تتخوف السلطات المصرية من وقوع اشتباكات في محيط مسجد الإمام الحسين بوسط العاصمة القاهرة، بالتزامن مع الاحتفال بذكرى «استقرار رأس الإمام الحسين» بمصر، خاصة أن ليلة الاحتفال الرئيسية ستكون عشية الذكرى السادسة لثورة «25 يناير» التي أطاحت بحكم حسني مبارك عام 2011. وتتجه السلطات لإغلاق المسجد والضريح نهائيا، فضلا عن التحقق من هويات المترددين على المسجد، وسط تشديدات وتواجد عناصر أمنية داخل وخارج المسجد، خوفا من اندساس عناصر تخريبية من بعض الجماعات، أو عناصر متطرفة اعتادت التواجد في هذه الاحتفالات، لممارسة بعض الطقوس. وتسود حالة من الترقب والحذر الشديدين في محيط مسجد الحسين من الآن، لمنع وقوع صدام بين المتطرفين، أو من يندسون للقيام بأعمال تخريبية. وقال مصدر في وزارة الأوقاف، وهي المسؤولة عن المساجد، إنه «تم التنبيه بضرورة توقيف أي مُصلٍ يدخل للمسجد يُشتبه في انتمائه للشيعة». مضيفا أن «الأجهزة الأمنية ما زالت تدرس منع أو إقامة الاحتفالات الأربعاء المقبل، تحسبا لقيام متطرفين بممارساتهم وطقوسهم الخاصة بهم، مما ينذر بوقوع مشاهد دامية». وتُحذر الأوقاف من القيام بأي ممارسات طائفية داخل مساجد آل البيت، مشددة على أنها ستتصدى بكل قوة لذلك. ويوجد في مصر عدة مقامات وأضرحة ومشاهد لآل البيت، تُشرف عليها وتديرها الدولة ممثلة في وزارة الأوقاف، وهي إن كانت مقدسة لدى الشيعة، فإنها تعد مزارات عادية لغالبية المصريين، مثل ضريح الحسين بن علي القريب من الجامع الأزهر بوسط القاهرة (والذي يُزعم أن رأس الحسين مدفون به)، وضريح السيدة زينب بنت علي (وهي نفسها التي يوجد لها مقام جنوب العاصمة السورية دمشق) في منطقة السيدة زينب، وضريح السيدة سكينة بنت الحسين، وضريح السيدة نفيسة بنت الحسن. وسبق أن قام متشددون من أهالي «عزبة أبو مسلم» بمركز «أبو النمرس»، بالقرب من منطقة الأهرامات المصرية الشهيرة، غرب القاهرة، في يونيو (حزيران) عام 2013 وقت حكم الرئيس محمد مرسي، المنتمي لجماعة الإخوان، باقتحام منزل يسكنه عدد من الشيعة وأضرموا فيه النار أثناء احتفالهم بليلة النصف من شعبان، وقتلوا 4 أشخاص، بينهم حسن شحاتة، والذي يُدعى الزعيم الروحي لمعتنقي المذهب الشيعي بمصر. وتقول وزارة الأوقاف، إن «ما يحدث من طقوس لا أصل له في الإسلام، ويمكن أن ينتج عنه مشكلات في المجتمع». ويشار إلى أن هناك معركة سنوية تجدد مرتين في العام بين الائتلافات الشيعية والطرق الصوفية، تزامنا مع الذكرى السنوية لعاشوراء، وذكرى زعم استقرار رأس الحسين بمصر. وتنظم بعض الائتلافات المصرية خلال هاتين المناسبتين فعاليات في محيط الحسين، لمنع أي تواجد للشيعة، خاصة داخل ضريح الحسين. بينما قالت مصادر أمنية، موجودة في محيط مسجد الحسين، إنه «تم الدفع بتشكيلات أمنية لتأمين منطقة الحسين منذ أمس وحتى موعد الليلة الختامية، تخوفا من وقوع أي اشتباكات، والتصدي لأي محاولات تخريبية قد تسفر عن اشتباكات وأحداث عنف، خاصة أنها تتزامن مع ذكرى الثورة». ولا يوجد حصر دقيق لأعداد الشيعة بمصر؛ لكن مصادر شيعية تدعي أن عددهم 3 ملايين نسمة، أما المصادر غير الرسمية في الدولة فتشير إلى أن أعدادهم لا تزيد على 18 ألفا فقط. وأنه جراء خوفهم من إعلان اعتناقهم للمذهب الشيعي، يمارسون عقيدتهم في الخفاء ولا يعلنون ذلك؛ لكن منذ ثورة «25 يناير» عام 2011، أعلنوا عن ممارسة شعائرهم في العلن، وطالبوا الحكومة بتخصيص مقاعد لهم في مجلس النواب (البرلمان)، لكن طلبهم قُوبل بعدم الاعتناء. وترفض وزارة الأوقاف منح الشيعة تصريحا رسميا بإقامة أي شعائر خاصة بهم. وقال قيادي في الطرق الصوفية إنه «يتم تشكيل لجان من الطرق الصوفية لرصد أي محاولات للشيعة بإحياء طقوس الاحتفال، سواء داخل أو خارج مسجد الحسين». وتتخوف السلطات من دعوات للتظاهر في ذكرى الثورة التي أطاحت بحكم مبارك بعد 30 عاما في السلطة، وقال مراقبون إن «الاحتفال يشكل تحديا للسلطات المصرية، خاصة في ظل انشغال الأجهزة الأمنية بتأمين ذكرى ثورة يناير، في ظل الأحداث التي تشهدها البلاد». في السياق ذاته، أكدت المصادر الأمنية نفسها أن «السلطات تفرض إجراءات مشددة على دور العبادة خلال ذكرى الثورة. والأجهزة رفعت حالة الاستنفار الأمني بمحيط مسجد الحسين»، مضيفة أنه «حاليا يتم إغلاق المسجد عقب الانتهاء من كل صلاة، وفتحه للمصلين قبل الأذان بربع ساعة، ومنع التواجد بمحيطه عقب الانتهاء من الصلاة».
مشاركة :