الشارقة: مصعب شريف كل شيء في دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة يتحدث عن الإبداع والثقافة والفنون، إذ يقسم مبنى الدائرة المسؤولة عن العمل الثقافي في الإمارة إلى عدة أقسام تنظم عشرات المهرجانات المعنية بالتثقيف، وتخرج للإمارات والمنطقة آلاف الإصدارات في ضروب الإبداع المختلفة، ووسط هذه الأجواء تقف مكتبة دائرة الثقافة والإعلام لتتسع لكل هذا الزخم المعرفي الإنساني، حيث تضم بين أرففها مئات الإصدارات في مختلف أبواب المعرفة كما توفر مادة ثقافية متميزة للباحثين والطلاب والعاملين في المؤسسة، الذين يرتبط عملهم بها بشكل وثيق، فضلاً عن تخصيص مساحة واسعة جداً لاصدارات الدائرة في الشعر والقصة القصيرة والرواية والترجمات والكتب النقدية والبحثية في المسرح والفنون والآداب وغيرها من المنتوج الثقافي الإنساني. عبر جولة واحدة في المكتبة المهيأة بكل ما يجعل منها مكاناً مناسباً للاطلاع والبحث والكتابة بشكل هادئ ومريح للزوار، يمكنك أن تقف على تنوع المكتبة وثرائها، بدءًا من أدب الناشئين، الذي تزين إصداراته أرفف المكتبة إلى جانب كتب أخرى في التربية الجمالية، والسلسلة المسرحية التي تضم مجموعة من المؤلفات الإماراتية والعربية في المسرح وقضاياه، كذلك يمكنك أن تجد وقائع ندوات مختلفة قامت الدائرة بتوثيقها في إصدارات تسهل على الباحثين الحصول على المعلومات. كل ذلك جنباً إلى جنب مجلدات التراث الضخمة وكتب أخرى من إصدارات الدائرة الخاصة مثل سلسلة كتاب مجلة الرافد والأعمال الأدبية الفائزة بجائزة الشارقة للإبداع، والرسائل الجامعية المتميزة، المقرونة بدراسات وشهادات ودراسات نقدية، ولا تغيب عن أروقة المكتبة الإصدارات العالمية المتخصصة والكتب المختلفة التي تقتنيها الدائرة بشكل دوري، ويشكل الجانب التوثيقي حضوراً بارزاً في المكتبة التي تضم أرشيفاً متنوعاً للصحف الإماراتية التي تناولت أخبار المؤسسة منذ تأسيسها، وهي مواد أرشيفية مبوبة بشكل جاذب يجعل من العمل البحثي أمراً يسيراً. كل هذه الأقسام بمحتوياتها المتنوعة تتسق والرؤية العامة للدائرة التي تهدف لتحديد أولويات العمل الثقافي بما يتفق مع الاحتياجات الفعلية في استراتيجية طويلة المدى، وهو الهدف الذي تعمل المكتبة كذلك على تحقيقه من خلال تنمية روح البحث والاطلاع لدى العاملين في الحقل الثقافي والزوار، كما يهدف الجانب التوثيقي الذي تضطلع به للمحافظة على الثقافة والفنون الوطنية، حيث يمكنك أن تجد في الأقسام المختلفة عناية خاصة بالمنجز الثقافي والفكري الإماراتي في جهد توثيقي كبير، يوازي هدف المؤسسة الذي يعمل من خلال هذه الإضاءات على تقديم الأنشطة والبرامج التي تعمل على تأصيل القيم العربية والإسلامية التي تسهم في إيجاد الشخصية الوطنية القادرة على العطاء، عبر المحافظة على التراث الإماراتي والعربي والتعريف به والتعرف إليه بشكل أكثر قرباً، ما يؤدي لتوسيع أطر وآفاق المعرفة بما يخدم أهداف التنمية بمنظورها الشمولي اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً عبر تنمية جهود البحث واستكشاف الآثار والمحافظة على ما تم اكتشافه. يعرب أسامة مرة، مسؤول الإعلام بالدائرة، عن سعادته بوجود المكتبة، مشيراً إلى أنها تعني الكثير لمن يعملون في الدائرة، وتشير إلى قدرتهم على تطوير ذواتهم وقدراتهم بشكل مستمر، ويتابع قائلاً: بمعزل عن وضعي الوظيفي كمسؤول الإعلام في الدائرة، إلا أني متعلق بالكتابة والكتاب منذ الصبا، لذلك كان مبهجاً بالنسبة لي ولزملائي أن تتزود الدائرة بمكتبة منذ انتقالها للمبنى الجديد في العام 2011. ويضيف مرة، أنهم يلجؤون لها بشكل مستمر، ولا يقتصر وجودهم في أرجاء المكتبة على أوقات الفراغ فقط، بل حتى أثناء ساعات العمل، التي تتطلب الاستعانة بمراجع وكتب موجودة في المكتبة، ويرى أنها إلى جانب دورها المعرفي تمثل نافذة راحة على الصعيد النفسي والمهني، وتضفي إيجابية كبيرة على أجواء العمل التي تكون حينها مكرسة للبحث والاطلاع، حيث يقضي الموظفون فيها أوقاتاً بعيدة عن الروتين اليومي، تنقلهم عبر أجوائها إلى عوالم مغايرة ومعارف متجددة. تشير تهاني مسلط، مسؤولة المكتبة، إلى أنها تضم إصدارات الدائرة منذ بداية مشروعها في النشر وحتى الآن، إلى جانب أرشيف متكامل لجميع فعاليات الدائرة الثقافية التي نشرت في الصحف الإماراتية. وتضيف أن المكتبة تحتفي بالدراسات والمنجز الثقافي الإماراتي بشكل خاص، مشيرة إلى أن رواد المكتبة هم الموظفون والمراجعون الذين يأتون لإنجاز عمل في الدائرة ودائماً ما يقضون فترة الانتظار بين الكتب في المكتبة التي تعمل طوال ساعت الدوام الرسمي، كما أن هنالك من يأتي لإنجاز عمله في المكتبة. يقول محمد عبد الله، وهو أحد الباحثين المداومين على الحضور لمكتبة دائرة الثقافة والإعلام، إنه قصد الدائرة في أول الأمر للتسجيل في إحدى فعالياتها الثقافية ولما كان الإجراء يتطلب أن ينتظر لفترة من الزمن حتى تتم خدمته، أرشده الموظف إلى أن بإمكانه الانتظار في المكتبة ليجد هنالك مراجعين آخرين وموظفين كل فرد ينكب على أحد الكتب وسط هدوء تام، وهو الأمر الذي عرفه على ما يصفها بالكنوز التي تضمها المكتبة، ويشير عبد الله إلى أنه أصبح يداوم على الحضور للمكتبة منذ ذلك اليوم ، لأنه وجد بين محتوياتها ما أرشده لإكمال بحوثه عن المسرح العربي، مبيناً أنه وجد فيها إصدارات كان يبحث عنها لفترة طويلة. أما الطالب إبراهيم مصباح، فيشير إلى أنه يقصد المكتبة في فترات متفاوتة لكونها تمثل له متنفساً يضعه في رحاب المعرفة، مشيراً إلى أن موظفي الدائرة محظوظون بوجود هذه المعارف بينهم، ويعرب مصباح عن أمله في أن تحذو جميع المؤسسات حذو الدائرة في توفير مكتبة للموظفين حتى تسهم في تطوير قدرات الجميع. ويوضح أنه لو أنشأت كل مؤسسة مكتبة متخصصة في مبانيها لاختلفت أنماط العمل وزاد ارتباط الناس بمؤسساتهم وارتفعت كفاءتهم في العمل، مشيراً إلى ضرورة أن يواكب الموظفون ما يستجد في مجالاتهم بشكل مستمر حتى وإن كانوا يعملون خارج الحقل الثقافي، لكون المعرفة أساس التطور.
مشاركة :