نجحت وزارة الداخلية السعودية خلال أسابيع قليلة مضت من بداية العام 2017 في إثبات قدراتها الفنية والاستخباراتية في مواجهة الإرهابيين، باتباع أسلوب "الضربات الاستباقية المباغتة"، عبر مداهمة أوكارهم، والقبض عليهم أو قتلهم؛ وهو ما أفسد أي مخططات كانوا وضعوها لارتكاب جرائم بحق المجتمع. وتمكنت سياسة "الضربات الاستباقية" من كبح جماح خطر الجماعات المتطرفة الإرهابية، وشل يد رؤوس الفتن وقتلة الأبرياء وترويع الآمنين. يُضاف إلى ذلك أن هذه الضربات التي تعلنها الوزارة من فترة إلى أخرى بثت شعور الطمأنينة في نفوس المواطنين، الذين أدركوا أن أجهزتهم الأمنية لديها قدرات خارقة، وعلى قدر عال من الخبرة والحنكة في توفير معلومات استخباراتية عن أماكن تجمع الإرهابيين، وما يخططون له، والهجوم عليهم في الوقت المناسب، قبيل تنفيذ مخططاتهم الإجرامية. خبرات قوات الأمن السعودية تجاوزت حد القدرة على تأمين المعلومات الاستخباراتية، ووصلت إلى التعامل المسلح الجيد مع الإرهابيين، الذين اعتادوا على تفخيخ أنفسهم بأحزمة ناسفة، ومن ثم الانتحار إذا ما شعروا بمداهمة قوات الأمن لهم؛ إذ نجحت الأجهزة الأمنية في القبض على بعض الإرهابيين قبل تفجير أنفسهم، فيما قضى آخرون أثناء عمليات المداهمة. وفي الأسابيع الثلاثة الماضية شهدت ثلاث مناطق مختلفة بالسعودية "ضربات استباقية"، وجهتها قوات الأمن إلى بؤر إرهابية "كامنة"، قبل أن تنفذ ما خططت له، كان آخرها عندما داهمت قوات الأمن أمس وكرين إرهابيين لخلية إرهابية بشكل متزامن، وقع الأول منهما بحي الحرازات بمحافظة جدة، وهو عبارة عن استراحة، اتخذها عناصر الإجرام مأوى لهم ومعملاً لتصنيع الأحزمة الناسفة والعبوات المتفجرة. وبتطويقها وتأمين المواقع المجاورة لها بادر من فيها، وهما شخصان، بإطلاق النار بشكل كثيف على رجال الأمن، ولم يستجيبا لكل النداءات التي وُجّهت لهما بتسليم نفسيهما؛ ما اقتضى الرد عليهما بالمثل وفقًا لما تطلَّبه الموقف. وقال بيان الوزارة إن العنصرَين الإرهابيَّين حينما يئسا من القدرة على الإفلات من قبضة رجال الأمن أقدما على تفجير نفسيهما بواسطة أحزمة ناسفة؛ ما أدى لتطاير أشلائهما في موقع الاستراحة مع انفجار المعمل الذي بداخلها، فيما لم يصب أحد من الموجودين بجوار موقعها، الذي تم تأمينه قبل المداهمة، أو أحد من المارة أو رجال الأمن بأي أذى. وكان الوكر الثاني بحسب بيان الداخلية عبارة عن شقة سكنية بحي النسيم بمحافظة جدة، يوجد فيها شخص ثالث، يرتبط بمن تم التعامل معهما داخل الاستراحة، وتمكنت قوات الأمن في عملية مباغتة من إلقاء القبض عليه قبل أن يتمكن من المقاومة، وقبض بمعيته على امرأة تدعى فاطمة رمضان بالوشي علي مراد "باكستانية الجنسية"، يدعي المذكور أنها زوجته. كما ضبط بشقته على سلاح رشاش، وحقيبة مشركة، وأجهزة هاتف جوال في حالة تشريك غير مكتملة. وفي ضربة أمنية استباقية، اعتمدت على معلومات مخابراتية، أعلنت السلطات الأمنية يوم الثلاثاء الماضي أنها ألقت القبض على حسين محمد علي الفرج (سعودي الجنسية)، وهو أحد المطلوبين لتورطه في عدد من العمليات الإرهابية في محافظة القطيف في المنطقة الشرقية. وأوضحت الوزارة أن عملية القبض تمت في إطار تعقب المتورطين في الأنشطة الإرهابية بالقطيف، التي تستهدف أرواح الأبرياء وإثارة الفوضى وتخريب المرافق العامة والإخلال بالنظام العام. وكانت "خلية القطيف" قد تورطت بعدد من القضايا التي وقعت في محافظة القطيف ومدينة الدمام، وتمثلت في استهداف مواطنين ومقيمين ورجال أمن، وتخريب المرافق العامة والمنشآت الأمنية والاقتصادية، وتعطيل الحياة العامة. ضربة استباقية أخرى وجهتها الوزارة لعناصر إرهابية في السابع من يناير الحالي في حي الياسمين في الرياض، أسفرت عن مقتل "إرهابيَّيْن" اثنين وإصابة رجل أمن؛ إذ أعلنت الوزارة أن الجهات الأمنية تمكنت من رصد مكان وجود المطلوب الخطر طايع بن سالم بن يسلم الصيعري (سعودي الجنسية) "لدوره الخطير في تصنيع أحزمة ناسفة، نُفذ بها عدد من الجرائم الإرهابية"، وكان مختبئًا في منزل يقع بحي الياسمين، ومعه شخص آخر، هو طلال بن سمران الصاعدي (سعودي الجنسية)، واتخذا من ذلك المنزل وكرًا إرهابيًّا لتصنيع المواد المتفجرة من أحزمة وعبوات ناسفة. وباشرت عناصر الأمن "تطويق الموقع وتوجيه نداءات لهما في الوقت ذاته لتسليم نفسيهما، إلا أنهما رفضا الاستجابة، وبادرا بإطلاق النار بشكل كثيف على رجال الأمن في محاولة للهروب من الموقع؛ ما أوجب تحييد خطرهما، خاصة أنهما يرتديان حزامين ناسفين، كانا على وشك استخدامهما". وقد نتج من العملية مقتلهما قبيل هروبهما من المكان، بعدما أطلق عليهما رجل الأمن العريف جبران العواجي الرصاص في مشهد بطولي، يشير إلى كفاءة أفراد الأمن وقدرتهم على المواجهة. وتحظى جهود أفراد الأمن دائمًا بإشادة من ولاة الأمر، وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف وزير الداخلية، وولي ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، الذين يكافئون رجال الأمن على تضحياتهم وجهودهم، وهو ما حصل أخيرًا مع العريف جبران العواجي.
مشاركة :