تعكس «زحمة» الحركة الديبلوماسية العربية والغربية في اتجاه بيروت كما «حركة الأسفار» التي يتهيّأ رئيس الجمهورية ميشال عون لاستكمالها بعدما «دشّنها» من السعودية ثم قطر، الأهمية التي تعلّقها عواصم القرار في العالم و«دول التأثير» في الواقع اللبناني على رعاية المرحلة الجديدة التي دخلتْها «بلاد الأرز» منذ إنهاء الفراغ الرئاسي على قاعدة تسويةٍ «تسلّلتْ» بين «حقل الألغام» الإقليمي وحظيتْ بغطاءٍ سعودي وايراني وقضتْ بانتخاب عون وعودة زعيم «تيار المستقبل» سعد الحريري الى رئاسة الحكومة. وترتسم في بيروت منذ ما قبل محطة عون في السعودية وقطر ملامح «سباق» بين حركة الموفدين الى لبنان، وبين «أجندة» زيارات رئيس الجمهورية الذي يتحضّر في الأيام القليلة المقبلة للتوجّه الى مصر وبعدها الأردن، وسط معلومات عن اتجاه لأن يزور روما ايضاً بعدما ارتؤي ترْك محطة باريس الى ما بعد الانتخابات الرئاسية كي تأتي المحادثات بمفعولها المرجو مع العهد الجديد في فرنسا. وفي حين أجرى وزير الخارجية العراقي ابراهيم الجعفري امس محادثات مع عون ورئيسيْ البرلمان نبيه بري والحكومة سعد الحريري، كانت بيروت تودّع الأمين العام لجامعة العربية احمد ابو الغيط بعدما كانت له اول من امس مباحثات مع كبار المسؤولين اتُفق خلالها على ان تكون للرئيس اللبناني كلمة امام الجامعة العربية، خلال زيارته القاهرة قريباً. وفيما عبّر ابو الغيط قبيل مغادرته عن سعادته بـ «الجو الجديد في لبنان الذي يبشّر بمرحلة ملؤها التفاؤل»، كان الجعفري ينقل الى عون رسالة من نظيره العراقي فؤاد معصوم ضمّنها التهنئة بانتخابه رئيساً ودعوة لزيارة بغداد سيتم البحث في تفاصيلها عبر القنوات الديبلوماسية، علماً ان المباحثات تناولت العلاقات الثنائية والوضع الاقليمي والقمة العربية المقبلة. واذ أكد رئيس الجمهورية على «حرص لبنان على تطوير العلاقات اللبنانية -العراقية»، متمنياً أن يستعيد العراق أمنه واستقراره ويبسط سيادته على كل أراضيه، ومشدداً على «أن لبنان بدأ مرحلة النهوض (...) ومواجهة الارهاب ليست مسؤولية دولة واحدة بل تتطلب تعاوناً وتنسيقاً بين كل الدول»، وشكر الجعفري عون على وقوف لبنان الى جانب العراق في المحافل الاقليمية والدولية، مؤكداً أن بلاده «لا تتدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية وتريد لها الخير والتقدم والازدهار»، عارضاً «الدور الذي تلعبه العراق في مواجهة التنظيمات الارهابية والممارسات التي ترتكبها بحق الشعب العراقي». وأشار الجعفري «الى آخر التطورات والأحداث الأمنية في العراق والانتصارات العسكرية التي يحققها ابناء القوات المسلحة العراقية»، موضحاً «اننا توقفنا مع الرئيس عون عند الأحداث في سورية التي نأمل أن تستعيد مكانتها في الجامعة العربية وضمن الحاضنة العربية». كما يبدأ المستشار الخاص لرئيس مجلس الشورى الايراني للشؤون الدولية حسين أمير عبداللهيان، زيارة غدا لبيروت في محطةٍ تعكس حرص طهران على إظهار «فائض الرعاية» للوضع اللبناني الجديد، ولا سيما ان هذه الزيارة هي الرابعة لمسؤول ايراني لبيروت منذ انتخاب عون رئيساً، وتأتي بعد 17 يوماً على المحادثات التي أجراها رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشوري الايراني علاء الدين بروجردي في لبنان عشية توجّه عون الى الرياض. علماً ان طهران كانت أوفدتْ وزير خارجيتها محمد جواد ظريف الى بيروت في 7 نوفمبر الماضي، قبل ان يزورها في 22 ديسمبر مستشاره للشؤون العربية والافريقية حسين جابر الانصاري. وفي حين تكتسب زيارة عبد اللهيان أهميتها لأنها تأتي بعد تصريحات ظريف من دافوس عن انه «يجب أن تتعاون إيران والسعودية بشأن سورية بعد حوارٍ ناجح بشأن لبنان» وهو ما فُسّر على انه يعكس رغبة في تقديم التسوية التي حصلت في لبنان كنموذجٍ يمكن ان يُحتذى لحوارٍ ايراني - سعودي حول سورية واليمن، تستعدّ بيروت الثلاثاء لاستقبال وفد وزاري سعودي يتقدّمه وزير الدولة لشؤون الخليج العربي ثامر السبهان الذي كان زار لبنان قبل أربعة أيام من انتخاب عون مكرّساً «المباركة» السعودية لهذا الانتخاب. وتأتي محادثات الوفد الوزاري السعودي ترجمةً لما كانت أفضت اليه زيارة عون للمملكة من اتفاق على استكمال نتائجها ثنائياً عبر الوزارات المعنية، وهي تسبق محطة بالغة الأهمية للممثلة العليا للاتحاد الاوروبي للشؤون الخارجية والسياسية والأمنية فيديريكا موغريني التي تصل الى بيروت مساء الأربعاء للقاء كبار المسؤولين والبحث معهم في مختلف الملفات، وأبرزها النزوح السوري وتأكيد دعم المجتمع الدولي للمرحلة الجديدة في لبنان ووجوب إجراء الانتخابات النيابية في موعدها.
مشاركة :