بين العين والحسد

  • 1/21/2017
  • 00:00
  • 28
  • 0
  • 0
news-picture

مؤمن جدّاً بأن المعرفة أصل السلوك ومؤمن جدّاً بأن المعارف والثقافات التي تُصب في عقول الناس نِتاجها السلوكي هو مخرجاتها التحصيلية، سواء كان على مستوى الفرد أو المجتمع أو الوطن، فبينما نبحث عن أسباب شُح الإنتاجية المادية والفكرية والتقنية، لدى إنسان العالم الثالث نجد التبعية المطلقة وتوقف الفكر في إدارة شؤون حياته التعليمية والتربوية والمعيشية وبالتالي توقف الأفكار التي قد ينتج عنها مُنتج يثري حياته ووطنه، خصوصاً أنه ارتكن إلى التبعية المطلقة في معارفه وثقافاته وسلوك حياته دون أن يتفكر في الطالح والصالح منها ودون تمييز المعارف الصحيحة المنتجة من المعارف العقيمة المُستهلكة لموارده المحدودة، وعلى سبيل المثال انتشار العين والحسد كمعرفة بين الناس اعتقدوا كل الاعتقاد بأنها هي سبب الشقاء الذي يتلبس حياتهم والعائق أمام نجاحهم. مؤمن جدّاً بأن العين حق والحسد موجود ولكنه ليس بذلك الكم والكيف، والحجم المبالغ فيه، الذي جعله الحبل الذي نعلق عليه كل مصائبنا وأمراضنا وفشلنا، وهي سر تحديد وتأطير المعرفة لدينا، التي لا تبحث عن مسببات أخرى لواقع مشكلاتنا لتنتهي المعرفة لدينا عند حدوث أمر ما لأحدنا بأنه عين أو حسد ليصبح الإنسان فينا حبيس تلك المعرفة العقيمة التي تمنع البحث أو التقصي أو أي فكرة جديدة لحل تلك المشكلات، وبالتالي تَحُد من مستوى الفكر والتفكر والتجديد المعرفي لأي استقصاء آخر، علماً أن العلاج معروف وهو القرآن فإن صح السبب تم العلاج، وانتهت المشكلة، وإن استمرت أعراض تلك المشكلة رغم القرآن فاعلم أن هناك أسباباً أخرى علينا بالبحث والتقصي فيها كي نصل إلى حلول معرفية جديدة توجد أفكاراً جديدة لاستحداث حلول مادية طبية كانت أم تقنية أم. إلخ، فعلى سبيل المثال يقول الشيخ العمري وهو المعالج الشهير بالقرآن والطب النبوي في أحد لقاءاته: لا يأتيني إلا المغفلون، فذات يوم جاءتني امرأة تقول: «قالوا لي إنني ملبوسة، ولي عشرون عاماً يقرأون عليَّ ويضربونني مع القراءة منذ ذلك الحين حتى انسلخ جلدي»، فقلت لها: ما فيك شيء، فأصرت، فقلت لها: اجلسي سأقرأ عليك وسيتبين لنا، يقول: عندها بسملت ثم قرأت قصيدة شعرية وإذا بها تصيح، فضحكت وقلت لها كيف تصيحين وأنا لم أقرأ عليك قرآناً، هذا شعر، قومي والله ما فيك شيء. كثيرون من تلبستهم تلك المعرفة حتى شلت قدراتهم العقلية والتفكيرية والجسدية وطاقات الإبداع لديهم على مستوى الفرد ومن ثم المجتمع والوطن، فلو قُدّ قميص أحدهم لقال: عين أو حسد. فإذا كان كل ما يصيبنا في حياتنا اليومية ننسبه إلى العين والحسد فالأولى بنا أن نعيش معزولين عن هذا العالم الثري بالإنتاجية دون أن يقف العين والحسد عائقاً لسعادة حياتهم وتطور أوطانهم.

مشاركة :