هل حان الوقت للرحيل نهى الصراف يوشك شهر يناير على مغادرة تقويم هذه السنة، وكان من أبرز إنجازاته إتمام ما بدأه ديسمبر من العام الراحل، كما هي العادة بتحقيق المزيد من الأرقام في سجّل الوفيات حيث ينتعش سوق الموت في هذه الفترة المحددة من نهاية العام القديم وبداية الجديد، كما تنتعش أسواق الملابس المستعملة في الأحياء الفقيرة. لكن، يبدو أن لشهر يناير وظيفة أخرى لا تبتعد كثيرا من سجل النهايات. “مرحبا بشهر الطلاق!”. هكذا يتندّر محامو الأحوال الشخصية أو تحديدا محامو الطلاق بالترويج لهذه المقولة الساخرة، مباشرة بعد انتهاء موسم الأعياد أي في شهر يناير من كل عام؛ فهو الوقت المفضل للأزواج، في أميركا مثلا، لتصفية حساباتهم واتخاذ قرار الانفصال الذي طالما سعوا إلى تأجيله من دون جدوى. في المملكة المتحدة وحدها تشير الإحصاءات إلى أن 1 من 5 قضايا الزيجات التي ينتهي أصحابها بتقديم طلب الانفصال إلى المحامي المتخصص بذلك، يتم في هذا التوقيت من العام. وأغلب الظن أن المحاكم المعنية تشهد فتورا في التعامل الجاد مع زبائنها بسبب الأعياد وعطلة الموظفين، كما يشعر بعض الأزواج والزوجات بالحرج للإشهار بعدم قدرتهم على مواصلة الحياة الزوجية قبل أن تنتهي عطلة الأعياد وتنفضّ الجموع عن مشهد الفرح المزيف، عيد واحد أخير على الأقل لمصلحة الأطفال وتجمّع عائلي للذكرى! لكن متخصصين يرجحون بأن الأطفال أكثر فطنة مما قد نعتقد، فهم يشمّون رائحة الخلافات من على بعد ميل. ولهذا، لا يصح أن يعتبرهم الأبوان حجة لتأجيل الانفصال الذي قد يكون ضرورة، كما لا ينبغي أن يكبروا وهم يعتقدون بأن العلاقة المتأزمة بين الأبوين هي الأمر الطبيعي. فمتى يحين الوقت لإنهاء علاقة زوجية ما؟ ليس هنالك وقت مثالي للطلاق، إلا إذا تأكد لأحد الطرفين أو كليهما بأن الوقت قد حان فعلا لإنهاء هذه العلاقة. وبما أنه لا توجد تكهنات أو نصائح سحرية يمكنها أن تكشف اللثام عن هذا الوقت المناسب، إلا أن هناك بعض العلامات التي تسترعي الاهتمام ويمكن للطرفين أن يستدلّا من خلالها، بأن الأمور لا تسير على ما يرام وأن الانفصال هو الشرّ الأخير. وأهم هذه العلامات، بحسب علماء الاجتماع، عندما يرى طرفا العلاقة بأن الاستمرار هو أهون الشرّين ولسان حالهما يقول؛ بدلا عن مشقة البحث عن شريك جديد بكل ما تحمل الكلمة من مخاطرة، لماذا لا يتم الاحتفاظ بما هو موجود بالفعل؟ أما العلامة الأكثر وضوحا فهي حين يتم التركيز في الحديث والتفكير على “أنا” بدلا عن “نحن”، في إشارة إلى أن أحد الطرفين على الأقل صار على استعداد نفسي للانفصال. كما يعد فقدان الثقة والاحترام المتبادلين بين الطرفين من أبرز علامات انهيار العلاقة، فإذا فشل أحد الطرفين في استرداد ثقته بالآخر فلا مستقبل لهذه العلاقة. لكن جرس الإنذار الذي لا ينبغي التغاضي عنه في أي علاقة زواج أو حب، هي رغبة أحد الطرفين في أن يتغير شريكه في بعض جوانب شخصيته وهو أمل ضعيف جدا، خاصة مع طول فترة العلاقة وتعذر حصول التغيير المنشود، بل إن العكس قد يحدث فيبدأ الشريك بالتشبث بالصفات ذاتها، رغبة في التحدي ونوع من العناد الذي ربما يكون مقبولا في البدايات لكنه قد يكون خطوة أولى في درب الرحيل المحتم. النصيحة الأخيرة تقول “لا تشغلوا أنفسكم بضخ الأدوية والمسكنات لجسد الحب الذي يعاني موتا سريريا في غرفة الإنعاش، فالأفضل أن يتحلى أحدكم بالشجاعة ويضع خطوة أولى على طريق «الموت الرحيم»”. كاتبة عراقية مقيمة في لندن باهر/12
مشاركة :