموقراطي نشر «ويكيليكس» بعضها. وكان مانينغ الذي تحول في السجن الى امرأة تحمل اسم تشيلسي دين في آب (أغسطس) 2013 بتهمة تسريب 700 الف وثيقة سرية ديبلوماسية وعسكرية تتضمن سجلات عسكرية من حربي العراق وأفغانستان وتقارير ديبلوماسية حساسة وبعضها محرج عن قادة العالم وأحداث عالمية. وحاولت مانينغ التي بقيت معتقلة في سجن للرجال وأحياناً في زنزانة منفردة، الانتحار مرتين وسط انتقادات من ناشطين اعتبروا أن عقوبتها مفرطة في قسوتها نظراً الى ضعف حالتها النفسية. واعتبر تشايس سترانغيو من الاتحاد الأميركي للحريات المدنية أن قرار خفض العقوبة «قد ينقذ حياة تشيلسي»، في حين أعلن موقع ويكيليكس «الانتصار»، وكتب مؤسسه جوليان أسانج على «تويتر»: «نشكر كل من شارك في حملة العفو عن تشيلسي مانينغ. شجاعتكم وتصميمكم جعلا المستحيل ممكناً». وقبل أيام أبدى أسانج اللاجئ منذ حزيران (يونيو) الى سفارة الاكوادور في لندن، من أجل تفادي تسليمه إلى السويد التي تريد محاكمته بتهمة اغتصاب امرأتين، والتي ينفيها، استعداده لتسليم نفسه الى الولايات المتحدة إذا وافق أوباما على خفض عقوبة مانينغ، مشدداً على «عدم دستورية الملف الفاضح لوزارة العدل الأميركية ضده». لكن البيت الأبيض نفى أي علاقة بين قرار خفض عقوبة مانينغ وعرض أسانج. وأشار الناطق باسمه جوش أرنست الى الفارق الشاسع بين مانينغ التي حوكمت وأقرّت بفعلتها وقضية عميل الاستخبارات الأميركية السابق إدوارد سنودن الذي فرّ إلى هونغ كونغ ثم الى روسيا في 2013 بعدما سرب آلاف الوثائق السرية للصحافة كشفت عمليات مراقبة واسعة نفذتها الأجهزة الأميركية بعد اعتداءات 11 أيلول (سبتمبر) 2011. وكانت الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زخاروفا أعلنت أن سنودن حصل على إذن بالبقاء في روسيا لمدة عامين آخرين. وأبدى الجمهوريون غضبهم من قرار أوباما الذي وصفه رئيس مجلس النواب بول راين بأنه «شائن، لأن خيانة تشيلسي مانينغ عرّضت حياة الأميركيين الى خطر، وكشفت بعض أكثر أسرار بلدنا حساسية». وأضاف: «يترك الرئيس أوباما الآن سابقة خطيرة لأن الذين يقوضون أمننا الوطني لن تجري محاسبتهم على جرائمهم». وصرح السناتور الجمهوري توم كوتون، المرشح لقيادة الحزب مستقبلاً: «ليس علينا أن نعامل الخائن معاملة الشهيد. لا أفهم لماذا قد يشعر الرئيس بتعاطف خاص تجاه من عرّض حياة قواتنا وديبلوماسيينا ومسؤولي استخباراتنا وحلفائنا للخطر». وشمل قرار خفض العقوبة أيضاً 209 مدانين آخرين بينهم البورتوريكي أوسكار لوبيز ريفيرا الذي أمضى أكثر من ثلاثة عقود في السجن بتهم الارهاب. كما أصدر أوباما عفواً عاماً عن 64 محكوماً، أبرزهم الجنرال السابق جيمس كارترايت الذي أقرّ في تشرين الأول (أكتوبر) 2016، بأنه أدلى بإفادة كاذبة لمكتب التحقيقات الفيديرالي (إف بي آي) خلال تحقيق حول تسريبات تتعلق بهجوم معلوماتي أميركي استهدف البرنامج النووي الإيراني عام 2010. وشغل كارترايت منصب المسؤول الثاني في هيئة اركان القوات الأميركية، وتقاعد من مهماته في آب (اغسطس) 2011. ويتوقع مسؤولون صدور لائحة جديدة اليوم ينتظر كثيرون معرفة اذا كانت ستضم اسم الجندي الأميركي بو بيرغدال الذي كان اسيراً لدى حركة «طالبان» لمدة خمس سنوات قبل إطلاقه بصفقة تبادل أسرى تمهيداً لمحاكمته بتهمة الفرار من الجيش. وأشارت تكهنات الى أن أوباما قد يصدر عفواً عن حليفته هيلاري كلينتون التي تواجه اتهامات حول استخدامها خادماً خاصاً لبريدها حين كانت وزيرة للخارجية، من أجل تفادي ملاحقتها قانونياً خلال ولاية ترامب الذي يتسلم مهماته غداً.
مشاركة :